تمكّن جهاز المخابرات التركي من جلب ثلاثة مسؤولين جدد في حركة "الخدمة" التابعة للداعية فتح الله غولن، الذي تتهمه أنقرة بتدبير محاولة انقلاب عسكري فاشلة وقعت في منتصف يوليو (تموز) 2016 من الغابون إلى تركيا، بعد أن صدرت مذكرات توقيف بحقهم.
وذكرت مصادر أمنية تركية، الثلاثاء، أن المخابرات جلبت كلًا من عثمان أوزبنار، وإبراهيم أكباش، وعدنان دميراوران، على متن طائرة خاصة من ليبرفيل. وأضافت المصادر أن المخابرات سلّمت الأشخاص الثلاثة إلى السلطات القضائية، حيث انطلقت التحقيقات معهم مباشرة، لافتة إلى أن الأشخاص المذكورين صادرة بحقهم مذكرات توقيف من قبل محكمة "الصلح والجزاء" في أنقرة، بتهمة "الانتماء إلى منظمة إرهابية"، (في إشارة إلى حركة غولن التي أعلنتها الحكومة تنظيمًا إرهابيًا محظورًا عقب محاولة الانقلاب)، وأضافت المصادر أن قوات الأمن في الغابون، أوقفت المطلوبين الثلاثة في 23 مارس (آذار) الماضي، موضحة أنه تم ضبط أموال، وأجهزة اتصالات مختلفة، ووثائق تنظيمية، بحوزتهم.
وتعد عملية جلب المطلوبين بتهمة الانتماء لحركة غولن من الغابون هي الثانية في أقل من شهر، بعد عملية جلب 6 آخرين كانوا يعملون في مؤسسات تعليمية تابعة للحركة في كوسوفو، أقال راموش هاراديناج رئيس وزراء كوسوفو، على إثرها وزير الداخلية فلامور سيفاج ورئيس جهاز المخابرات دريتون غاشي.
وكان رئيس وزراء كوسوفو نفى علمه بهذه العملية على أراضي بلاده، لكن الرئيس الكوسوفي أكد أن هذا التطور لن يؤثر في العلاقات بين بلاده وتركيا، معتبرًا أن حركة غولن ومؤسساتها تشكل خطرًا على بلاده أيضًا. ورغم مواجهتها ضغوطًا من الحكومة التركية، فإن حكومة كوسوفو تؤكد أنها لن تغلق المدارس الموجودة على أراضيها، وقالت أنقرة إن الستة الذين اعتقلوا في كوسوفو في أواخر آذار الماضي كانوا مسؤولين. وسبق وقامت المخابرات التركية بعملية مماثلة في العاصمة السودانية الخرطوم في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ضد أحد رجال الأعمال الأتراك، ورحَّلوه إلى أنقرة، وذلك بمساعدة الحكومة السودانية. وحثّ الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، قرغيزستان، على اتخاذ موقف أقوى ضد حركة غولن خلال مباحثاته الليلة قبل الماضية مع الرئيس القيرغيزي سورونباي جينبيكوف، الذي يزور أنقرة في مسعى لتهدئة العلاقات المتوترة بين البلدين.
وكانت العلاقات بين أنقرة وبشكيك تدهورت في ظل حكم الرئيس السابق ألمازبك أتامباييف، الذي تتهمه تركيا بالفشل في اتخاذ موقف صلب ضد حركة غولن.
وقال إردوغان، في مؤتمر صحافي مع نظيره القيرغيزي: "لقد أوضحنا توقعاتنا من قيرغيزستان في الحرب ضد حركة غولن"، وجدد تحذيرات أنقرة السابقة من أن جماعة غولن قادرة على شن أفعال مشابهة ضد قيرغيزستان، كما فعلت في تركيا في يوليو 2016 (في إشارة إلى محاولة الانقلاب الفاشلة)، وأضاف "أنها (حركة الخدمة) منظمة تمتلك القدرة على القيام بالشيء نفسه ضد قيرغيزستان غدًا، كما فعلت بنا اليوم". وأضاف: "أعتقد أن الرئيس القيرغيزي سيتصرف بشكل أكثر حذرًا أكبر، ويتخذ الإجراءات المطلوبة بشكل أسرع". وأضاف ملمحًا إلى التوتر تحت حكم أتامباييف "زيارة أخي العزيز (رئيس قيرغيزستان) سوف تساهم بفتح صفحة جديدة في العلاقات القيرغيزية التركية".
