تبون يطوي آخر حلقة من عهد بوتفليقة في غياب السند الشعبي
آخر تحديث GMT11:32:51
 العرب اليوم -

تبون يطوي آخر حلقة من عهد بوتفليقة في غياب السند الشعبي

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - تبون يطوي آخر حلقة من عهد بوتفليقة في غياب السند الشعبي

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون
الجزائر - العرب اليوم

أنهى الفريق الذي استخلف الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في الحكم آخر حلقة مما سُمي «إعادة بناء المؤسسات»، وذلك بإجراء انتخابات مبكرة لتجديد أعضاء مجالس البلديات والمحافظات. لكن من دون أن يأتي هذا المسعى بالتغيير الذي طالب به الجزائريون عندما اندلع حراكهم الشعبي في 22 فبراير (شباط) 2019، معبرين عن رفضهم الشديد إطالة عمر الجمود الذي فرض آنذاك على البلاد من طرف رئيس عاجز عن تسيير شؤون البلاد.

وإذا كان النظام السياسي قد تمكن من استكمال خريطة الطريق التي وضعها بعد تنحي بوتفليقة في 02 أبريل (نيسان) 2019، ونجح في تعزيز أركانه، وعزل مطلب «التغيير الشامل» بكسر ديناميكية الحراك في الشارع، فإنه بالمقابل فشل فشلاً ذريعاً في كسب تأييد شعبي لمشروعاته، خاصة الاستحقاقات التي خاضها الرئيس الحالي عبد المجيد تبَون قبل مواعيدها القانونية لطي «المرحلة البوتفليقية».

وغاب ثلثا الجزائريين عن انتخابات الرئاسة التي جرت في 12 ديسمبر (كانون الأول) 2019 (نسبة تصويت 39 في المائة)، والتي فرضها قائد الجيش الراحل الفريق أحمد قايد صالح الذي حدد بنفسه تاريخها في خطاب ألقاه من داخل منشأة عسكرية. وكان ذلك دالاً على أن الجيش أمسك بإحكام اللعبة السياسية، وبطريقة معلنة، كما اختار هو من يمارسها، ومن ستكون في صالحه في نهاية المطاف.

وهناك إجماع في الوسط الإعلامي والسياسي على أن تبون كان مرشح الجيش للانتخابات، وأنه امتلك بين يديه ورقة رابحة خدمته ظرفياً، تتمثل في حادثة إبعاده من رئاسة الوزراء، بعد 3 أشهر من تسلمه المنصب (صيف 2017)، من طرف رجال أعمال مقربين من الرئيس بوتفليقة، بذريعة أنه شن حرباً ضدهم لـ«فصل المال عن السياسة».

وألبس الجيش تبون ثوب «ضحية نظام بوتفليقة» سعياً لتمريره بصفته المرشح صاحب الحظ الأوفر لمحو آثار الرئيس السابق، وبالتالي يكون مقبولاً لدى الجزائريين. غير أن الشارع كان يغلي رافضاً الانتخابات، لقناعة لدى المتظاهرين بأن المتنافسين الخمسة على الرئاسة، وأولهم مرشح الجيش، يمثلون «الولاية الخامسة التي ترشح لها بوتفليقة، لكن من دون بوتفليقة».

ولم يهدأ الحراك بعد «الرئاسية»، بعكس ما كان يتوقعه النظام. فقد استمرت المظاهرات رافضة «الخيار المفروض على الجزائر»، وظل شعار «مدنية لا عسكرية» يدوي في شوارع العاصمة والمدن الكبرى كل يوم جمعة، وكان موجهاً بشكل مركز للرئيس الجديد والجيش، عاكساً لمسألة مطروحة بحدة منذ الاستقلال عام 1962: «شرعية الحكم».

وحاول تبَون، ومعه رئيس أركان الجيش الجديد الفريق سعيد شنقريحة (قايد صالح توفي بنهاية 2019 بنوبة قلبية)، استدراك «نكسة» الانتخابات الرئاسية بأفكار ومشروعات طمعاً في كسب رضى الحراك. فأطلق الرئيس وعوداً بـ«استعادة المال الذي نهبته عصابة بوتفليقة»، والذي يوجد حسبه في بلدان بالخارج. وقال إنه يملك «خطة» لتحقيق ذلك، لكنه تحفظ على ذكر تفاصيلها بذريعة أن الطرف المستهدف (العصابة) قد يهتدي إلى خطة مضادة فيفشلها... هذا ما صرَح به تبون في أول مؤتمر صحافي عقده لما تسلم الحكم، من دون أن يقنع أحداً.

