قالت مصادر فلسطينية مطلعة، إن الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أوعز بالمضي قدماً في مباحثات مصالحة مع «حماس»، في سبيل توحيد الجهود الفلسطينية، في مواجهة الحكومة الإسرائيلية الحالية.
وأكدت المصادر أنه إضافة إلى الدعوة المفتوحة التي كان قد وجهها الرئيس بعد الهجوم الإسرائيلي على جنين أواخر الشهر الماضي لكافة الفصائل، من أجل اجتماع طارئ للاتفاق على رؤية شاملة لمواجهة العدوان، فقد وجَّه عباس بالمضي قدماً في مباحثات المصالحة مع «حماس».
وحسب المصادر فإنه سيتم التواصل مع حركة «حماس» وبقية الفصائل الفلسطينية، من أجل إطلاق حوار شامل، ووضع آليات وتصورات واستراتيجيات لتصليب الجبهة الداخلية، وإنهاء الانقسام.
توحيد المواقف الفلسطينية جزء من خطة أوسع وضعتها القيادة الفلسطينية، في مواجهة السياسة التي تنتهجها الحكومة الإسرائيلية الحالية، وتقوم على الضغط على إسرائيل بطريقة تفهم من خلالها أن لكل فعل يوجد ثمن.
وكانت القيادة الفلسطينية قد أوقفت التنسيق الأمني الذي تعتبره إسرائيل الأهم في علاقتها مع السلطة الفلسطينية، وتحرص على استمراره لتجنب تصعيد أكبر أو فوضى محتملة، ورفضت استئنافه على الرغم من ضغوط دولية وإقليمية على السلطة، كما قررت دفع المقاومة الشعبية على الأرض، والاستمرار في التوجه إلى المنظمات الدولية، في سبيل الضغط على إسرائيل.
وتأتي المصالحة مع «حماس» الآن، بوصفها خطوة طالما عارضتها إسرائيل إلى الحد الذي هددت معه بأن تشكيل «حكومة وحدة» سيعني مقاطعة هذه الحكومة، وفرض عقوبات عليها، باعتبار أن «حماس» لا تعترف بإسرائيل. ومسألة الاعتراف بالشرعية الدولية كانت محل خلاف في المباحثات السابقة في الجزائر، والتي كان يفترض أن تستأنف نهاية العام الماضي أو بداية الحالي؛ لكن ذلك لم يحدث.
وكانت الفصائل قد وقَّعت على إعلان جزائري متعلق بتحقيق مصالحة فلسطينية في 13 أكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي، عُرف بـ«إعلان الجزائر» وتضمن التأكيد على اتخاذ الخطوات العملية لتحقيق المصالحة الوطنية عبر إنهاء الانقسام، وتعزيز وتطوير دور «منظمة التحرير الفلسطينية» وتفعيل مؤسساتها بمشاركة جميع الفصائل الفلسطينية، باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني بجميع مكوناتها ولا بديل عنها، وانتخاب المجلس الوطني الفلسطيني في الداخل والخارج؛ حيثما أمكن، بنظام التمثيل النسبي الكامل وفق الصيغة المتفق عليها والقوانين المعتمدة، خلال مدة أقصاها عام واحد، والإسراع في إجراء انتخابات عامة رئاسية وتشريعية في قطاع غزة والضفة الغربية، بما فيها القدس عاصمة الدولة الفلسطينية، وفق القوانين المعتمدة، في مدة أقصاها عام كذلك، وتوحيد المؤسسات الوطنية الفلسطينية.
وتضمن الإعلان أن يتولى فريق عمل جزائري – عربي الإشراف والمتابعة لتنفيذ بنود هذا الاتفاق، بالتعاون مع الجانب الفلسطيني، وتدير الجزائر عمل الفريق. وتم اتفاق الجزائر بعد شطب بند تضمن «تشكيل حكومة وحدة وطنية» وهو الأمر الذي يجعل تطبيق الاتفاق بعيد المنال.
بعد ذلك، أصر الرئيس الفلسطيني محمود عباس على أنه من أجل إتمام اتفاق المصالحة هذا، يجب أن تعترف الفصائل بالشرعية الدولية، ورد مسؤول «حماس» في قطاع غزة، يحيى السنوار، بأن حركته ترفض الالتزام بقرارات الشرعية و«الرباعية الدولية»، باعتبارها قرارات لا تنصف الشعب الفلسطيني وقضيته، مضيفاً: «لا يمكن لأحد أن يفرض علينا شروط (الرباعية) بالاعتراف بالكيان، وهذا لن يحدث أبداً، ولو أُبدنا عن بكرة أبينا».
ومرة أخرى، أجَّل هذا الخلاف مباحثات الجزائر؛ لكن الصورة اختلفت الآن. وقالت المصادر إن إسرائيل تقوِّض كل شيء، بما في ذلك الأسس التي قامت عليها عملية السلام، وإن شرط الاعتراف بالشرعية الدولية متعلق بالانضمام للمنظمة أو للحكومة بشكل مباشر؛ مضيفة أن «المطلوب الآن بناء استراتيجية واضحة في مواجهة المخاطر الكبيرة التي تستهدف الوجود الفلسطيني».
وكانت «حماس» قد أرسلت رسائل إيجابية قبل أيام قليلة حول توحيد الجهود. وقال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» صالح العاروري، في كلمة له خلال مؤتمر أخير نُظم في غزة لدعم صمود ومقاومة الضفة والقدس :«إن خطط حكومة الاحتلال الجديدة تستهدف وجود الفلسطينيين في كل مكان، ولذلك لا بد من توحيد الصفوف على رؤية وطنية لمواجهتها، وليس هناك ترف في الوقت».
وأضاف أن «الحكومة الإسرائيلية الجديدة مختلفة عن كل ما سبقها من حكومات إجرامية، فتركيبتها إجرامية، ولا تأخذ في الاعتبار قانوناً ولا مجتمعاً دولياً، ولا حتى قانونهم المحلي. يريدون أن يستولوا بشكل كامل على القدس والضفة الغربية. يريدون أن يفتعلوا توتراً جديداً في المنطقة كي يكملوا فيها تهجير كامل شعبنا واحتلال بقية الضفة والقدس».
وتابع: «يجب أن نوحد صفوفنا على استراتيجية مقاومة لهذا الاحتلال بكل الوسائل والأدوات، فتتحرك (منظمة التحرير) في كل المحافل الدولية، لحصاره وكشف الغطاء عنه، بينما يجري تصعيد المقاومة بكل الوسائل الميدانية والشعبية والمقاطعة والحجارة والسلاح».
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
أرسل تعليقك