أكد مجلس الوزراء خلال جلسته الأسبوعية التي عقدها في مدينة رام الله اليوم الثلاثاء برئاسة رئيس الوزراء رامي الحمد الله، أن القرار الذي تبناه حزب الليكود اليميني المتطرف بفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية، في حال تم تطبيقه من الحكومة الإسرائيلية، سيكون إعلاناً للحرب على الشعب الفلسطيني وإنهاء لما تبقى من أمل طفيف بما يسمى عملية السلام، وأضاف المجلس أن الشعب الفلسطيني سيرد على هذا التصعيد الإسرائيلي الخطير بالدفاع عن أرضه والصمود عليها ورفض تنفيذ المخططات الإسرائيلية، وأوضح أن على كل دول العالم أن تعلم أن القرار الذي تبناه الليكود بتأييد أغلبية وزراء ونواب الحزب، بمن فيهم رئيس الكنيست، هو بمثابة انقلاب على مبادئ السلام وطعنة لكل الجهود الهادفة إلى حل الدولتين، ورأى أن حزب الليكود ما كان ليقدم على هذه الخطوة المستهجنة والمرفوضة لولا القرار الذي اتخذه الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، مشيراً إلى أن القرار فتح شهية عتاة المتطرفين للقضاء على عملية السلام.
وكشف المجلس أن على كافة دول العالم، أن تتحرك قبل فوات الأوان لوضع حد لهذا الاستهتار الأميركي- الإسرائيلي بسلامة المنطقة وأمنها، مطالبا الأمتين العربية والإسلامية لاستشعار الخطر الحقيقي على المدينة المقدسة والمسجد الأقصى المبارك، ما يستدعي من العرب والمسلمين في كافة أرجاء العالم التحرك بشكل جدي والوقوف في وجه الأخطار المحدقة ليس بالمدينة المقدسة فحسب بل وفي كامل أرضنا المحتلة، ومشاركتهم معنا في هذه المواجهة وهذا التحدي المصيري، ومطالبة الدول التي تحفظت أو عارضت القرار الأمريكي في الجمعية العامة للأمم المتحدة والتي لم تعترف بعد بدولة فلسطين إلى الاعتراف الفوري، والوقوف معاً في وجه قرار الرئيس الأميركي المتهور لإرغامه على العودة إلى القانون الدولي وشرعية الأمم المتحدة بإعادة قضيتنا إلى مكانها الطبيعي في الأمم المتحدة، كما أكد أن على الأمم المتحدة تحمّل مسؤولياتها، والعمل على تنفيذ قراراتها وإلزام قوة الاحتلال الإسرائيلي ومن خلفها الإدارة الأمريكية بالانصياع لقواعد القانون الدولي، وتطبيق قرارات الأمم المتحدة، بما فيها قرارات مجلس الأمن الدولي وآخرها القرار (2334)، وقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة برفض القرار الأميركي بشأن القدس، وتحدي إسرائيل للمجتمع الدولي باستمرار استعمارها، وسياساتها الاستيطانية، وتشريع قوانين عنصرية، وتلويحها بالمزيد من الخطوات التي ترمي إلى ترسيخ احتلالها.
وحمّل الرئيس الأميركي المسؤولية الكاملة عن كل ما تقوم به إسرائيل نتيجة قراره الغاشم الذي أعطى إسرائيل الضوء الأخضر لاستمرار تهويد القدس والمضي في استيطانها غير القانوني في الضفة الغربية، لتحقيق الهدف الأميركي الإسرائيلي المشترك بإفشال أي جهد يدفع الحكومة الإسرائيلية إلى الالتزام بالإجماع الدولي على حل الدولتين وبقرارات الشرعية الدولية نحو إنهاء احتلالها الاستعماري لأرضنا، وإقرارها بحقوق شعبنا المشروعة، الأمر الذي يتطلب من الأمم المتحدة، ومن العالم أجمع عدم الاكتفاء ببيانات التنديد والرفض، وإنما الوقوف بكل شجاعة كما وقفت في الجمعية العامة للأمم المتحدة أمام الغطرسة الأميركية، والقيام بما يتوجب عليهم فعله في اتخاذ ما يلزم لمحاسبة إسرائيل، على جرائمها ضد الشعب الفلسطيني، وعلى انتهاكاتها لمبادئ الشرعية الدولية وقراراتها وإلزامها بإنهاء احتلالها، كأطول احتلال عسكري عرفه تاريخنا الحديث، وتحمل مسؤولياتها التاريخية تجاه قضية فلسطين، ووجوب انحيازها إلى جانب قيم الحق والعدالة الإنسانية، وتحقيق المُثُل العليا المُعّبر عنها في ميثاق الأمم المتحدة التي تحاول الولايات المتحدة تجاوزها، من أجل حل قضية فلسطين حلاً عادلاً، بتنفيذ قرارات الأمم المتحدة وتجسيد دولة فلسطين المستقلة وذات السيادة على الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967 خالية من المستوطنات في الضفة الغربية والقدس، والتي ستلقى نفس مصير المستوطنات في قطاع غزة، وبعاصمتها الأبدية القدس الشرقية.
