يشوب العلاقة بين الإدارة الأميركية والسلطة الفلسطينية توتر كبير هذه الأيام، على خلفية الدعم الأميركي اللامحدود لإسرائيل في حربها على قطاع غزة.
وقالت مصادر فلسطينية لـ«الشرق الأوسط»، إن الخلاف الرئيسي مع الولايات المتحدة اليوم متعلق بموقف أميركا الداعم لاستمرار الحرب على قطاع غزة «حتى النهاية التي تريدها إسرائيل».
وبحسب المصادر، فإن الإدارة الأميركية لا تريد وقف الحرب، وإنما «رفع الغطاء عن حماس فلسطينياً وعربياً وتحييد الجبهات الأخرى»، وهو السبب الرئيسي للخلاف المتفاقم.
وأكدت المصادر أن إلغاء القمة الرباعية التي كان يفترض أن تجمع الرئيس الأميركي جو بايدن مع العاهل الأردني الملك عبد الثاني، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، في عمان، الأربعاء، جاء بعد إدراك الرؤساء العرب أنها لن تسفر عن أي تقدم لجهة وقف الحرب، وأن ذلك لم يكن مقبولاً بعد مجزرة مستشفى المعمداني التي قتلت فيها إسرائيل نحو 500 فلسطيني نزحوا مع عائلاتهم إلى المشفىوكان عباس أول من أعلن انسحابه من القمة وغادر عمان في وقت متأخر، الثلاثاء، ووصل إلى رام الله وعقد اجتماعاً للقيادة الفلسطينية بعد منتصف الليل، وهاجم بشكل واضح الولايات المتحدة، قائلاً إنها لا تريد حماية الفلسطينيين.وقال عباس منتقداً الولايات المتحدة: «سنقوم بكل ما يلزم لنوقف حمام الدم في غزة الأبية وفي الضفة الباسلة. إن أي كلام غير وقف هذه الحرب لن نقبل به من أحد إطلاقاً، وعلى مجلس الأمن تحمل مسؤولياته، وأن يبادر إلى إصدار قرار بإدانة هذه الجريمة (قصف المستشفى) ووقف العدوان فوراً».
وأضاف: «حذرنا المجتمع الدولي من عواقب جرائم الاحتلال الإسرائيلي، وأطالب في هذه اللحظات العصيبة بمحاسبة حكومة الاحتلال، وتوفير الحماية الدولية لأبناء شعبنا. اتخذوا عشرات القرارات للحماية الدولية لشعبنا ولم يطبقوها؛ لأن أميركا لا تريد أن تطبقها».
وتابع: «لن نسمح بنكبة جديدة في القرن الواحد والعشرين، ولن نقبل بأن يهجر شعبنا مرة أخرى، شعبنا سيبقى صامداً على أرض وطنه، ولن نرحل ولن نرحل ولن نرحل، مهما بلغت التضحيات».
وخاطب عباس الغزيين قائلاً لهم: «إن المخطط الإسرائيلي بتهجيركم من أرض وطننا لن يمر، وسنتصدى له بكل السبل».
وحيا عباس موقف كل الدول العربية التي رفضت التهجير، وكل الدول التي تدعو إلى عدم التهجير. وأردف: «سنبقى على أرضنا، لن نرحل من أرضنا، ولن نسمح لأحد أن يرحلنا من أرضنا كما فعلوا بالماضي، الماضي لن يتكرر، والـ48 والـ67 لن تتكررا، هنا باقون»"التوتر في العلاقة الفلسطينية الأميركية ليس جديداً، وكانت العلاقة انقطعت تماماً أيام الإدارة الأميركية السابقة التي رأسها دونالد ترمب، بسبب موقفه من الصراع، وطرحه خطة «صفقة القرن»، ونقله السفارة الأميركية إلى القدس، وإغلاق القنصلية الخاصة بالفلسطينيين هناك، وإغلاق مكتب ممثلية «منظمة التحرير» في واشنطن، وقطع جميع المساعدات عن الفلسطينيين، لكنها استؤنفت مع الإدارة الحالية، التي أعادت المساعدات، ووعدت بمعالجة القضايا الأخرى.
