جدل في لبنان بشأن تبعات إلغاء قانون الضرائب على يد المجلس الدستوري
آخر تحديث GMT17:11:07
 العرب اليوم -

جدل في لبنان بشأن تبعات إلغاء قانون الضرائب على يد المجلس الدستوري

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - جدل في لبنان بشأن تبعات إلغاء قانون الضرائب على يد المجلس الدستوري

المجلس الدستوري اللبناني
بيروت ـ فادي سماحة

أحدث إبطال المجلس الدستوري قانون الضرائب الذي كان المجلس النيابي اللبناني أقره لتمويل سلسلة الرتب والرواتب لموظفي القطاع العام والأساتذة والعسكريين والمتعاقدين، صدمة وإرباكًا للمسؤولين في الحكومة والبرلمان، نظرًا إلى ارتباط ضمان جزء كبير من الواردات لتغطية كلفة السلسلة المستحقة على الخزينة اللبنانية، وعلى بعض القطاع التربوي الخاص، بدءًا من أول شهر تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، بواردات الضرائب.

وسيترتب على الحكومة والبرلمان تأمين اعتمادات الزيادات التي على وزارة المال دفعها للموظفين المستفيدين من قانون السلسلة، خصوصًا أن الأخير منفصل تمامًا عن قانون الضرائب، وبات نافذًا، وجب على الدولة تنفيذه آخر الشهر الجاري بغض النظر عن وجود التمويل اللازم. وتقدر قيمة الزيادات الواجب دفعها بزهاء 110 بلايين ليرة لبنانية. وهي المرة الأولى التي يبطل المجلس الدستوري قانونًا يتعلق بالمسائل المالية والضريبية، فيضع البرلمان في مأزق، نظرًا إلى أن قرار المجلس الدستوري أشار إلى مخالفات دستورية في الشكل وفي المضمون، ما يحول المعضلة المالية إلى معضلة سياسية أيضًا. وكان قانونا السلسلة والضرائب أقرا بتاريخ 18 تموز (يوليو) الماضي. وبينما تقدم 10 نواب بطلب الطعن إلى المجلس الدستوري، نص قانون السلسلة على أن يصبح نافذًا بعد شهر على نشره في الجريدة الرسمية (في 21 آب- أغسطس الماضي).

وتعددت السيناريوهات حيال معالجة المأزق منها أن تعلق وزارة المال صرف الزيادات، بقرار من الحكومة، في انتظار إقرار القانون الجديد للضرائب، كما أفاد مصدر وزاري، أو باستخدام أموال للخزينة لدى مصرف لبنان بقرار حكومي، أو بالاستدانة، وهو أمر ينصح خبراء ماليون باستبعاده، فيما كان المجلس الدستوري وبعد الاجتماع الذي عقده برئاسة رئيسه عصام سليمان، أبطل وبإجماع كامل أعضائه، قانون ​الضرائب​ بكامله، ورده إلى البرلمان. ووزع ملخصًا عن القرار عارضًا الأسباب وفيها:

ا - "لم يتبين من محضر جلسة المجلس النيابي التي أقر فيها القانون، أن الأصول الدستورية، المنصوص عليها في المادة 36 من الدستور، قد روعيت في التصويت على القانون المطعون فيه.

2- القانون المطعون فيه صدر في غياب الموازنة وخارجها وخالف مبدأ الشمول الذي نصت عليه المادة 83 من الدستور، وكان ينبغي أن يأتي في إطار الموازنة العامة السنوية وفقًا للقواعد التي نص عليها الدستور، لذلك هو مخالف للدستور.

3- ما ورد في المادة 17- الفقرة الأخيرة- يعتبر خرقًا لمبدأ المساواة أمام التكاليف العامة والضرائب، ومتعارضًا مع الفقرة (ج) من مقدمة الدستور، ومع المادة 7 من الدستور.

4- نص المادة الحادية عشرة من القانون المطعون فيه يشوبه الغموض ما يؤدي إلى تطبيقها في شكل استنسابي وبطرق ملتوية تسيء إلى العدالة والمساواة بين المواطنين".

وجاء في القرار أنه وبعد المداولة، يؤكد المجلس الدستوري "بالإجماع على المبادئ الواردة في الحيثيات وعلى أن عدم إقرار موازنة عامة سنوية للدولة وعدم وضع قطع حساب لكل سنة يشكلان انتهاكًا فاضحًا للدستور". وقرر المجلس استنادًا إلى الحيثيات الآتي:

أولًا- في الشكل: "قبول المراجعة شكلًا لورودها ضمن المهلة مستوفية الشروط المطلوبة.

ثانيًا- في الأساس: إبطال القانون رقم 45، المنشور في الجريدة الرسمية بتاريخ 21/8/2017 برمته".