وخلال المحاولة الانقلابية في تركيا، ذكر الإعلام التركي، أن حركة غولن تدير 28 مدرسة في قيرغيزستان من المراحل الابتدائية حتى الجامعية، ولاحقًا أغضبت أنقرة، بشكيك، بالقول إن مناصري غولن تسللوا إلى مؤسساتها، وقد يقومون بانقلاب هناك.
في السياق ذاته، هدّد نائب رئيس حزب الوطن التركي (يساري متشدد) حسن آتيلا أوغور، حزب العدالة والتنمية الحاكم، قائلًا إن الجميع سيرون قريبًا جدًا كبار السياسيين مكبلي الأيدي.
وقال أوغور، في اجتماع لحزبه، إن ما سماه "الذراع السياسية للانقلاب الفاشل لم يتم الكشف عنه، ولم يخضع للمحاكمة والمحاسبة"، مضيفًا: "أبشركم جميعًا أننا سنرى قريبًا جدًا سياسيين رفيعي المستوى، وهم مكبلو الأيدي، وسيكون بينهم عدد من رؤساء البلديات، بل حتى رئيس الجمهورية، (في إشارة منه إلى الرئيس السابق عبد الله غل)، ورئيس بلدية إسطنبول قدير توباش، ورئيس بلدية العاصمة أنقرة السابق مليح جوكتشيك وغيرهم"، بحسب رئيس تحرير موقع "خبردار" سعيد صفا.
وأوغور، هو عقيد متقاعد من الجيش التركي متهم بالانتماء إلى تنظيم "أرجنيكون" (الدولة العميقة)، ولفت الأنظار إلى نفسه عندما أخبر صحيفة "يني شفق" القريبة من الحكومة، استعداد مجموعة في الجيش للقيام بالانقلاب العسكري، قبل وقوع المحاولة بعد أسبوعين بالفعل في 15 يوليو (تموز) 2016.
وكانت محكمة تركية أمرت، أول من أمس، بالسجن مدى الحياة بحق 38 عسكريًا، من المتهمين بالضلوع في محاولة الانقلاب الفاشلة.
على صعيد آخر، وفي تصعيد جديد في بحر إيجه بين اليونان وتركيا، أطلقت القوات اليونانية طلقات تحذيرية لإبعاد مروحية تركية حلقت، ليل الاثنين - الثلاثاء، فوق جزيرة رو الصغيرة، على الحدود بين البلدين فوق مياه البحر. وتأتي الحادثة، التي أعلنت عنها إذاعة "سكاي" اليونانية، في ظل أجواء متوترة بين الجارتين العضوين في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، خصوصًا بسبب استمرار اعتقال تركيا منذ شهر جنديين يونانيين دخلا، بحسب أثينا، عن طريق الخطأ للأراضي التركية خلال قيامهما بدورية على الحدود.
وأظهرت معلومات الرادار بعد تحليلها في وقت لاحق، أن المروحية التي ابتعدت بعد الطلقات، لم تنتهك المجال الجوي اليوناني، وفق المصدر نفسه.
وسبق أن أثارت جزر إيميا، وتسمى في تركيا (كارداك) التي تبعد 7 كيلومترات فقط من السواحل التركية، توترًا بالغًا بين أنقرة وأثينا. وكادت الأمور أن تتطور إلى مواجهة عسكرية بينهما في 1996 لولا ضغط دبلوماسي مارسته الولايات المتحدة.
أرسل تعليقك