كشف السفير المصرى فى المغرب أشرف إبراهيم، طبيعة العلاقات الحالية بين مصر والمغرب البلدين الشقيقين وسبل تطويرها ودفعها بما يتناسب مع مكانة البلدين، مؤكدًا أن الملك محمد السادس سيقوم بزيارة رسمية إلى مصر في وقت قريب، فيما أوضح أسرارًا جديدة عن الملف الأفريقي وسبل جعل أفريقيا تحتل مكانتها فى الساحة العالمية للأفكار والجماليات، لزيادة حصتها السوقية فى الاقتصاد الإبداعى العالمي.
وأكد السفير إبراهيم خلال حوار أجراه مع "الأهرام العربي" أن المملكة المغربية لها مكانة كبيرة وتاريخية لدى مصر، وأن العلاقات بين البلدين الشقيقين جيدة جدًا على المستويين الشعبى والحكومي، وهى علاقات تاريخية، مضيفًا "بالنسبة للفترة الحالية، فالملك محمد السادس كان من أوائل المؤيدين لثورة 30 حزيران/ يونيو، وكان من المفترض قيامه بزيارة رسمية لمصر فى مايو 2017، وتم تأجيل الزيارة لأسباب خاصة بالملك.
وقال السفير "اتصالاتى بالجانب المغربى تؤكد أن الزيارة ستكون قريبة، ونحن نتطلع لتلك الزيارة، كما أن اللجنة العليا المشتركة بين مصر والمغرب لم تعقد منذ عام 2006، وهناك بعض الاتفاقيات تحتاج لتحديث نظرا لتغير الظروف، وهناك ظهور جديد لمجالات متعددة تحتاج لتوقيع اتفاقيات لدفع العلاقات للمستوى الذى يجب أن تكون عليه".
دعم العلاقات الثنائية
وتحدث السفير أشرف عن الدور الذى تقوم به السفارة لدعم العلاقات المصرية - المغربية، وقال "السفارة تعمل من أجل ذلك على ثلاثة محاور، أولها المحور الثقافي، واستغلال القوة الناعمة المصرية، لأنه كان هناك تراجع لهذا الجانب بسبب التطور التكنولوجي، ومواقع التواصل الاجتماعي، وارتباط المغرب بأوروبا بحكم الموقع الجغرافي، أما المحور الثانى الذى يعد فى منتهى الأهمية، فهو المحور الاقتصادي، لأن الـ 40 مليون مغربى والـ 100 مليون مصرى يأملون فى دفع هذا الجانب، وهناك اتفاقيات اقتصادية تجمع البلدين كاتفاقية أغادير، واتفاقية التجارة الأفريقية، ونحن نراجع هذه الاتفاقيات ونعمل على تطويرها وحل المشكلات وذلك لصالح البلدين، ومصر تحقق فائضا تجاريا مع المغرب، وهناك إمكانية لمضاعفة حجم الصادرات بين البلدين، كما أن المغرب لها علاقات تاريخية مع دول غرب أفريقيا، ومصر لها علاقات مع شرق وجنوب أفريقيا، وبالتالى هناك فرص لتحقيق التكامل بين البلدين ولصالح أفريقيا.
وأوضح "بالنسبة للاستثمارات المشتركة فهى فى مجالات متعددة أهمها السياحة وصناعة الأثاث وبطاريات السيارات، بالإضافة إلى الصناعات الغذائية، وتوجد زيارات متبادلة لرجال أعمال البلدين من أجل إقامة استثمارات مشتركة، كما أن أحد البنوك المغربية الجديدة فى مصر، سيكون له دور مهم فى حل مشاكل الاستثمارات المصرية فى إفريقيا، وبالنسبة للمحور الثالث وهو السياسى، فإنه كان هناك بعض الشوائب البسيطة وسوء تفاهم نعمل على إزالته، وهناك تحركات إيجابية وناجحة فى هذا الشأن".
