الخرطوم ـ جمال إمام
تشوب العاصمة السودانية حالة من التوتر القلق، تحسبًا لاحتجاجات متوقعة على خلفية الارتفاع الجنوني في أسعار الخبز والسلع الاستهلاكية الأخرى، الذي نتج عن خفض السعر الرسمي لصرف الجنيه السوداني لما يقارب 3 أضعاف في الموازنة الجديدة.
ورفضت أحزاب معارضة الزيادات في أسعار الخبز والكهرباء، وزيادات متوقعة في أسعار المحروقات، ودعت المواطنين للخروج والتظاهر رفضًا لهذه الزيادات، فيما شهدت أنحاء متفرقة من الخرطوم وود مدني احتجاجات محدودة. وأدت زيادات مثيلة في أسعار المحروقات والخبز في سبتمبر (أيلول) 2013، إلى احتجاجات شعبية واسعة، راح ضحيتها عشرات المواطنين، قدرتهم منظمات حقوقية بأكثر من 200 قتيل، فيما أقرت السلطات السودانية بمقتل قرابة 80. واستنكر حزب الأمة القومي، أحد أكبر أحزاب المعارضة، في بيان، أمس، الزيادات على أسعار السلع والخدمات، ودعا لمواجهتها ومقاومتها بالطرق السلمية.
وحرك البنك المركزي السوداني سعر صرف الجنيه السوداني في موازنة عام 2018، من 6.9 جنيهات للدولار الأميركي إلى 18 جنيهًا، ما أدى إلى ارتفاع سعر طحين الخبز من 165 جنيهًا إلى 450 جنيهًا، ونتج عن ذلك ارتفاع سعر الخبز لتباع قطعة الخبز الواحدة بجنيه واحد.
ورفض الحزب الشيوعي السوداني في بيان أمس، موازنة العام المالي 2018، وقال إنها قصرت الموارد على المركز الحضري، واعتبر ذلك بمثابة تنمية للإحساس بالتهميش والظلم، فضلًا عن رفضه تخصيص معظم الإيرادات في الميزانية لصالح الأجهزة الأمنية. ودعا الحزب المعارض المواطنين إلى مقاومة تلك الزيادات، وحشد الأسباب المؤدية لانتفاضة شعبية في البلاد. وأثارت ميزانية 2018 جدلًا واسعًا، واعتبرها اقتصاديون وخبراء، أسوأ ميزانية في تاريخ البلاد، ووصفوها بأنها "نموذج" لانعدام رؤى اقتصادية واضحة لمواجهة مشكلة تعثر اقتصاد البلاد. لكن الحكومة تقول إنها تريد معالجة اختلالات اقتصاد البلاد، التي نتجت عن تواضع الإنتاج، وإن الموازنة تهدف لتشجيع الإنتاج، مع توجيه الدعم لـ"الشرائح الضعيفة" في المجتمع وحجبه عن الأثرياء.
من جهته، طالب الأمين العام لحزب المؤتمر السوداني العارض مستور أحمد، في كلمة مسجلة على صفحة حزبه على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، مؤيدي حزبه والجماهير للخروج إلى الشوارع والتظاهر احتجاجًا على تلك الزيادات في الأسعار. فيما أصدر حزبه بيانًا أمس، ندد بالزيارات في أسعار السلع والخدمات، واعتبرها تحديًا لما سماه "إرادة الشعب" واعتبرها استهتارًا، ودعا جماهيره ومؤيديه، وجماهير الأحزاب السياسية والنشطاء والطلاب، للانخراط في مقاومة نظام الحكم لإحداث تغيير عبر "ثورة شعبية"، وفقًا للبيان.
شعبيًا، أثارت مضاعفة أسعار الخبز غضبًا مكتومًا بين المواطنين، وتحولت معظم التجمعات وحافلات النقل العام، فضلًا عن المنازل، لمحل انتقادات لاذعة للحكومة، فيما أصيب الكثيرون بالحيرة والقلق. واشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي وصفحات السودانيين في الشبكة العنبكوتية بالدعوات و"الهاشتاغات" التي تنتقد الحكومة وتطالب بتنحيها، وفي الوقت ذاته تحث المواطنين على الاحتجاج لتغيير نظام الحكم عبر ثورة شعبية. وأطلق نشطاء على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" هاشتاغ "السودان_سكاتنا_شين (قبيح)"، وهو دعوة صريحة لرفض تلك الزيادات وتنظيم احتجاجات شعبية ضد نظام حكم الرئيس عمر البشير.
أرسل تعليقك