قوبل قرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بإعلان القدس عاصمة موحدة لإسرائيل وإيعازه بنقل السفارة إليها، بردود فعل عربية ودولية رافضة ومحذرة من أبعاد وتبعات القرار، باعتباره يدمر أي فرصة لحل الدولتين، ويقوّض أي جهود للسلام ويشعل فتيل الحرب في المنطقة من جديد، حيث أعلنت القوى الوطنية والإسلامية في مدينة القدس، مساء الخميس، رفضها التام لإعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب باعتبار المدينة المقدسة عاصمة لإسرائيل.
وأعلنت قوى القدس الإضراب في جميع المحال التجارية، يوم غد الخميس، في المدينة؛ رفضا للإنحياز الأميركي، واحتجاجا على قرار واشنطن غير المسؤول بإعلان القدس عاصمة إسرائيل، مؤكدة على أن القدس عاصمة الدولة الفلسطينية المستقلة، وقال رئيس دولة فلسطين محمود عباس، إن الإدارة الأميركية بإعلانها القدس عاصمة لإسرائيل، قد اختارت أن تخالف جميع القرارات والاتفاقات الدولية والثنائية وفضلت أن تتجاهل، وأن تناقض الإجماع الدولي الذي عبرت عنه مواقف مختلف دول وزعماء العالم وقياداته الروحية والمنظمات الإقليمية خلال الأيام القليلة الماضية حول موضوع القدس، مضيفًا في خطاب ألقاه تعقيبا على قرار الرئيس دونالد ترامب باعتبار القدس عاصمة لدولة الاحتلال: كما أن هذه الإجراءات تمثل مكافأة لإسرائيل على تنكرها للاتفاقات وتحديها للشرعية الدولية، وتشجيعا لها على مواصلة سياسة الاحتلال والاستيطان و"الأبارتهايد" والتطهير العرقي.
وقال رئيس الوزراء الدكتور رامي الحمد الله، إن اعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن مدينة القدس مخالف لجميع قرارات الشرعية الدولية والقوانين والتفاهمات المعروفة التي تعترف بكون القدس مدينة فلسطينية محتلة وقع عليها الاحتلال خلال عدوان عام 67، ودعا الرئيس اللبناني العماد ميشال عون الدول العربية الى وقفة واحدة لإعادة الهوية العربية الى القدس ومنع تغييرها، والضغط لإعادة الاعتبار الى القرارات الدولية ومبادرة السلام العربية كسبيل وحيد لإحلال السلام العادل والشامل الذي يعيد الحقوق الى أصحابها .
ووصف عون موقف الرئيس الاميركي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل، بأنه خطير ويهدد صدقية الولايات المتحدة كراعية لعملية السلام في المنطقة، وينسف الوضع الخاص الذي اكتسبته القدس على مدى التاريخ، ولفت الرئيس عون الى ان هذا القرار، أعاد عملية السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين الى الوراء عشرات السنين وقضى على كل محاولة لتقريب وجهات النظر بينهم ، محذراً مما يمكن ان يحدثه القرار الاميركي من ردود فعل تهدد استقرار المنطقة وربما العالم اجمع.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش، إن وضع القدس لا يمكن أن يحدد الا عبر تفاوض مباشر" بين الفلسطينيين والاسرائيليين، مذكرا بمواقفه السابقة التي تشدد على رفض اي اجراء من طرف واحد، من شأنها أن تهدد احتمال السلام، وتابع غوتيريش بعد خطاب الرئيس الأميركي ترامب، مساء اليوم الأربعاء: "إن القدس هي قضية نهائية يجب حلها من خلال المفاوضات المباشرة بين الطرفين على أساس قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة ذات الصلة، مع مراعاة المخاوف المشروعة لكل من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وإنني أدرك التعلق العميق الذي تتمتع به القدس في قلوب الكثيرين، لقد كان ذلك لعدة قرون، وسيكون دائما".
واعتبر وزير الخارجية الهولندي، هالبه زيليسترا، مساء اليوم الأربعاء، أن "الحل الوحيد (لقضية القدس) هو خطة حل الدولتين، التي تنص على أن القدس مدينة يتقاسمها الفلسطينيون والإسرائيليون"، وأشار إلى أن إقدام الولايات المتحدة على نقل سفارتها إلى القدس بشكل أحادي رغم عدم وجود سفارة أي دولة فيها، هي "خطوة غير عقلانية وستضر بمسار السلام". وحذّر من أن اتخاذ خطوات أحادية من هذا النوع قد يكون له تبعات غير عادية مثل حدوث اضطرابات، وأضاف: "القدس مكان مقدس بالنسبة للمسلمين والمسيحيين، واحتمال حدوث فوضى في الأماكن المقدسة مرتفع، وسنرى معًا انعكاسات هذه الخطوة.
