دمشق - نور خوام
أكدت مصادر إعلامية عدة تكثيف الاتصالات بين أكراد سورية وحكومتها، لبحث ترتيبات تتعلق بمستقبل المناطق الخاضعة للسيطرة الكردية، وسط ترقب مستجدات هامة في المعادلات الداخلية والخارجية. واللقاءات بين الجانبين تكثفت بهدف إنجاز اتفاق يقضي بعودة مناطق نفوذهم إلى سيطرة الدولة السورية، وسط توقعات بأن تقوم "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) بتسليم مناطقها للحكومة "بعد أن خذلتها أميركا".
وأضافت صحيفة "الوطن السورية"، نقلا عن مصادر وصفتها بـ"وثيقة الاطلاع" أن هذه اللقاءات لم تصل إلى مرحلة المفاوضات الجدية، لكن "المناخ العام الآن لدى الطرفين أفضل من المراحل السابقة للتوصل إلى اتفاق ما".
وأكّدت مصادر محلية أخرى، فإن القيادات الكردية خلال الجولة الأخيرة من المفاوضات، التي عقدت في مدينة الشدادي بريف الحسكة الجنوبي، عرضت خلالها "قسد" تسليم الشريط الحدودي مع تركيا إلى الحكومة، في ما وصفته المصادر بـ"خطوة تصعيدية" من "قسد" ودمشق ضد تركيا. وأضافت المصادر، أن السلطات اشترطت مقابل تسلمها الشريط الحدودي، افتتاح مقرات أمنية لها في مدن وبلدات الرقة والطبقة والبصيرة وذيبان الواقعة تحت سيطرة "قسد"، وما زالت المفاوضات جارية بين الطرفين في هذا الإطار.
ويبدو أنه لا يزال على المفاوضين قطع شوط ليس بالقصير قبل أن تثمر المفاوضات عن نتيجة، بدليل أن القيادة الكردية نفت قبل عدة أيام ما نشرته صحيفة "الوطن" عن توصل الأكراد ودمشق إلى اتفاق يقضي بإزالة أعلام ورموز الإدارة الذاتية الكردية في مناطق سيطرتها شمال البلاد، وسط تأكيدات الأكراد أنهم "لن يفرطوا" بحقوق شعبهم.
وفي مؤتمر صحافي اليوم الخميس بالقامشلي، قال متحدث كردي، إن الأكراد "من حيث المبدأ جاهزون للحوار الذي يؤدي إلى الحل في سورية"، ولكن لا توجد حتى الآن أية مفاوضات تمت و"لم نجد أية خطوات عملية وجدية" من قبل الحكومة في هذا الموضوع.
وفي حين تحدثت "الوطن" عن وجود "جهات خارجية تشوش على اللقاءات" بين الأكراد والحكومة، في إشارة إلى الولايات المتحدة، اعتبرت مصادر أخرى أن هذه الاتصالات تجري بعلم، بل وربما بمباركة التحالف الدولي، مستبعدين احتمال دخول "قسد" المتحالفة مع واشنطن، في المفاوضات مع دمشق من دون موافقة أميركية.
ويرى مراقبون أن مصير المفاوضات يبقى في انتظار مآلات الأمور في الجنوب السوري، والتفاهمات المحتملة التي قد تتمخض عنها القمة الروسية الأميركية المرتقبة، بالإضافة إلى مصير المساومات الأميركية التركية بشأن منبج.
وحسب مراقبين، فإن تسليم مناطق شرق الفرات أو على الأقل بعضها للحكومة السورية قد يكون أحد الخيارات المطروحة أميركيًا على طاولة المفاوضات بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأميركي دونالد ترامب، مقابل طلب تحجيم نفوذ طهران في الساحة السورية.
ويرى الكثيرون، أن الأكراد باتوا يتهيأون لكل الاحتمالات في مرحلة قد ترفع فيها واشنطن يدها عنهم، بعد أن أثبت التاريخ أن الأميركيين لن يترددوا في نقض أي تعهدات سابقة إذا اعتبروا أن ذلك لا يخدم مصالحهم، التي تتمثل إلى حد كبير، فيما يتعلق بسورية، في إضعاف إيران والحفاظ على حبال تتلاعب من خلالها بالأطراف الإقليمية والدولية الأخرى المعنية بالمشهد السوري.
أرسل تعليقك