شيعت الكنيسة الأرثوذكسية المصرية، ظهر الإثنين، جنازة سبعة من ضحايا الكنيسة المرقسية، الذين راحوا ضحية للتفجير المتطرف الذي استهدف الكنيسة، الأحد، خلال قداس "أحد السعف"، وسقط خلاله أيضًا أربعة من قوات الأمن المكلفة بتأمين الكنيسة. واستقبل أقباط الإسكندرية جثامين ضحايا الكنيسة المرقسية، الذين سقطوا نتيجة الحادث المتطرف، بالتصفيق والبكاء أثناء دخولهم قاعة الكنيسة، في دير القديس مارمينا، في مريوط، لإقامة صلاة الجنازة على أرواحهم.
وعقب وضع توابيت الضحايا، التف حولهم عدد من أهاليهم، الذين انتابتهم نوبة من البكاء والصراخ على فقدان أعز ما لهم، فيما حاولت الكشافة الكنسية إبعادهم عن الجثامين، لبدء صلاة الجنازة. ووصل الأنبا باخوميوس، القائم مقام البطريركي السابق، متكئًا على عصاه، إلى مقر دير القديس مارمينا العجايبي في الإسكندرية، ليرأس صلاة الجنازة على شهداء الكنيسة المرقسية.
ووصل بصحبته نيافة الأنبا روفائيل، أسقف عام كنائس وسط القاهرة، والأنبا دانيال، أسقف المعادي، وعدد من الأساقفة والمطارنة، وأعضاء المجمع المقدس، للمشاركة في صلاة الجنازة. واستقبل الحضور الأساقفة والمطارنة مرددين هتاف "يارب"، فيما سقط بعض من أهالي الضحايا مغشي عليهم، وحاول البعض إفاقتهم. ولم تُقم الكنيسة صلاة الجناز على المتوفين، بسبب طقس "أسبوع الآلام" الذي يقام في بدايته، يوم أحد السعف، صلاة التجنيز العام للصلاة على جميع المسيحيين، وعدم رفع بخور صلاة الجنازة على أي متوفى خلال هذا الأسبوع.
وأقامت الكنيسة صلاة "البصخة" المقدسة، التي تقام في أسبوع الآلام على المتوفين، وذلك في دير القديس مارمينا، وسط حالة من الصراخ والعويل بين أهالي الضحايا. وقال الأنبا دانيال، أسقف المعادي: "إننا، مع محبتنا الشديدة للراحلين، إلا أننا نؤمن باشتراكهم في الحفل السماوي مع السيد المسيح، ونحن نتأثر لأجل فراقهم، ولأجل طريقة انتقالهم، لكن انظروا كم من المجد أخذوا من السماء، فنحن لدينا شهداء كثيرين في هذا العصر الحديث، ونحتاج إلى الصلاة من أجلهم".
ونقل الأنبا دانيال إلى أهالي ضحايا الكنيسة المرقسية برقية عزاء من البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية، وبطريرك الكرازة المرقسية، مؤكدًا أنه حزين للغاية ومتأثر بما حدث. واختتم الأنبا باخوميوس، مطران البحيرة، القائم مقام البطريرك السابق، الصلاة على الضحايا، فيما حُملت الجثامين لدفنها في دير القديس مارمينا العجايبي، في مريوط.
وفي السياق ذاته، تُوفي فادي رمسيس، 23 عامًا، طالب في كلية العلوم في جامعة طنطا، صباح الإثنين، داخل مستشفى معهد ناصر، في شبرا الخيمة، متأثرًا بإصابته في انفجار كنيسة مارجرجس، الأحد، وبذالك يرتفع عدد ضحايا حادث تفجير الكنيسة إلى 28 قتيلاً .
وشهدت مصر يومًا دمويًا، الأحد، بعدما فجر انتحاريان نفسيهما داخل كنيستين في طنطا والإسكندرية، ما أسفر عن سقوط ما يُقارب 44 قتيلاً وعشرات الجرحى .
ودان الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، حادث التفجير الذي تعرضت له كنيستي مارجرجس في طنطا والمرقسية في الإسكندرية، في الوقت الذي يحتفل فيه الأقباط بيوم "أحد السعف"، الذي يُمثل مناسبة دينية عزيزة على كل المصريين، بما تحمله من معانٍ وقيم تحث على المحبة والسلام.
وتوجّه الرئيس السيسي بخالص العزاء والمواساة إلى أسر الضحايا، داعيًا الله أن يتغمد القتلى بواسع رحمته، ويسكنهم فسيح جناته. وعقد الرئيس اجتماعًا مع أعضاء مجلس الدفاع الوطني، لبحث تداعيات الحادث، وخرج في نهاية الاجتماع بمجموعة من التوصيات، منها فرض حالة الطوارئ داخل البلاد لمدة ثلاثة أشهر، وتشكيل المجلس الأعلى لمكافحة التطرف.
وتبنى تنظيم "داعش" المتطرف الحادثين، وكشف عن هوية المنفّذين، بعدما أظهرت مقاطع الفيديو أحدهما وهو يفجر نفسه أمام بوابات الأمن، في كنيسة الإسكندرية وتواصل الأجهزة الأمنية في وزارة الداخلية المصرية جهودها، بعد تشكيل فريق بحث على أعلى مستوى من أجل الوصول إلى الجُناة وملاحقتهم .
كما تُباشر النيابة العامة في مصر تحقيقات موسّعة، تحت إشراف النائب العام، المستشار نبيل صادق، حيث شرّعت في تفريغ محتويات كاميرات المراقبة حول الكنيسة، للوقوف على طبيعة الحادث وملابساته.
وأثار حادث استهداف الكنيستين ردود فعل واسعة من جانب المؤسسات الدينية في مصر، كالأزهر ووزارة الأوقاف ودار الإفتاء، مُشددين على أن استهداف دور العبادة وقتل الأبرياء أعمال إجرامية تخالف تعاليم الدين الإسلامي، وكل الأديان التي دعت إلى حماية دور العبادة واحترامها والدفاع عنها. ودان نواب في البرلمان المصري الحادثين المتطرفين، واتفقوا على أن مثل هذه الحوادث المتطرفة لن تُنال من إرادة المصريين، وستزيدهم عزمًا على محاربة التطرف واقتلاعه من جذوره، مؤكدين على ضرورة اتخاذ إجراءات حاسمة وفورية بعد تزايد حدة الحوادث المتطرفة.
أرسل تعليقك