وأعربت جمهورية مصر العربية في بيان صادر عن وزارة الخارجية عن استنكارها لقرار الولايات المتحدة الأميركية الاعتراف بالقدس كعاصمة لدولة إسرائيل ونقل سفارتها إليها، ورفضها لأية آثار مترتبة على ذلك، وأكد البيان الصادر عن الخارجية المصرية اليوم الأربعاء، أن اتخاذ مثل هذه القرارات الأحادية يعد مخالفا لقرارات الشرعية الدولية، ولن يغير من الوضعية القانونية لمدينة القدس باعتبارها واقعة تحت الاحتلال وعدم جواز القيام بأية أعمال من شأنها تغيير الوضع القائم في المدينة، مشيرة إلى العديد من قرارات الشرعية الدولية بشأن القدس، كما نوه البيان إلى مخاطر تأثير هذا القرار على مستقبل عملية السلام، لاسيما الجهود المبذولة لاستئناف التفاوض بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، بهدف تحقيق السلام العادل والشامل وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
وقالت الحكومة الأردنية، إن قرار الولايات المتحدة الأميركية الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل سفارتها اليها، يمثل خرقا لقرارات الشرعية الدولية وميثاق الأمم المتحدة، التي تؤكد أن وضع القدس يتقرر بالتفاوض، وتعتبر جميع الإجراءات الأحادية التي تستهدف فرض حقائق جديدة على الأرض لاغية وباطلة، وبيّن وزير الدولة لشؤون الاعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة محمد المومني في بيان مساء اليوم الأردن، إن المملكة ترفض القرار الذي يزيد التوتر، ويكرس الاحتلال، ويؤجج الغضب ويستفز مشاعر المسلمين والمسيحيين على امتداد العالمين العربي والاسلامي.
ووصف الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون اليوم، الأربعاء بـ"المؤسف" قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وشدد الرئيس الفرنسي في مؤتمر صحفي عقده في الجزائر حيث يقوم بزيارة، على "تمسك فرنسا وأوروبا بحل الدولتين إسرائيل وفلسطين، تعيشان جنبا إلى جنب بسلام وامن، ضمن حدود معترف بها دوليا ومع القدس عاصمة للدولتين"، وقال: إن هذا القرار مؤسف وأحادي الجانب وفرنسا لا تؤيده، في حين وصف وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو، مساء اليوم الأربعاء، قرار الرئيس الأميركي بشأن الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل بأنه غير مسؤول.
وأفاد تشاوش أوغلو في تصريح على حسابه على موقع التغريدات المصغرة "تويتر": نحن ندين الإعلان غير المسؤول الصادر عن الادارة الأميركية، فهذا القرار يتعارض مع القانون الدولي ومع قرارات الأمم المتحدة، ورحبت أوساط إسرائيلية بالقرار الأميركي الخاص باعتبار القدس عاصمة للكيان الإسرائيلي، إذ وصف بـ"التاريخي والمفصلي"، فقد امتدح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو القرار، وقال إن "ما جرى بمثابة يوم تاريخي ومفصلي حول القدس"، وزعم أن "إسرائيل لا تنوي المس بالأمر الواقع بالأقصى في أعقاب القرار"، وادعى أن "إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب بمثابة حجر الزاوية الأهم في تاريخ القدس، فالقدس عاصمتنا منذ 3 آلاف عام".
وشكر نتنياهو الرئيس ترمب على ما قال إنه "قراره العادل والشجاع حول القدس وكذلك الاستعداد لنقل السفارة"، داعيًا دول العالم إلى الذهاب خلف ترمب، ولفت إلى أن "تصريح ترمب يعزز فرص تحقيق السلام لأنه يعيد الجميع إلى أرض الواقع والحقيقة التي لا جدال فيها وهي أن القدس عاصمة إسرائيل"، كما قال الرئيس الإسرائيلي روبي ريفلين إن القرار "أعظم هدية في الذكرى الـ70 لقيام إسرائيل".
ورحبت غالبية الكتل البرلمانية والأحزاب السياسية الإسرائيلية بالقرار ووصفته بالتاريخي والشجاع وأن ترمب رجل قول وفعل على حد وصفهم، وكان ترمب أعلن مساء الأربعاء الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل، مدعيًا أن ذلك "لمصلحة الولايات المتحدة الأميركية وتحقيق السلام بين إسرائيل والفلسطينيين"، وقال ترمب في خطاب متلفز له من البيت الأبيض في واشنطن إنه "آن الأوان لنعلن رسميا عن الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل وهي خطوة تأخرت كثيرا من أجل دفع عملية السلام إلى الأمام".
أرسل تعليقك