اربيل – احمد العبيدي
نجح وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري، في الإفلات من الاستجواب الذي وقع عليه عشرات من أعضاء البرلمان العراقي، على خلفية تهم فساد وإقصاء على أسس طائفية وحزبية من وزارته، وفشله في تطبيع العلاقات مع الدول العربية المختلفة، وذلك بفيتو من إيران، كما ذكر برلمانيون.
ووصف عدد من المراقبين والنواب في تصريحات ولقاءات سابقة، وزارة الخارجية بـ"وزارة العائلة"، في تهكّم على ما آلت إليه هذه المؤسسة في مثل هذه المرحلة، موضحين أن مدير مكتب الوزير هو والد زوجة ابن الوزير الجعفري، حق محمد الحكيم، أما مستشاره الخاص فهو صهره، كما يمسك أقسام ومفاصل الوزارة الأخرى بصفة مشرفين ومراقبين عليها كل من ليث حسن الأشيقر، وضرغام حسن الأشيقر (أولاد أشقاء الجعفري)، فضلاً عن ياسر حسن الأشيقر، ووسام ليث حسن الأشيقر، ومحمد ليث حسن الأشيقر، وجعفر صادق باقر الأشيقر (أحفاد الجعفري).
ويشير آخرون أيضًا إلى أن الجعفري وضع أصدقاءه في سفارات عراقية في دول أوروبية، فيما بات أحمد جمال متحدثًا رسميًا باسم الوزارة، بعدما كان مذيع أخبار في محطة تلفزيونية يملكها الجعفري، المعروفة بطابعها الديني المذهبي، وعُرفت عنه تصريحاته المسيئة لدول عربية مختلفة، خصوصًا الخليجية، بشكل سبّب إحراجًا لحكومة حيدر العبادي، وكان آخرها مهاجمته مملكة البحرين إثر إعدام ثلاثة أشخاص عدته المنامة تدخّلًا سافرًا في شؤونها الداخلية، واستدعت القائم بالأعمال العراقي لديها احتجاجًا على تلك التصريحات.
من جانبها اتهمت كتلة الأحرار البرلمانية بزعامة مقتدى الصدر أخيرًا، الجعفري بتعيين أقربائه في الوزارة، وقال النائب عن الكتلة ياسر الحسيني، إن "وزير الخارجية يقوم بتعيين أقربائه في الوزارة"، منتقدًا غيابه الدائم عن الوزارة وتعطيل بريدها اليومي واستقبال مسؤولي الدول في مكتبه الشخصي.
كما أعرب عضو لجنة العلاقات الخارجية ريناس جانو، عن أسفه "لشيوع المحسوبية بالتعيينات في وزارة الخارجية"، مشيرًا إلى أن "اللجنة لا تعتمد على ما يتداوله الإعلام بشأن تعيين وزير الخارجية، إبراهيم الجعفري، لأقربائه في الوزارة، لكنها ستقوم بدورها الرقابي في هذا الموضوع في حال توافرت لديها معلومة دقيقة عنه"، معتبرًا أن "إقامة الوزير لفعاليات الوزارة الدبلوماسية في منزله مخالف للأعراف الدبلوماسية".
ويشير أحد الموظفين في الوزارة ، إلى أن وزير الخارجية جاء بقيادات في حزبه، وسلمهم مواقع مهمة في الوزارة، مبيّنًا أنه أصدر أوامر وزارية بتعيين إحسان العوادي مستشارًا سياسيًا، وقيس العامري مستشارًا قانونيًا، وهما قياديان في حزب الجعفري".
وأضاف أن "الوزارة أصدرت أمرًا وزاريًا بتعيين ياسر عبد الحسين في منصب معاون عميد معهد الخدمة الخارجية التابع لوزارة الخارجية، والمسؤول عن الدورات الدبلوماسية والبعثات والإيفادات"، مشيرًا إلى أن "عبد الحسين يشغل أيضًا منصب مدير مركز بلادي للدراسات والأبحاث الاستراتيجية الذي أسسه إبراهيم الجعفري عام 2011" وأشار إلى أن "تولي عبد الحسين منصب معاون عميد معهد الخدمة الخارجية يحمل مخالفتين قانونيتين: الأولى هي حصوله على شهادة الدكتوراه حديثًا وعدم امتلاكه لقب (أستاذ دكتور) الذي يعد من شروط تولي مناصب المعهد الأساسية، والمخالفة الثانية هي أن القوانين العراقية لا تسمح للموظف العراقي بتولي منصب آخر أثناء تأدية وظيفته".
وكشف الموظف في وزارة الخارجية العراقية، عن وجود مساومات لحملة الشهادات العليا في العلوم السياسية مقابل تعيينهم في وزارة الخارجية، لافتًا إلى أنه "تمّ عقد صفقة مع أكثر من مائة عراقي تم تعيينهم أخيرًا، تقضي بالانتماء لتيار الإصلاح، مقابل التعيين في الوزارة".
وخلال عام 2016، خالف وزير الخارجية العراقي الإجماع العربي في اجتماعات ومؤتمرات عدة، أبرزها رفض العراق إدانة استهداف الحوثيين لمكة في السعودية بالصواريخ، ورفضه إدانة قانون جاستا الأميركي، الموجّه ضد السعودية، ورفض إدانة تدخل حزب الله في سورية، والتحفّظ على الفقرة الثالثة باجتماعات الجامعة العربية حول تدخل إيران السلبي في الدول العربية، ورفضه إدانة إحراق المقرات الدبلوماسية السعودية في طهران.
في المقابل، قادت وزارة الخارجية العراقية العام الماضي حراكًا سلبيًا موجّهًا ضد دول عربية وخليجية، ساندت فيه مواقف إيرانية عدة، فضلاً عن تحوّل العراق إلى بيئة حاضنة لحركات تخلّ بأمن الدول العربية، أبرزها الحوثيون ومطلوبون للقضاء في البحرين، فضلًا عن شخصيات سعودية وكويتية، وجميعها تحت طابع طائفي، في حين أبقى العراق على شرط تأشيرة المواطنين العرب للدخول إلى أراضيه، بينما تم إلغاؤها عن الإيرانيين بشكل كامل.
ونجا الجعفري العام الماضي، من استجواب كان وشيكًا بسبب تهم بالفساد في وزارته، والتلاعب بالتعيينات، وقالت مصادر سياسية عراقية في حينها، إن ضغوطًا من حزب الله تسببت في إلغاء استجواب الجعفري في البرلمان، حسب تعبير المصادر.
أرسل تعليقك