أوضاع الجالية المصرية
وردَّ السفير على سؤاله بشأن أوضاع الجالية المصرية فى المغرب، قائلًا "الجالية المصرية هنا عددها قليل وتقريبا 1500 مصري، نتابع أوضاعهم وتسهيل المشاكل التى ربما تواجههم، وهم يعملون فى السياحة وصناعة الأثاث وبعض المجالات الأخرى، ويوجدون فى عدد من المدن المغربية".
وكشف بالأرقام عدد السياح المغاربة الذين يختارون السفر إلى مصر، وكيف أنها تتناسب مع مكانة مصر السياحية، حيث قال "الأرقام متوسطة ولكن هناك تزايدا فى عدد السياح المغاربة، ونحن نسهل لهم الحصول على التأشيرات ونقوم بخطة شاملة بالتعاون مع وزارة السياحة لزيادة أعداد السائحين".
وأوضح السفير جهود السفارة المصرية في المغرب في ملف مكافحة الإرهاب، والتي تُعد من أهم القضايا التى تشغل مصر فى الوقت الراهن، وقال "السفارة المصرية فى المغرب تبذل قصارى جهدها لتوضيح جهود مصر فى ملف مكافحة الإرهاب داخليا وخارجيا، ونعمل على أن يكونهناك تعاون بين جميع دول المنطقة لمكافحة الإرهاب من خلال تبادل المعلومات، خصوصا أن الإرهاب يضرب منطقة شمال أفريقيا وأوروبا، ولا بد من التكاتف للقضاء عليه لأنه يشكل عائقا أمام التنمية خصوصا فى دول جنوب المتوسط".
كواليس مشاركاته في "سايفاى أفريقيا 2018"
وكشف السفير إبراهيم عن كواليس مشاركاته فى مؤتمر التكنولوجيا والابتكار والمجتمع "سايفاى إفريقيا 2018"، حيث أوضح أنه تحدث فى المؤتمر عن خطة التنمية المستدامة لعام 2030، التى اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة فى أيلول/ سبتمبر 2015 اعترفت لأول مرة بالدور الأساسى للثقافة كمحرك للأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للتنمية المستدامة، كما أن الصناعات الثقافية والإبداعية من بين الصناعات الأسرع نموًا فى العالم، حيث تمثل 30 مليون وظيفة حول العالم، فيما زادت التجارة العالمية فى السلع الإبداعية إلى أكثر من الضعف بين عامى 2004 و 2013، واليوم يسهم الاقتصاد الإبداعى فى 6.1 % من الاقتصاد العالمى، وهو ما يمثل 4.3 تريليون دولار أمريكى سنويا، والاقتصاد الإبداعى ليس فقط أحد القطاعات الأكثر نموًا فى الاقتصاد العالمى، بل هو أيضا تحويلى للغاية من حيث توليد الدخل وخلق فرص العمل وعائدات التصدير".
وأضاف "كان هناك الكثير من الحديث عن إمكانات الصناعات الإبداعية والثقافية أن تسهم فى النمو الاقتصادى فى أفريقيا، وبالتالى فى تحقيق اهداف التنمية المستدامة التى يتردد صداها بصوت عال مع المنطقة الإفريقية، وقد أكدت العديد من الدراسات فى الدول المتقدمة على التصميم والموسيقى والحرف والأفلام والتليفزيون والأزياء والنشر والتراث والمهرجانات الثقافية، والمكونات ذات الصلة فى الصناعات الإبداعية والثقافية كدوافع رئيسية لخلق فرص العمل وإيرادات العملات الأجنبية.
وأوضح أشرف أن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "أونكتاد"، أجرى دراسات عالمية وأصدر تقريرين نهائيين فى عامى 2008 و2010 يسلطان الضوء على مساهمة الصناعات الإبداعية فى جميع أنحاء العالم، مما يكشف عن مرونة القطاع فى مواجهة الانكماش الاقتصادى، حيث يشير تقرير 2010 إلى أنه "فى عام 2008، أدى اندلاع الأزمة المالية والاقتصادية العالمية إلى انخفاض حاد فى الطلب العالمى وتقلص بنسبة 12 % فى التجارة الدولية، ومع ذلك استمرت الصادرات العالمية من السلع والخدمات الإبداعية فى النمو، حيث بلغت 592 مليار دولار فى عام 2008 - أى أكثر من الضعف قياسا على مستوى عام 2002 ".