وبمناسبة الذكرى الثالثة والخمسين لانطلاقة ثورتنا الفلسطينية المعاصرة، أكد المجلس أن شعبنا الذي سطّر على أرض فلسطين وفي مخيمات اللجوء والشتات ملحمة الكفاح المتواصل، وأعظم حكايات الصمود والتضحية، ونهض من حُطام النكبة والنكسة ومن بين الركام والدمار الوحشي الذي لحق بقطاع غزة، قادر بتكاتفه وتضامنه على النهوض، وهو أكثر تصميماً على الوقوف في وجه القرار الأمريكي الجائر، ومواجهة تحديات الاحتلال الإسرائيلي وانتهاكاته السافرة بحق الأرض والإنسان الفلسطيني وصون هويته الوطنية وقراره الوطني المستقل، وتكريس حقه الطبيعي في الحياة على أرضِ وطنه.
وشدد المجلس على أن تحقيق الوحدة الوطنية يمثل الشرط الأساسي الذي لا يسبقه شرط آخر للوقوف أمام ما يواجه قضيتنا الوطنية في هذه المرحلة الحرجة، التي تتطلب منا جميعاً تسريع وتكثيف خطوات إعادة اللحمة والوحدة الوطنية، وتحصين جبهتنا الداخلية، وتفعيل العامل الذاتي الفلسطيني، وتعميق الالتفاف الشعبي حول القيادة الشرعية لشعبنا، وعلى رأسها الرئيس محمود عباس نحو إنهاء الاحتلال ونيل حقوقنا الوطنية المشروعة كاملة غير منقوصة، وفي مقدمتها حق شعبنا في العودة وفي تقرير مصيره وتجسيد سيادة دولته الفلسطينية المُستقلة كاملة السيادة على حدود عام 1967، والتي لا يمكن أن تكون في غزة، ولا يمكن أن تكون دون غزة، ودون وحدة جغرافية وسياسية بين الضفة الغربية وقطاع غزة وبعاصمتها الأبدية القدس الشرقية.
ووجه المجلس التحية إلى أبناء شعبنا العظيم في مختلف المدن والبلدات والقرى والمخيمات الفلسطينية، وأكد أن مسيرات الغضب التي يعبر عنها أبناء شعبنا بكل عزة وشموخ وإباء بصدورهم العارية في مواجهة آلة الحرب الإسرائيلية، وكما سطروا أروع نماذج الصمود والتضحية والفداء خلال هبة الدفاع عن المسجد الأقصى، يخوضون اليوم مهمة الدفاع عن القدس وحماية المسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية والمسيحية في المدينة المقدسة وعن كامل أرضنا المحتلة، وسيواصلون معركة التصدي للقرار الأميركي العنصري الذي انتهك كل القيم والأعراف، ومثّل اعتداءً سافراً على شعبنا وحقوقنا الوطنية، حتى إسقاط هذا القرار، الذي لن ينشئ حقاً ولن يغير وضعاً مسنوداً بقوة احتلال غاشم، ولن يبدل الهوية الحضارية العربية الإسلامية للمدينة الخالدة.