وحتى قبل اندلاع الحرب، كان يمكن وصف العلاقة الأميركية الفلسطينية بأنها جيدة بين مد وجزر. لكن الدعم الأميركي غير المحدود لإسرائيل، الذي وصل إلى أن تتحول الولايات المتحدة لشريك في هذه الحرب، مع حضور الرئيس الأميركي جو بايدن شخصياً لإسرائيل واجتماعه بمجلس الحرب الإسرائيلي، وهي خطوة سبقه إليها وزيرا الدفاع والخارجية الأميركيان، ولّد غضباً فلسطينياً، وترك انطباعاً في كل من رام الله وعمان ومصر أن هذا الدعم قد يصل إلى حد الموافقة على ترحيل الفلسطينيين.وأشعل إصرار إسرائيل على دفع الفلسطينيين إلى النزوح من شمال ووسط قطاع غزة إلى جنوب غزة (منطقة وادي غزة)، مخاوف إقليمية من خطة إسرائيلية لتهجير الفلسطينيين، بل بحسب المصادر التي تحدثت إليها «الشرق الأوسط»، هناك معلومات وقناعة مطلقة بأنه توجد خطة ستنفذ في قطاع غزة، ولاحقاً في الضفة الغربية، لتهجير الفلسطينيين.
وأكدت المصادر أن ثمة اتفاقاً فلسطينياً أردنياً مصرياً على رفض هذه الخطط مهما كان الثمن. وأبلغ عباس وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أنه يجب وقف الحرب وكبح جماح الإسرائيليين، وليس تقديم دعم كامل لهم؛ لأن هذا الدعم أطلق يَدهم بشكل غير مسبوق في التدمير والقتل، إلى الحد الذي يريدون فيه إحياء خطط قديمة لترحيل الفلسطينيين إلى سيناء، لكن بلينكن ركز على أن الحرب ليست ضد الفلسطينيين، وإنما ضد «حماس»، وأراد رفع الغطاء عنها فلسطينياً.بحسب المصادر، كان ثمة توتر في النقاش عندما طرح عباس أن تحيز واشنطن وعدم دعمها السلطة وإقامة الدولة الفلسطينية، والانحياز لإسرائيل، هو الذي أوصل الوضع إلى ما هو عليه.
إضافة إلى عباس، تعهد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بإحباط مخطط تهجير الفلسطينيين.
تهجير الفلسطينيين إلى سيناء، فكرة قديمة عرضها مسؤولون إسرائيليون على رئيسَي مصر السابقين، أنور السادات ومحمد حسني مبارك، وكان الرد رفضاً حاسماً، باعتبار المسألة إضافة إلى أنها تحمل بعداً وطنياً تشكل قضية أمن قومي مصري.
ومع بدء الحرب الحالية، نصح متحدث باسم الجيش الإسرائيلي الفلسطينيين بالهرب إلى سيناء، ثم سرعان ما سحب الجيش التصريح وعدّله بعد غضب مصري كبير، ثم انبرى مسؤولون إسرائيليون يروجون لها بشكل غير رسمي.
وفيما قال رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، تساحي هانغبي، إن على الفلسطينيين إخلاء شمال القطاع، وأنه سيتم تحديد منطقة محمية لهم في الجنوب مع مساعدات، وقال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي إن وضع غزة بعد نهاية الحرب سيكون «قضية عالمية مطروحة للنقاش الدولي»، لم يتردد رئيس حزب «يسرائيل بيتينو»، أفيغدور ليبرمان، الذي شغل مناصب وزارية من بينها وزارة الدفاع، في القول إن إقامة «مدينة لاجئين» في سيناء هو الحل الوحيد لقطاع غزة، وهذا هو وقتها.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
الرئيس الفلسطيني يدعو الأمم المتحدة إلى التدخل الفوري لوقف «العدوان الإسرائيلي»
عباس يترأس وفد فلسطين في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة
أرسل تعليقك