تونس - حياة الغانمي
عثرت فرقة الأبحاث العدلية للحرس الوطني في القصرين، على 20 قطعة أثرية حجرية وطينية و15 تحفة معدنية مختلفة الأشكال والأحجام وحوالي 1000 قطعة نقدية، مساء الجمعة، داخل أحد المنازل في مدينة سبيطلة.
وعاينت مصالح المعهد الوطني للآثار في القصرين، القطع المذكورة، مؤكدة أنها ذات قيمة تاريخية وتعود إلى الحقبتين الرومانية والعثمانية، وباستشارة النيابة العمومية أذنت بحجز كافة القطع الأثرية والاحتفاظ بالشخص المعني ومباشرة قضية عدلية في شأنه موضوعها "الإتجار في الآثار".
يذكر أن تجارة الآثار انتقلت من لوبيات وأسر النظام السابق إلى شبكات جديدة يقود غالبيتها رجال أعمال مرتبطون بالخارج. وتقوم اللوبيات الجديدة بالتنقيب عن الكنوز المدفونة في المناطق الأثرية على الشريط الحدودي الغربي باستخدام آلات حديثة للتنقيب واستكشاف المعادن، حيث تعتبر المناطق التي شهدت استيطان الرومان من أكثر المناطق التونسية ثراء بالكنوز والآثار الثمينة على غرار القصرين والكاف وباجة. والاتجار والتنقيب عن الآثار كبقية أنشطة التهريب لا يعود بأي نفع على الاقتصاد المحلي بل هو نهب للثروات الوطنية ولتاريخ البلاد، حيث أن هذا الصنف من النشاط يدر أموالًا " قذرة لا يمكن توجيهها نحو الاستثمار والتنمية، فالعائدات مهما كانت قيمتها لا تخدم إلا صاحبها.
ويمكن هنا التطرق إلى خطورة تنامي ظاهرة التهريب على الشريط الحدودي بمختلف أشكاله، فأموال التهريب تستثمر إما في تمويل الإرهاب أو يتم تبييضها في قطاعات آمنة على غرار القطاع العقاري، مما أدى إلى ارتفاع أسعار العقارات والمباني بشكل كبير في السنوات الخمس الأخيرة. ويعود توسع نشاط تهريب الآثار إلى ارتباط المهربين بشبكات دولية نافذة من جهة وإلى ضعف العقوبات التي ينص عليها القانون التونسي، فضلًا عن تشتت إمكانيات مؤسستي الأمن والديوانة في مقاومة الإرهاب، الأمر الذي جعل المجال مفتوحًا أمام الناشطين في تهريب الآثار.
وأفادت الإحصاءات الرسمية، بأنه يتم سنويًا تهريب ما قيمته 500 مليون دينار تونسي من الآثار وفقًا لوزارة التجارة. وقبل الثورة كان القانون التونسي يخص بالعقاب المهربين، الذين يتاجرون بقطع أثرية تحمل طابع المعهد الوطني للآثار، في حين تشير أرقام غير رسمية إلى أن 95% من الآثار المختلسة في تونس لا تحمل هذا الطابع، وهي غالبًا ما تكون ثمرة لحفريات غير مشروعة مما يجعل المهربين في مأمن من العقاب. وكانت الخطايا المالية في مثل هذه التجاوزات تقدر بمبالغ هزيلة تتراوح بين 100 و500 دينار تونسي للقطعة في حين يجني المهربون من بيع القطعة الواحدة في السوق المحلية أو العالمية مئات الآلاف من الدينارات، لكن بعد الثورة أصدر المشرع التونسي عقوبات صارمة.
ونصّ القانون الجديد على عقوبة بالسجن لمدة عشرة أعوام وخطية مالية قدرها مائة ألف دينار لكل من يختلس منقولًا أو طابع تاريخي أو أجزاء مقتطعة من معالم تاريخية أو متأتية من تفكيكها أو من تفككها تلقائيًا وتكون موجودة بالمتاحف أو المخازن أو المواقع الثقافية أو المعالم التاريخية أو أي مبنى عمومي. وبحسب تقديرات المعهد الوطني للتراث فإن تونس تضم ما لا يقل عن 50 ألف موقع أثري، لا تزال عرضة للإتجار غير المشروع الذي يهدد القطع الأثرية.
أرسل تعليقك