أنقرة ـ جلال فواز
وافقت الحكومة التركية على إسقاط تهم الإرهاب ضد القس الأميركي أندرو برانسون وإطلاق سراحه، في مقابل وقف واشنطن تحقيقًا قد ينتهي بفرض غرامة تبلغ مليارات الدولارات على بنك خلق الحكومي المتورط في عملية غسيل أموال لصالح إيران، لكن إدارة الرئيس دونالد ترامب رفضت الصفقة، حسبما أفادت صحيفة وول ستريت جورنال.
وتأتي هذه المعلومات لتشير إلى أن الأتراك وضعوا القس الأميركي رهينة للمساومة عليه مع الأميركيين الذين يبحثون فرض عقوبات مالية على بنك خلق، وهو محور فضيحة جنائية كبيرة، تتعلق بغسيل أموال لصالح إيران لمساعدتها في تجاوز العقوبات الأميركية عليها.
ويعاقب نائب رئيس البنك محمد هاكان أتيلا في الولايات المتحدة بالسجن لمدة 42 شهرا بتهمة غسيل الأموال والقيام بتحويلات مالية تبلغ مئات الملايين من الدولارات عبر النظام المصرفي الأميركي إلى إيران خلال الأعوام من 2010 إلى 2015.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد أعلن مرارا أن حكومته لا يمكن أن تتدخل في قرار القضاء التركي الذي يحاكم القس الأميركي بالتجسس ومساعدة جماعة الداعية فتح الله غولن، رجل الدين المقيم في الولايات المتحدة الذي تتهمه أنقرة بتدبير محاولة الانقلاب الفاشلة في يوليو /تموز 2016.
وقال مسؤول أميركي للصحيفة إنه إذا "كانت تركيا حليفة حقيقية للولايات المتحدة، لم تكن لتعتقل برانسون في المقام الأول". وكان وفد تركي برئاسة نائب وزير الخارجية التركي سيدات أونال قد طلب من واشنطن عدم فرض غرامة أو عقوبات على بنك خلق، خلال محادثات في واشنطن في الثامن من أغسطس/آب الجاري. لكن واشنطن هددت باتخاذ مزيد من الإجراءات التصعيدية ضد أنقرة.
وأدى الرفض التركي لإطلاق سراح القس إلى قيام واشنطن بفرض عقوبات على وزيري العدل والداخلية التركيين، وإعادة فرض رسوم جمركية مضاعفة على واردات الصلب والألومنيوم التركية. وتصاعد التوتر بين البلدين، حيث أعلن الرئيس الأميركي أن العلاقة مع تركيا "ليست جيدة في الوقت الجاري"، مؤكدا أن الولايات المتحدة لن تدفع أي شيء مقابل إطلاق سراح القس.
وقال ترامب للصحافيين "كان ينبغي أن يعيدوه لنا منذ فترة طويلة، وفي رأيي.. أساءت تركيا التصرف جدا جدا"، مبينا أنها فبركت تهمة تجسس "مزيفة" ضد برانسون. وأدت المواجهة إلى تدهور اقتصادي حاد في تركيا، حيث تراجعت الليرة التركية من 4.7 مقابل الدولار إلى 6.4 مقابل الدولار. ويبدو أن الحكومة التركية مهتمة أكثر بقضية بنك خلق أكثر من الرسوم الجمركية المرتفعة على صادراتها.
ويرى خبراء من أن فرض عقوبات على أكبر خامس بنك في تركيا سيتسبب في زعزعة الاستقرار في القطاعات المالية، ويضرب أي فرصة لتعافي الاقتصاد من الأزمة المصرفية الحالية.
أرسل تعليقك