وأكد السفير أن التقارير الحديثة تكشف أن حصة أفريقيا من الاقتصاد الإبداعى العالمى تبلغ أقل من %1، مع كون المشاركين الرئيسيين فى هذه النسبة 1 % هم دول شمال إفريقيا وجنوب إفريقيا، وفى المقابل تشير هذه النتائج إلى نقص الاستثمار فى الصناعات الإبداعية والثقافية فى القارة، وكذلك إلى إمكاناتها للنمو، كما جاء فى تقرير الأونكتاد لعام 2010: "فإن النمو تأكيد على أن الصناعات الإبداعية تمتلك إمكانات كبيرة للبلدان النامية التى تسعى إلى تنويع اقتصاداتها والقفز إلى واحد من أكثر القطاعات ديناميكية فى الاقتصاد العالمي.
الصناعات الإبداعية والثقافية وقيمتها
وشدَّد السفير على أهمية الصناعات الإبداعية والثقافية، وقيمتها الاقتصادية، وأيضًا أنها تُعد حاضنة رئيسية للتقاليد الثقافية، والقيم الأخلاقية، ونظريات العالم، والافتراضات والأفكار الأيديولوجية، وقال "لهذا السبب عندما تناولت المناقشات فى منظمة التجارة العالمية الانفتاح غير المقيد للأسواق أمام السلع والخدمات الإبداعية فى التسعينيات، اعترض عدد من الدول لأنها تخشى أن تغرقها أفلام ومنتجات تليفزيونية من هوليوود على سبيل المثال، طمس صناعاتهم السمعية والبصرية الخاصة بهم، لكن الأهم من ذلك، نشر الرؤى والقيم والأفكار الأمريكية للمستهلكين، وفى هذا السياق، تم اعتماد اتفاقية اليونسكو حول حماية وتعزيز تنوع أشكال التعبير الثقافى كأداة قانونية تمنح الحكومات الحق فى الاستثمار وحماية صناعتها الإبداعية والثقافية، دون اعتبار ذلك تدخلًا غير عادل فى التجارة الحرة".
مكانة أفريقيا في الساحة العالمية
واختتمت السفير حواره بالحديث عن سبل جعل أفريقيا تحتل مكانتها فى الساحة العالمية للأفكار والجماليات، وزيادة حصتها السوقية فى الاقتصاد الإبداعى العالمي، وقال "هناك حاجة إلى رؤية أكبر وإرادة سياسية من جانب كل من الحكومة والقطاع الخاص للاستثمار فى جميع جوانب سلسلة القيمة "التعليم، الخلق، الإنتاج، التوزيع والاستهلاك"، ويتميز قطاع الصناعات الإبداعية والثقافية بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، من خلال المجازفة ورجال الأعمال المتحمسين، وتوجد العديد من الاقتصادات الإبداعية الناجحة على مقربة من المراكز الأكاديمية والبحثية والثقافية والثقافية، مما يسمح لها بالبناء بسهولة على المهارات والموارد المحلية".
وأضاف "لا توفر هذه المؤسسات تدفقًا ثابتًا من العمال المتنوعين ذوى المهارات العالية فحسب، بل إنها فى كثير من الأحيان تشترك مع الصناعة لتسريع وتيرة البحث، عندما توجد أصول أخرى، خصوصا رأس المال الاستثمارى والمستثمرين الراغبين، يوفر مزيجا واعدا من الرؤية والمعرفة والقيادة إمكانات كبيرة للنمو، وكل مجتمع متجذر فى اقتصاد إبداعي، لكن كل بلد مختلف عن الآخر، وبالتالى عليه اكتشاف مكامن القوة لديه من أجل النمو والتطور، إذ لا توجد هناك سياسة تنموية واحدة ملائمة للجميع".
أرسل تعليقك