وأكد المجلس أن دولة فلسطين أنجزت انضمامها إلى (22) اتفاقية ومعاهدة دولية وهي ماضية في تنفيذ رؤية القيادة الفلسطينية في ترسيخ دعائم دولة فلسطين وتجسيد وجودها القانوني الدولي، وتعزيز مكانتنا على الساحة الدولية، وبما يشكل أحد أهم الأدوات الرئيسة في اعتماد القانون الدولي سبيلاً للوصول إلى إنجاز حقوقنا الوطنية المشروعة، ودعا الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو"، إلى عدم الوقوع في فخ الانسحاب الإسرائيلي من المنظمة، لافتاً إلى تصريحات مسؤولين إسرائيليين بأنه "في حال حسنت المنظمة من مواقفها تجاه إسرائيل فإنها ستعدل عن قرار انسحابها من المنظمة الذي يدخل حيز التنفيذ نهاية العام 2018"، وشدد على أن إعلان إسرائيل قرارها الانسحاب من اليونسكو لا يجب أن يعني بأي حال إعفاء إسرائيل من تطبيق القرارات التي اتخذتها اليونسكو ومن التعاون مع لجانها، داعيا منظمة اليونسكو إلى إيفاد لجنة تقصي حقائق في الاعتداءات الإسرائيلية على تاريخ القدس بما في ذلك المسجد الأقصى والبلدة القديمة وأبوابها
وأشار إلى أن انسحاب إسرائيل كان متوقعاً في إطار محاولة إسرائيل التهرب من تنفيذ القرارات الصادرة عن المنظمة، خاصة المتعلقة بمدينة القدس والمسجد الأقصى المبارك، جراء ما تتعرض له المدينة من مخططات، والتي تتصاعد يومياً خاصة بعد قرارات منظمة اليونسكو الأخيرة التي جاءت إنصافاً وتأييداً للحق الفلسطيني غير القابل للتصرف، وتعبيراً عن إدانة المجتمع الدولي ورفضه لكافة سياسات وإجراءات الاحتلال الإسرائيلي التي تهدف إلى طمس المعالم التاريخية والمساس بالحقوق السياسية والحضارية والدينية الثابتة للشعب الفلسطيني في مدينة القدس، وكشف زيف الرواية الإسرائيلية التي ضلل بها الرأي العام العالمي والمجتمع الدولي لعقود طويلة من الزمن، بالإضافة إلى خضوعها كدولة قائمة بالاحتلال للإجراءات القانونية المطبقة على الدول كافة الملتزمة بالقانون حيث أكد المجلس أن قرارات "اليونسكو" تعكس الإرادة الجماعية ورأي أغلبية الدول الأعضاء فيها.
وصادق المجلس على اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمار مع صندوق أوبك للتنمية الدولية انطلاقاً من إدراك الدول الأعضاء في أوبك إلى الحاجة للتضامن فيما بينها، وبأهمية التعاون المالي بينها وبين الدول النامية، وتوفير الدعم المالي لها، إضافة للقنوات الثنائية ومتعددة الأطراف القائمة بالفعل والتي تقدم من خلالها الدول الأعضاء بأوبك المساعدة المالية للدول النامية الأخرى، كما صادق على اتفاقية التعاون الفني مع البرازيل والتي ستمكن الطرفين من الاستفادة من آلية التعاون الثلاثي عن طريق الشراكة الثلاثية مع دول أخرى ومنظمات دولية ووكالات إقليمية، كما صادق على مذكرة التفاهم الموقعة مع الحكومة الإندونيسية بشأن تسهيل دخول المنتجات الفلسطينية إلى جمهورية إندونيسيا، بهدف تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين.
وأعرب المجلس عن شكره وتقديره لمواقف اندونيسيا ووقوفها الدائم إلى جانب شعبنا وقضيتنا في كافة المحافل والتي كانت الدولة الأولى التي تعترف بفلسطين بعد إعلان الاستقلال عام 1988، وصادق المجلس على تعديل الذيل الرابع من نظام العلامات التجارية رقم (1) لسنة 1952 والمتعلق بتصنيف البضائع فيما يختص بتسجيل العلامات الجارية بما يتلاءم والطبعة العاشرة من التصنيف الدولي للبضائع، بهدف مواءمة إجراءات تسجيل العلامات التجارية بما يتناسب مع المتطلبات الدولية، ليتسنى الانضمام إلى الاتفاقيات الدولية المتعلقة باتفاقية نيس للبضائع والخدمات، وقرر إحالة مشروع قانون هيئة الإمداد والتجهيز ومشروع قانون تنظيم العمل الإشعاعي والنووي إلى أعضاء مجلس الوزراء لدراستهما، وإبداء الملاحظات بشأنهما، تمهيداً لعرضهما على مجلس الوزراء واتخاذ المقتضى القانوني المناسب
أرسل تعليقك