القاهرة ـ العرب اليوم
ثلاثة أيام من البحث في أعماق النيل بالقاهرة لم تسفر عن أي شيء حتى الآن، مما أضفى مزيداً من الغموض على ما أصبح يعرف إعلامياً بـ«الميكروباص الشبح»، أو «ميكروباص الساحل»، وسط حالة من التضارب في الأنباء بين شهود عيان يؤكدون رؤيتهم «سيارة ميكروباص محملة بالركاب تسقط من أعلى كوبري الساحل»، وبيانات أجهزة الأمن وفرق البحث والغطاسين التي لم تجد أثراً للسيارة، أو حتى تتلقى بلاغات باختفاء ركابها.
بدأت القصة في الثانية ظهر يوم الأحد الماضي، عندما تلقت شرطة النجدة بلاغاً من مجهول يدعي فيه «سقوط سيارة ميكروباص من أعلى كوبري الساحل وغرقه في النيل»، لتتحرك أجهزة الأمن إلى موقع الحادث، وتطوق المكان، وتبدأ عملية البحث عن الميكروباص، بحسب البيانات الرسمية الصادرة من وزارة الداخلية المصرية.
وتواصلت عمليات البحث، وسط تصريحات من شهود عيان تجمعوا فوق الكوبري يؤكدون «رؤيتهم جسماً أبيض يسقط من فوق الكوبري»، وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي صوراً من موقع الحادث تظهر فرق الإنقاذ وهي تجوب نهر النيل، حتى أن بعضهم استعان بفيديو لسقوط سيارة من أعلى الكوبري تبين فيما بعد أنه لحادثة قديمة وقعت عام 2013.
شهود عيان الواقعة، يؤكدون روايتهم بالإشارة إلى جزء مكسور من السور الحديدي على الكوبري، طوقته الأجهزة الأمنية عقب الواقعة، وإلى بعض الزجاج المكسور المتناثر على الأرض. كما نقل موقع صحيفة «أخبار اليوم» الحكومية عن مصدر أمني قوله إن «الكاميرات التابعة لقسم شرطة إمبابة المثبتة أسفل الكوبري رصدت سقوط جسم أبيض في النيل في اللحظة التي تلقت فيها الأجهزة الأمنية بلاغاً بالحادث من شهود عيان، لكنها لم تحدد طبيعة الجسم نظراً لبعد المسافة»، وأضاف المصدر أن «أجهزة الأمن وجدت آثار زجاج سيارة في موقع البلاغ».
لكن في المقابل، أكدت البيانات الرسمية لأجهزة الأمن المصرية أنها «لم تتلقَّ أي بلاغ عن مفقودين حتى الآن». كما أن مسؤولي سرفيس الجيزة أكدوا في تصريحات صحافية «عدم وجود أي سيارة ميكروباص مفقودة»، وهو ما أثار تساؤلات بين المصريين على مواقع التواصل الاجتماعي حول «لغز الميكروباص»، حيث تساءل بعضهم عن إمكان اختفاء ميكروباص محمل بالركاب، كما يدعي شهود عيان، دون بلاغ واحد عن مفقودين.
ويشكك بعضهم في رواية شهود العيان، ومنهم محمود علي الشاب العشريني الذي كان عائداً إلى محل عمله بشبرا، ماراً بكوبري الساحل، وقت الحادث، ويقول لـ«الشرق الأوسط» إنه «فوجئ بتجمهر الناس والشرطة على الكوبري، فتوقف لمعرفة ما يحدث، وسمع الناس تتحدث عن سقوط سيارة ميكروباص»، مشيراً إلى أن «كل من تحدث معهم كانوا مثله سمعوا عن الحادث، لكن لم يره أي من المتجمهرين الذين التقاهم، والذين كانوا يرددون الواقعة على كل من يمر عليهم كأنهم شاهدوها بالفعل»، على حد تعبيره.
وحتى الآن، يتداول المصريون عدداً من الروايات حول الحادث تتعلق بالبلاغ الذي تلقته شرطة النجدة من مجهول بسقوط ميكروباص من أعلى الكوبري، وهي الرواية التي عززها بعض شهود العيان الذين كانوا في موقع الحادث، بحسب البيانات الرسمية من سلطات التحقيق.
والرواية الثانية نقلها شهود عيان، وتداولها رواد مواقع التواصل الاجتماعي، حول مناورة بين «ميكروباص» و«توك توك» أعلى الكوبري أدت إلى ارتطام الميكروباص بالحاجز الحديدي لسور الكوبري، مما أسفر عن كسره، إذ قال بعضهم إن الميكروباص خرج عن السيطرة، وسقط في النيل، وقال بعض آخر إنه توقف عقب اصطدامه بالحاجز الحديدي.
هذا الغموض دفع لجنة النقل في مجلس النواب المصري للمطالبة بتركيب كاميرات مراقبة في الشوارع. وقال النائب محمد عبد الله زين الدين، عضو لجنة النقل والمواصلات بمجلس النواب، في تصريحات صحافية، إن «خطة تطوير الطرق يجب أن تتضمن توفير أدوات لمراقبة الطرق، لمنع تكرار ما حدث في كوبري الساحل».
وحتى عصر اليوم، كانت جهود البحث مستمرة، حيث تفقد اللواء رجب عبد العال، مدير أمن الجيزة، موقع الاشتباه في سقوط الميكروباص أعلى كوبري الساحل، في الوقت الذي بدأت فيه الشكوك تزيد حول صحة الواقعة. فبحسب تصريحات مصادر أمنية مصرية لصحف حكومية مصرية: «لو كان الحادث حقيقياً، كانت فرق الغطاسين ستعثر على الميكروباص في قاع النيل، لا سيما أنها عثرت على جزء من السور الحديدي للكوبري، وكانت جثث الضحايا ستطفو على السطح، وهو ما لم يحدث، إضافة إلى أنه بالتأكيد كانت ستقدم بلاغات عن مفقودين، أو على الأقل سيارة مفقودة».
قد يهمك أيضا
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يصدر قرارا بجمع مدينتين في مدينة واحدة
أجرى الرئيس عبد الفتاح السيسي اتصالاً هاتفياً اليوم مع الرئيس العراقي برهم صالح
أرسل تعليقك