ويأتي قرار إسقاط قانون الضرائب، بقبول الطعن المقدم من رئيس "الكتائب" سامي الجميل ونواب الحزب الأربعة، نديم الجميل وسامر سعادة وإيلي ماروني وفادي الهبر، إضافة إلى النواب بطرس حرب وفؤاد السعد ودوري شمعون وخالد الضاهر وسليم كرم.

وأكد رئيس ​المجلس الدستوري سليمان أن "الخطوة التالية بعد إبطال قانون الضرائب ستكون من مسؤولية المجلس النيابي"، أما نائب الرئيس القاضي طارق زيادة فأعلن أن "لا علاقة لقانون السلسلة بما صدر عن المجلس. هناك وفر في الموازنة، يستطيعون إقرار قانون آخر كما في الإمكان تعديل قانون الضرائب".

وقال عضو المجلس القاضي صلاح مخيبر: "بعد هذا القرار، يعود قانون الضرائب المتعلق بالسلسلة إلى المجلس النيابي، والمجلس سيد نفسه ويصحح ما يجب تصحيحه أو يقر قانونًا جديدًا. وقانون السلسلة نافذ ولم يمس أحد به. واتخذ القرار بالإجماع وإبطال برمته لأسباب وبعض المواد لأسباب. ليس هناك من مشكلة عند إبطال قانون، يصاغ قانون آخر. ونحن لسنا مع أحد ضد آخر وسيقبض الموظفون في شهر تشرين على أساس السلسلة".

استدعى قرار المجلس الدستوري إبطال قانون الضرائب، حركة مشاورات واتصالات عاجلة قام بها رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري مع رئيسي الجمهورية ميشال عون والمجلس النيابي نبيه بري، للبحث في كيفية التعاطي مع الإبطال لتغطية الأعباء المالية المترتبة على إقرار سلسلة الرتب والرواتب للعاملين في القطاع العام، وقال بري في بيان: "ما صدر عن القضاء يحترم ولو أنه أتى لمصلحة المصارف وعلينا الآن معالجة المشكو منه".

وكشفت مصادر" أن وزير المال علي حسن خليل تشاور مع رؤساء الجمهورية والبرلمان والحكومة للبحث في تداعيات القرار، لأن من دون هذا القانون لا يمكن الحفاظ على الاستقرار النقدي في ظل العجز في الموازنة، كما قالت مصادر وزارية إن الوزير خليل تمنى في اتصالاته عقد جلسة طارئة لمجلس الوزراء في أقرب وقت برئاسة رئيس الجمهورية، كي يتحمل الجميع مسؤولية ما سيصدر عن هذه الجلسة، وأوضحت المصادر أنه لا يمكن وزير المال منفردًا أن يطلب تعليق صرف السلسلة شرط تثبيت حقوق العاملين في القطاع العام في الإفادة منها ريثما تتأمن الموارد لتغطية صرفها، لأن تعليقها يشكل مخالفة قانونية. وإذا كان لا بد من اتخاذ تدبير موقت يقضي بتعليقها، فإن مثل هذا التدبير لا يتخذ إلا في مجلس الوزراء مجتمعًا الذي عليه أن يتحمل المسؤولية بالتكامل والتضامن، إضافة إلى مسؤوليته في إيجاد البدائل التي من شأنها أن تؤمن الموارد المالية، لتحقيق التوازن المالي بينها وبين كلفة السلسلة لتجنب المغامرة بالاستقرار النقدي لما يترتب عليه من ارتدادات سلبية على الوضعين الاقتصادي والمالي.

وكان وزير المال أكد أن "القرار يستحق عقد جلسة طارئة لمجلس الوزراء لمناقشة تداعياته وتحمل المسؤولية في ما خص قانون السلسلة وإيجاد البدائل اللازمة"، وعما إذا كان الموظفون سيقبضون رواتبهم وفق السلسلة، لفت خليل الى أن "الأمر دقيق جدًا ومعقد إداريًا ويحتاج الى تشاور".

وأثار قرار الإبطال ردود فعل مؤيدة، وغرّد مقدم الطعن رئيس "الكتائب" النائب سامي الجميل عبر حسابه على "تويتر" قائلًا: "مبروك للبنانيين إبطال قانون الضرائب... بالحق والعمل الجدي ما في مستحيل وحقوق وكرامة الناس خط أحمر". ومساء وصف الجميل ما حصل بأنه ثورة دستورية على منطق الصفقات معتبرًا أن القرار أعاد الاعتبار للدستور بسبب ما قام به نواب المعارضة والناس والمجتمع المدني. وقال: "إنه انتصار للدستور وهو ثورة تشريعية وبدءًا من اليوم سيعرف الناس كل نائب على ماذا يصوّت فيكون التصويت الكترونيًا أم أنه يكون بالمناداة. ورأى أن الحياة التشريعية ستختلف بعد الآن، والتهريبة لم تنجح".

