بيروت - فادي سماحة
اعتبر رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون ، في تصريحات على هامش زيارته الرسمية إلى إيطاليا أن اللبنانيين قد يركبون أحيانًا موجة الانقسامات السياسية، لكن انقساماتهم لم تعد تتخطى السياسة ، وسقفها وحدتهم الوطنية ، لافتًا إلى أن لبنان الذي يحاول التطرف ضربه هو أرض يشكل فيها الحوار الإسلامي المسيحي ثقافة جوهرية وأسلوب حياة طالما تميزنا بهما عن باقي العالم.
وأكد الرئيس الإيطالي سيرغيو ماتاريلا، خلال استقباله عون ، استمرار بلاده بدعم لبنان على مختلف الصعد ، اقتصاديًا وتربويًا وعسكريًا ، وعلى استمرار المشاركة الإيطالية في قوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان "اليونيفيل" ، قدم رئيس الجمهورية اللبنانية إلى نظيره الإيطالي دعوة لزيارة لبنان ، الذي وعد في تلبيتها، كما أكد الرئيسان أهمية الحفاظ على الاستقرار والسلام في لبنان.
وقدّم عون خلال افتتاحه مؤتمر "حوارات المتوسط 2017 MED" في إيطاليا مطالعة عن موضوع التطرف وأسبابه وسبل معالجته ، قائلًا "أبلغت سفراء الدول الأوروبية وكل من زارني من سياسيين غربيين بأن ما يعد للمشرق، إذا ما قيض له النجاح، لن تقتصر أضراره علينا بل ستكون له انعكاسات كبرى في أوروبا، ولن تكون هناك من حدود فاصلة، فالمتوسط يجمعنا ، لكن المخطط كان أقوى من أي تحذير، وها هو شرقنا كله يعاني عبء التداعيات، وها هو التطرف يتنقل من دولة إلى أخرى في أوروبا.
واعتبر عون أنه إن كان المتضررون من التطرف كثرا فإن المستفيدين منه كثر أيضًا ، فلا تطرف يكبر ويتمدد ويقوى من دون دول راعية ، قائلًا "عوامل عدة تتضافر وتمهد الطريق لنشوء التطرف ، أولها نظام تعسفي ، بديمقراطية مزيفة أو ديكتاتورية معلنة، لا يجد فيها المواطن فسحة للتعبير أو إمكانية لتغيير السلطة بالطرق الديمقراطية، معطوفًا على الفقر والحاجة والجهل، ثم فكر متطرف وتعصب يحرك الغرائز ويقتل العقل ويشل المنطق ويقدم الحلول الوهمية فيسهل التطويع ، ثم دولة، أو دول، تستغل كل هذا فتمول وتدعم، وتستولد تطرفًا جديدًا بمسمى جديد، وتستخدمه لتحقيق مصالحها عبر ضرب دول أخرى، باقتصادها، بأمنها، وباستقرارها".
وأضاف عون "لكن المعادلة إياها تقول إن آلات الدمار تلك قد تخرج عن السيطرة وتبدأ بالضرب خبط عشواء ، وهذا ما حصل بالضبط مع التطرف الجاري ، فقد بدأ نشاطه الإجرامي في بعض الدول العربية التي عصف بها ما سمي بـ"الربيع" ، ولكنه ما لبث أن توسع وامتد ليضرب أوروبا في عمقها فأصاب مما أصاب باريس ولندن وبروكسل ومدريد ونيس وميونيخ وكذلك الولايات المتحدة وسواها ، لافتًا إلى أن الخطر اليوم متنقل والتهديد جدي بين خلايا نائمة وذئاب متوحدة ، ولا أحد يعرف كيف يمكن أن يضرب أو أين، ولا إلى أين يمكن أن يصل أو كيف سينتهي".
وشدد الرئيس اللبناني على أنه للتصدي لبقاء العالم فريسة التطرف القاتل لا بد من وضع أسس لمعالجة مزدوجة ، آنية تقضي على الواقع الحالي، وجذرية تمنع تكرار قيامه مستقبلًا ، قائلًا "إذا كانت المعالجة الآنية تقضي بصد التطرف عسكريًا وردعه بالقوة وتجفيف المنابع المالية التي تغذيه ، ومنع رفده بعناصر جديدة ، فإن المعالجة الجذرية هي الأهم، لأنها تمنع قيامه من جديد من خلال القضاء على مسوغات وجوده، أي الآيديولوجيا".
وجدد عون ترشيحه لبنان كي يكون مركزًا دائمًا للحوار بين مختلف الحضارات والديانات والأعراق ، واعتبر أن الحضارة المتوسطية هي خير من يحتضن هذا الحوار من خلال الروابط التاريخية والثقافية التي تجمع بينها، وهي المعنية أكثر من سواها بالحوار بين الحضارات والأديان، للقضاء على التطرف والعنف اللذين يجتاحان العالم.
أرسل تعليقك