مسقط ـ عبد الغني يحيى
تحتفل سلطنة عمان السبت بالذكرى السادسة والأربعين ليوم "النهضة" الذي يصادف الثالث والعشرين من تموز/يوليو تاريخ تولي السلطان قابوس بن سعيد آل سعيد مقاليد الحكم، خلفاً لوالده ليقود نهضة ألغت الكثير من الممنوعات التي كان السلطان السابق فرضها، بينها منع السفر وعدم دخول العاصمة مسقط ليلاً، إضافة إلى دفع رسوم على دخولها.
وبدأ السلطان قابوس معركة التغيير من قصر الحصن في صلالة محافظة ظفار مخاطباً شعبه "أعاهدكم بفجر جديد يطل على عمان" رافعاً كل الممنوعات التي كانت تقيد حركة الناس، وخاض خمس سنوات حرباً ضد الشيوعية، أو ما سمي ثورة ظفار، وفي عام 1975 هدأت آخر رصاصة لتتفرغ البلاد للتنمية الصعبة نظراً إلى تضاريس السلطنة الواقعة أراضيها في سلسلة جبال تشقها أودية وصولاً إلى صحراء مترامية الأطراف يحدها الربع الخالي، ولا تقام احتفالات في ذكرى يوم النهضة سوى أنها إجازة رسمية، وتنشر وسائل الإعلام مقالات عن منجزات العصر الحديث وأهمها الوحدة الوطنية، بعد سنوات من الحرب القبلية وتشرذم البلاد وهجرة كثيرين منها، إضافة إلى استعادة ما تحقق في حقول التنمية المتعددة كالتعليم، إذ لم يكن في البلاد سوى ثلاث مدارس ليصل عددها حالياً إلى 1077 مدرسة تضم أكثر من نصف مليون طالب وطالبة، في بلاد يبلغ عدد المواطنين فيها أكثر قليلاً من مليوني نسمة، مع وجود ما يقارب هذا الرقم من العاملين الأجانب، كما تطورت الخدمات الصحية على نحو هائل إذ لم يكن في البلاد سوى مستشفى صغير تقدم فيه الإرسالية الأميركية خدماتها عبر طبيب شهير يتذكره العمانيون باسم طومس، وحالياً تنتشر المستشفيات الكبرى في المدن الرئيسية إضافة إلى مراكز ومجمعات صحية لتكون قريبة من السكان في مدنهم وقراهم.
وخاضت عمان تجربة مميزة في المشاركة السياسية مع حصول مجلس الشورى /المنتخب على مزيد من الصلاحيات، إذ تحال عليه كل القوانين لمراجعتها قبل إقرارها من السلطان قابوس، ولديه حق بمناقشة سياسات الوزراء، كما خاضت قبل سنوات تجربة المجالس البلدية المنتخبة، ويتوقع أن تعطى مزيداً من الصلاحيات مع اقتراب انتخابات الدورة الثانية أواخر هذا العام.
وشهد الإعلام تطوراً كبيراً على مستوى دعم حرية الرأي، خصوصاً بعد أحداث عام 2011 التي عولجت محلياً بحكمة جنبت البلاد حرائق عدة، وواجهت الحكومة البطالة بتوظيف أكثر من 50 ألف شاب وشابة، وفتحت فرص استكمال التعليم العالي بصورة واسعة، إضافة إلى تغييرات حكومية لمواجهة الفساد الذي طالبت التظاهرات باجتثاثه كأول الأولويات، وفيما تعاني السطنة من التراجع الكبير في أسعار النفط إلا أن الحكومة انتهجت سياسة تقشفية لمواجهة انخفاض العائدات لخفض الإنفاق العام من دون إحداث تأثير مباشر في معيشة المواطنين، وسائر الخدمات التي تقدمها، وتفعيل وسائل التنويع الاقتصادي حيث تشهد المناطق الصناعية استثمارات ضخمة آخرها دخول الصينيين والقطريين بعشرات البلايين من الدولارات لإنشاء مدن صناعية في منطقة الدقم، كما تركز عمان على مفهومي الأمن والاستقرار لجذب الاستثمارات العالمية، وهي من الدول الأكثر أمناً، فيما تشهد ديبلوماسيتها نجاحات أبرزها استضافة مسقط الحوار الإيراني - الأميركي الذي أسفر عن إغلاق الملف النووي وإطلاق محتجزين في البلدين، كما استضافت السلطنة جانباً من الحوار اليمني لوقف الحرب، واستقبلت وفد الحوثيين مرات في محاولة لتجاوز نقاط الخلافات بين الفرقاء اليمنيين.
أرسل تعليقك