ووجه النائب بطرس حرب الذي وقع على الطعن أيضًا "تحية احترام وتقدير للمجلس الدستوري، لقبوله طعن النواب العشرة والذي أثبت بقراره هذا استقلاليته ومقاومته ضغوط السلطة وتمسكه بتطبيق الأحكام الدستورية وإبطال القوانين التي تخالف هذه الأحكام". وقال في بيان إن "القرار جاء ليؤكد حاجة اللبنانيين إلى مؤسساتهم الدستورية المستقلة وإلى سلطة قضائية تراقب أعمال السلطتين الاشتراعية والتنفيذية. وهو يفتح الباب أمام البحث الجدي عن حلول بديلة لتغطية السلسلة التي باتت حقًا مكتسبًا للمواطنين المستفيدين منها"، وأضاف: "إن مساهمتنا كنواب في طرح البدائل لا تعني إعفاء الحكومة من مسؤولية تقديم الاقتراحات والمشاريع، في إطار الموازنة العامة".

وأشار الرئيس ميشال سليمان الى أنه "فجر الدستور لمصلحة لبنان واللبنانيين. إنه دستور لبنان المنصف متى أحسنّا احترامه ولجأنا إلى أحكامه. المجلس الدستوري حارس الهيكل" فيما قال رئيس "التيار الوطني الحر" وزير الخارجية جبران باسيل: "نحترم قرار المجلس الدستوري خصوصًا لناحية وجوب إقرار الموازنة أولًا، وشمولها موارد السلسلة، كما إقرار قطع الحساب بحسب الأصول وهذا هو موقفنا الأساسي، لذا يتوجب على مجلس النواب التصحيح اللازم منعًا لانهيار مالي".

وغرّد رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع: "نحترم قرار المجلس الدستوري انطلاقًا من إيماننا بالمؤسسات الدستورية، وكل بحث في الضرائب من الآن فصاعدًا يجب أن ينطلق من قرار هذا المجلس"، وأكد رئيس حزب "الوطنيين الأحرار" النائب دوري شمعون: "خطوة المجلس الدستوري تثبت أن في لبنان مؤسسات تستطيع الوقوف في وجه هذه السلسلة من الأخطاء والمخالفات الدستورية والقانونية، التي يرتكبها المسؤولون لاعتبارات شخصية ضيقة، غير آبهين بمصلحة مواطنيهم".

وأعلنت نقابة المحامين "العودة إلى استئناف حضور جلسات المحاكم بعد قرار المجلس الدستوري بإعادة الحق إلى أصحابه".

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جدل في لبنان بشأن تبعات إلغاء قانون الضرائب على يد المجلس الدستوري جدل في لبنان بشأن تبعات إلغاء قانون الضرائب على يد المجلس الدستوري



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 17:11 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

عبدالله بن زايد يبحث آخر التطورات مع وزير خارجية سوريا
 العرب اليوم - عبدالله بن زايد يبحث آخر التطورات مع وزير خارجية سوريا

GMT 09:52 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

أحمد حلمي يكشف تفاصيل لقائه بتركي آل الشيخ وجيسون ستاثام
 العرب اليوم - أحمد حلمي يكشف تفاصيل لقائه بتركي آل الشيخ وجيسون ستاثام

GMT 10:40 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

الكرملين ينفي طلب أسماء الأسد الطلاق أو مغادرة موسكو
 العرب اليوم - الكرملين ينفي طلب أسماء الأسد الطلاق أو مغادرة موسكو

GMT 20:36 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الأمير الحسين يشارك لحظات عفوية مع ابنته الأميرة إيمان

GMT 02:56 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

النيران تلتهم خيام النازحين في المواصي بقطاع غزة

GMT 17:23 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنتر ميلان الإيطالي يناقش تمديد عقد سيموني إنزاجي

GMT 16:59 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو يتوعد الحوثيين بالتحرّك ضدهم بقوة وتصميم

GMT 17:11 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

اتحاد الكرة الجزائري يوقف حكمين بشكل فوري بسبب خطأ جسيم

GMT 02:52 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

مقتل 10 ركاب وإصابة 12 في تحطم طائرة في البرازيل

GMT 06:45 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

انفجار قوي يضرب قاعدة عسكرية في كوريا الجنوبية

GMT 17:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

.. قتلى في اصطدام مروحية بمبنى مستشفى في تركيا

GMT 11:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

GMT 10:40 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

الكرملين ينفي طلب أسماء الأسد الطلاق أو مغادرة موسكو

GMT 06:35 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تعليق الرحلات من وإلى مطار دمشق حتى الأول من يناير

GMT 09:16 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل

GMT 20:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 10:53 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

شام الذهبي تعبر عن فخرها بوالدتها ومواقفها الوطنية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab