يشتد الصراع في إيران بين أجنحة الحكم بشكل متواصل على خلفية انسحاب الولايات المتحدة الأميركية في 8 مايو/أيار من الاتفاق النووي الذي أبرم مع طهران في 2015.
وشهرت عناصر التيار المحافظ المتشدد المحسوبة على المرشد الأعلى، سيوفها بوجه الرئيس الإيراني حسن روحاني ووزير خارجيته ظريف، بصفتهما مهندسي الاتفاق النووي من الجانب الإيراني.
وحمّل سكرتير مجلس تشخيص مصلحة النظام في إيران محسن رضائي، حكومة روحاني مسؤولية فشل الاتفاق النووي، ودعا الحكومة إلى تلقي الدروس من هذا الفشل وعدم تكرار الأخطاء السابقة للمرة الرابعة على التوالي، بحسب تعبيره.
ونشرت وكالة "فارس" للأنباء التابعة للحرس الثوري، اليوم الاثنين، تعليقا للجنرال في الحرس الثوري وسكرتير مجلس تشخيص مصلحة النظام الإيراني على حسابه في "إنستغرام"، والذي انتقد فيها تعاطي حكومة روحاني مع الاتفاق النووي جاء فيه: "بعد أخطائها الثلاثة، تضع حكومة روحاني نفسها اليوم في موقف حرج، على أقل تقدير يجب أن تتجنب ارتكاب الخطأ الرابع".
الأخطاء الأربعة
وفي خضم الإشارة إلى المرحلة المقبلة بعد الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي، عدّد محسن رضائي الأخطاء الأربعة فكتب يقول: "لقد انتهى الاتفاق النووي وينبغي أخذ الدروس منه، لقد ارتُكب الخطأ الأول عندما لم يشارك فريق اقتصادي من جانبنا في المفاوضات، لنرغم وزارة الخزانة الأميركية على تعميم نص الالتزام بالاتفاق النووي على كافة القطاعات الاقتصادية في أوروبا وأميركا".
أما بخصوص ما اعتبره القائد الأسبق للحرس الثوري "الخطأ الثاني"، أشار رضائي إلى "عدم اتباع الشروط التسعة" التي وضعها المرشد الإيراني علي خامنئي للحكومة والبرلمان بشأن التفاوض. وأضاف: "في واقع الأمر تم إهمال الاتفاق النووي في منتصف الطريق في حين كان من الضروري مواصلة المفاوضات حتى تتحقق الشروط التي وضعها قائد الثورة كملحق للاتفاق النووي، إلا أن استعجال السيد روحاني في الإعلان عن الاحتفال الوطني بالاتفاق النووي أوقف المفاوضات".
وتمثل الخطأ الثالث، الذي تحدث عنه رضائي، فيما وصفه بـ"وضع رقبة الاقتصاد الإيراني تحت مقصلة مستقبل الاتفاق النووي"، مضيفاً أن هذا التوجه دفع أصحاب العمل في إيران إلى "أن ينتظروا لبضعة أعوام وبشكل عبثي، سراب الصفقات الدولية".
أما الخطأ الرابع الذي حذر منه رضائي حكومة الرئيس الإيراني، فلم يحدده بوضوح، ما دفع المراقبين للشأن الإيراني تأويل ذلك بمثابة دعوة مبطنة للحكومة بالانسحاب من الاتفاق النووي، حيث كتب يقول: "بأخطائها الثلاثة فقد وضعت حكومة روحاني نفسها اليوم في موقف صعب، على أقل تقدير ينبغي عليها أن تستخلص الدروس من أخطاء الماضي حتى تتجنب الوقوع في الخطأ الرابع".
وزير خارجية إيران السابق ينتقد النووي
وكان وزير الخارجية الإيراني الأسبق ومستشار المرشد في الشؤون الدولية الذي يعتبره المراقبون "وزير خارجية الدولة العميقة" غيّر موقفه المؤيد للاتفاق النووي الذي أبرمته طهران مع دول 5+1، فانتقد الإسراع في الموافقة على الاتفاق النووي، ما أثار حفيظة الشخصيات ووسائل الإعلام الإيرانية القريبة من الرئيس حسن روحاني.
وكان ولايتي انتقد الاتفاق النووي، مذكراً أنه "في قضية الاتفاق النووي تم ربط الحياة المعيشية للناس بالاتفاق، وعطلوا البلاد برمته. وفي الوفد المفاوض كان ثقل المفاوضات على أكتاف الدكتور ظريف، وهو حاول حقاً ولكن لا يمكن لشخص واحد أن يكون متخصصاً في كافة المجالات".
كما انتقد ولايتي البرلمان الإيراني لما اعتبره استعجال مجلس الشورى في المصادقة على الاتفاق النووي، متسائلاً: "هل كان صحيحا أن يصادق المجلس خلال 20 دقيقة فقط على أمر في غاية الأهمية (الاتفاق النووي)؟ من الواضح أنه لم يكن تصرفاً جيداً، حيث يقول البعض لو كانت اللجان البرلمانية ناقشت الأمر بما يكفي وبشكل صحيح لما واجهنا اليوم هذه المصائب".
وصفه ما آل إليه الاتفاق النووي بـ"المصائب" هو إشارة إلى قرار الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، الثلاثاء 8 مايو الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، متهما النظام الإيراني بإشعال الصراعات في الشرق الأوسط، ودعم المنظمات الإرهابية، مؤكداً "بعد لحظات، سأوقع أمراً رئاسياً للبدء بإعادة العمل بالعقوبات الأميركية المرتبطة بالبرنامج النووي للنظام الإيراني. سنفرض أكبر قدر من العقوبات الاقتصادية".
أرسل تعليقك