ثم أطلق الرئيس مشروعاً لتعديل الدستور، كما درج عليه كل الرؤساء السابقين عندما تسلموا السلطة. ووعد بتقليص صلاحيات رئيس الجمهورية لـ«حماية البلد من الحكم الفردي»... وكان ذلك العنوان الأبرز الذي سوق به استفتاء تعديل الدستور الذي جرى في 1 نوفمبر (تشرين الثاني) 2020، وكان بمثابة امتحان مهم له وهو يقترب من إتمام عام على وصوله إلى «قصر المرادية». غير أن قراءة متأنية في المواد المتعلقة بسلطات وصلاحيات رئيس الجمهورية في الدستور الجديد تدل على أن هذه الصلاحيات لم تتقلص، خصوصاً فيما يتعلق بالتعيينات، من رئيس الحكومة إلى كل الوظائف المدنية والعسكرية، وحتى القضاة، بل حتى منصب أمين عام في بلدية!

وفي المقابل، أبقى «دستور تبَون» الذي صوت عليه 23 في المائة فقط من الناخبين على مكانة الجيش طاغية في المجتمع وفي منظومة الحكم. وترجمها الرئيس ميدانياً في تصريحاته التي يثني فيها دوماً على القيادة العسكرية، كما أنه نادراً ما يظهر من دون أن يكون مرفوقاً برئيس أركان الجيش شنقريحة، إلى درجة أنه أحضره معه إلى مراسيم «افتتاح السنة القضائية» الشهر الماضي، وهو حفل سنوي يخص القضاة وحدهم، أحدثه بوتفليقة عندما جاء إلى السلطة عام 1999. لكن لا رئيس الأركان محمد العماري، ولا خليفته قايد صالح، كانا يظهران معه في هذه المناسبة.

وقد تعامل رجال الحكم مع المقاطعة الشعبية للاستفتاء الدستوري على أنها «نكران للجميل»، كونهم خلَصوا الشعب -في اعتقادهم- من «العصابة» (سجن أبرز رموز بوتفليقة). فشنت قوات الأمن اعتقالات في صفوف المتظاهرين والمدوَنين والناشطين المعارضين على منصات التواصل الاجتماعي، وامتلأت السجون بمعتقلي الرأي الذين بلغ عددهم الآلاف، من بينهم عشرات النساء، منهم من استنفد العقوبة بعد الإدانة، ومنهم من ينتظر المحاكمة.

وتواصلت الاعتقالات بعد فشل الخطوة الثالثة في «تجديد المؤسسات»، وهي انتخابات البرلمان (12 يونيو/ حزيران 2021). فقد كانت نسبة التصويت (23 في المائة)، مكرسة للمقاطعة الشعبية التي تحمل موقفاً سياسياً من النظام، وبالتالي مخيبة للرئيس شخصياً، لأنه كان يراهن على برلمان جديد يستمد شرعيته من «خلوه من المال الفاسد» الذي كان السمة الغالبة على البرلمان الذي حله، والذي كان يسيطر عليه خصومه رجال الأعمال المسجونين حالياً.

ويعبر أستاذ العلوم السياسية محمد هناد عن الحالة العامة للبلاد، فيقول: «تصرفات الشباب اليومية في الشوارع، وما ينشره كثير منهم في مواقع التواصل الاجتماعي، إنما تعبِّر عن قلق وجودي نتيجة الضغوط السياسية والمجتمعية التي يعانونها. كما قد توحي بقدوم تسونامي سيقلب منظومة القيم السائدة عندنا على جميع الأصعدة، لأن الضغط يولِّد الانفجار، وحينئذ سيدرك رافضو التغيير أن الحراك كان أرحم، وكان هناك فرصة للتغيير ضاعت».

قد يهمك أيضا

شقيق عبد العزيز بوتفليقة يواجه متاعب جديدة مع القضاء الجزائري

 

تواصل محاكمة حاشية عبد العزيز بوتفليقة بمواجهات بين رجال أعمال الجزائر

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تبون يطوي آخر حلقة من عهد بوتفليقة في غياب السند الشعبي تبون يطوي آخر حلقة من عهد بوتفليقة في غياب السند الشعبي



GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 09:52 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

أحمد حلمي يكشف تفاصيل لقائه بتركي آل الشيخ وجيسون ستاثام
 العرب اليوم - أحمد حلمي يكشف تفاصيل لقائه بتركي آل الشيخ وجيسون ستاثام

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس

GMT 07:06 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مقتل 6 في غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين بغزة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab