دمشق - جورج الشامي
أكد رئيس الائتلاف الوطني السوري أحمد الجربا أن "النظام السياسي الصالح لسورية هو أولا وقبل أي شيء، النظام الذي يحظى بأصوات غالبية السوريين خلال عملية استفتاء عام"، معربًًا عن "اعتقاده أن النظام الأصلح هو النظام المدني التعددي الديمقراطي الذي يكفل حرية التعبير والذي يراعي الخصوصية الثقافية والاجتماعية للشعب السوري، بعيدًا من الاستحضار التعسفي أو الإسقاط المباشر لأي نوع من الأنظمة الغربية الجاهزة"، لافتا إلى أن "النظام السياسي هو في اعتقادنا عملية إنتاج يفرزها الجسم السوري بكل مكونات شرائحه، مستعينًا بالنماذج المتّبعة في الدول المتشابهة مع سورية في تركيبها السياسي وتنوعها، أما بالنسبة للنموذج السوري الأفضل في تاريخنا المعاصر، فاتفق مع الرأي الذي يقول إن الدستور البرلماني الرئاسي هو الأنسب بعد إجراء تعديلات عدة عليه، ليتماشى مع العصر، ويراعي المتغيرات التي أفرزتها التجربة السورية المريرة مع نظام آل الأسد، إضافة إلى المتغيرات الجذرية التي أحدثتها الثورة".
وكشف الجربا عن اصلاح الدستور، وقال"إننا في صدد رعاية ورشة عمل قضائية قادها وأشرف عليها كوكبة من الحقوقيين والقضاة الذين تعاونا معهم بكل قوانا، وأنجزوا مسودتين للدستور، وقد وضعنا هذا الجهد الجبار في إطار العمل على إيجاد أرضية لمناقشة الدستور المقبل مع كل القوى التي بدأنا استمزاج رأيها وتسجيل ملاحظاتها، وعندما ينتهي العمل سيكون مطروحًا كمسودة للنقاش مع مختلف القوى تمهيدًا للخروج بمشروع دستور لعرضه على الاستفتاء العام"، مشيرا إلى أن "ما يؤرق السوريين ويقض مضاجعهم هو نموذج الحزب الواحد الحاكم بأمره، والذي أوصلنا إلى خراب سياسي واجتماعي واقتصادي، ودمّر حياتنا الثقافية"، مشددًا على أن "السوريين سينحازون بغالبيتهم الساحقة إلى نظام التعددية الحزبية الحقيقية، التي تسهم في عملية تداول السلطة، انطلاقًا من مبدأ المشاركة التي تحفظ الاختلاف والمختلف، بعيدًا عن أي نوع من الاقصاء الذي مورس على الشعب السوري باسم حزب "البعث".
ورأى أن "المفتاح العجائبي الذي يثلج قلوب السوريين، سيكون انتخاب رئيسًا للجمهورية، بعدما نسينا هذه العادة ما يزيد على 40 سنة، حيث حلّت المبايعة العمياء بديلًا من الانتخاب الحر، وبالنسبة لمن ينتخب الرئيس فشكل الدستور الذي سيتم اعتماده بالاستفتاء هو الذي يحدده، وان كنت أميل إلى الانتخاب الحر المباشر من المواطنين".
أما في ما يخص صلاحيات الرئيس فأكد أنها "هي أيضا منوطة بالدستور العتيد، ولكنني ممن يعتقدون بأن صلاحيات الرئيس اذا كان النظام رئاسيًا يجب أن تكون واسعة وتشمل الدفاع مع الأخذ في الاعتبار صلاحيات البرلمان وسلطاته التشريعية والرقابية، اضافة إلى المحافظة على صلاحيات مجلس الوزراء وحدود اختصاصات وزاراته"، مشددا في المقابل على "أهمية التوازن بين السلطات وفصلها مع وجود هامش موسّع للرئيس هي برأينا المعادلة التي ترسم الصلاحيات الرئاسية ونظام الحكم".
وتحدث الجربا عن "دور سورية ووظيفتها الإقليمية بعد سقوط النظام"، مؤكدا أن "الشعب السوري هو الذي سيحددها عند اختيار نظامه ودستوره، ولكن مما لا شك فيه ان هذا الشعب يحمل في وجدانه وثقافته العروبة بمكوناتها الثقافية والسياسية وبمختلف شؤونها وشجونها"، معربا عن "اعتقاده أن سورية الجديدة ستلعب عن حق دور قلب العروبة النابض، لكننا سنكون أمام العروبة بمعناها الحقيقي أي المنفتحة والمعتدلة التي تفرد مساحة للاختلاف وتحمي التنوع والتعددية وتشكل مظلة حضارية لتفاعل الثقافات والأديان والعرقيات بحرية كاملة"، لافتا إلى "أننا عندما نقارب هذا النمط من العروبة النابضة في القلب السوري يصبح واضحًا التموضع الطبيعي لسورية التي ستنحاز إلى عروبتها آخذة في الاعتبار تجربة الثورة التي أفرزت مواقف واضحة من قبل الأشقاء العرب الذين أبدوا دعمًا واضحًا في مقابل دول استجدّت كعدو للشعب السوري في المنطقة وأولها إيران، أما بالنسبة لإسرائيل فموقف السوريين لم ولن يتغير منذ النكبة ما لم تلتزم إسرائيل بمتطلبات السلام التي أدرجت في المبادرة العربية وما زالت اسرائيل تتنصل منها".
وأشار إلى أن "الإعلام والحريات العامة سيكونان موضع عناية خاصة، كون هذه القضية موضع حساسية عالية من قبل السوريين، فقد تلوّعنا من الرأي الواحد، لذلك ستكون التعددية وصيانة حرية التعبير، الرد الطبيعي على الحالة الكارثية التي سبقت الثورة، ولن نرضى بأي قيد على حرية الاعلام والتعبير، من دون أن يعني ذلك تجاوز حدود القانون التي تحمي الاعلام من التحول إلى فوضى باسم الحرية".
وعن الحركات التكفيرية، قال "عندما يتم الحديث عنها ينصرف الذهن إلى جماعات معينة تنتمي إلى الاسلام السياسي"، موضحا أن "التكفير كنزعة إلغائية لا ينحصر في جماعية معينة أو دين معيّن، ولا أعفي العلمانيين أو من يدعون العلمانية من التكفير بمعنى الإلغاء، وإلا كيف نفهم عمليات الإلغاء والاقصاء والمجازر الجماعية التي مارسها نظام البعث "العلماني" بحق الشعب السوري"، لافتا إلى أن "التكفير أو الإلغاء هو نزعة مدمّرة لأي شعب ولا يمكن للشعب السوري أن يتسامح بعدما اختبرها مع نظام الأسد بأبشع ألوانها وما زال يعانيها بعنف من الأسد وأدواته وبعض الغرباء أو المتغربين عن ثقافة وقيم الشعب السوري".
أرسل تعليقك