طالب البيت الأبيض إيران بوقف تقديم الدعم المالي لحركة "حزب الله" الشيعية اللبنانية، محذرا من نتائج استمرار إيران في تقديم هذا الدعم، وذلك بعد تصريحات علنية لزعيم "حزب الله" اعترف خلالها بأنه يتلقى أموالا وأسلحة من الحكومة الإيرانية.
وقال إريك شولتز نائب المتحدث باسم البيت الأبيض خلال المؤتمر الصحافي يوم الاثنين "لقد طالبنا جميع الذين يمولون (حزب الله) إلى التوقف عن القيام بذلك، ونحن نعلم أن إيران تدعم الإرهاب ونعلم أن إيران تدعم (حزب الله) وهذا هو السبب أننا وقعنا عقوبات أشد وأخطر من أي وقت مضي على إيران، ومن المهم لهم الاعتراف أن تلك السلوكيات سيكون لها تبعات". وأضاف شولتز "لقد كان لدينا مناقشات حول مخاوف إيران من الوصول إلى الأسواق المالية وتلك الجهات المالية تبحث في سلوك إيران وما إذا كانت إيران تنوي الاستمرار في تمويل الإرهاب ومواصلة توفير الموارد لـ (حزب الله) وهذا سيكون له تأثير لأن تلك الجهات المالية لا تريد أن تتعامل مع هذا البلد الذي يقدم الدعم لـ (حزب الله)"، وشدد المتحدث باسم البيت الأبيض على ضرورة أن تتوقف إيران عن دعم "حزب الله" قائلا "هذا ليس في مصلحتهم".
وحول تصريحات نصر الله أن حزبه الله لا يحتاج إلى النظام المصرفي ويحصل على الأموال بعدة وسائل من الإيرانيين قال شولتز "نحن ذاهبون للاستمرار في استخدام كل الأدوات لدينا بما في ذلك العقوبات لاستهداف (حزب الله) الذي يصنف بأنه منظمة إرهابية أجنبية، وقد فرضنا عقوبات على كيانات مالية وتجارية على علاقة مع (حزب الله)، وإذا كانت إيران ترغب في الوصول إلى الأسواق الدولية فإنها بحاجة إلى التوقف عن هذا السلوك".
وسخر نصر الله في تصريحات علنية يوم الجمعة الماضي من العقوبات الأميركية الجديدة، مشيرا إلى أن "حزب الله" لن يتأثر بالعقوبات بسبب حصوله على الأموال بشكل مباشر من إيران وليس عبر المصارف اللبنانية وقال "ميزانية (حزب الله) والدخل والنفقات والتسليح والصواريخ كلها تأتي من جمهورية إيران الإسلامية ولا يوجد لدينا مشاريع تجارية أو استثمارات عن طريق البنوك". وقد صوت الكونغرس في ديسمبر (كانون الأول) الماضي لفرض عقوبات على البنوك التي تتعامل مع "حزب الله"، وطالب مصرف لبنان المركزي البنوك كافة والمؤسسات المالية اللبنانية على الامتثال لهذا الإجراء ضد الجماعة الشيعية اللبنانية، فيما انتقد "حزب الله" القرار وقال "ما دام إيران لديها المال فنحن لدينا المال ولن يمنعنا أي قانون من الحصول عليها".
,قال المبعوث الخاص للرئيس الأميركي باراك أوباما في الحرب ضد تنظيم داعش بريت ماكغورك إنه لم يلحظ تغيرا "كبيرا" في سلوك إيران في سوريا بعد الاتفاق النووي الدولي المعلن في تموز/ يوليو الماضي. وقال ماكغورك أمس في جلسة بمجلس الشيوخ الأميركي "لم أشهد تغيرا كبيرا في سلوك إيران، إنهم يعملون في الأساس لدعم نظام الأسد". وأضاف أن إيران تدعم أيضا بعض الفصائل الشيعية الناشطة في العراق. وفي حين لم تمض فترة طويلة على مصادرة أموال إيرانية من المحاكم الدولية لصالح أسر ضحايا عمليات إرهابية مولتها إيران عزز خطاب أمين عام "حزب الله" حسن نصر الله مخاوف كبيرة من تجديد العقوبات وضغط المحاكم الدولية على طهران.
واعترف مسؤول إدارة العلاقات العامة في الحرس الثوري رمضان شريف ضمنا بوجود تلك المخاوف في طهران حينما دعا شريف إلى عدم القلق من تبعات إعلان نصر الله العلني حول دعم إيران المالي والصاروخي ل "حزب الله". وتعد هذه أوضح إشارة تصدر من مسؤول إيراني رفيع يؤكد صحة ما تردد من قلق إدارة روحاني من تبعات إعلان "حزب الله" على محاولاتها في إقامة علاقات اقتصادية مع جهات غربية بعد تنفيذ الاتفاق النووي. وفي هذا الصدد، استبعد شريف أي تبعات لاعتراف نصر الله بتلقي أموال إيرانية، وأفاد أن إيران تعرضت سابقا لضغوط بسبب دعمها "حزب الله" وفق ما ذكرت وكالة "إيسنا".
وشدد المتحدث باسم الحرس الثوري أنه لا يمكن أن تتعرض بلاده إلى ضغوط أكبر مما تعرضت له سابقا، مستبعدا أن تكون تصريحات نصر الله الأخيرة "حجة جديدة". من جانبه، الرئيس الإيراني حسن روحاني أعرب من مخاوفه ضمنا أمس من تشديد العقوبات وهروب الاستثمار الأجنبي من إيران، وقال روحاني خلال مؤتمر للقضاء الإيراني في طهران إن بلاده بحاجة إلى الاستثمار الأجنبي لرفع مشكلة البطالة في البلد.
يشار إلى أن جزءا أساسيا من العقوبات ضد طهران بسبب دعمها للإرهاب كذلك العقوبات غير النووية من أهم أسباب تخوف البنوك والمؤسسات المالية الغربية في تعزيز التعاون الاقتصادي مع طهران، كما أن تصريحات نصر الله قد تدفع البنوك الدولية إلى تأكيد موقفها من رفض التعاون مع طهران بعد رفع العقوبات الدولية عقب الاتفاق النووي. واستنكرت جهات داخلية إيرانية العقوبات الأميركية على البنوك الإيرانية بسبب دعم "حزب الله". وكانت المحاكم الأميركية والكندية أصدرت قرارين بمصادرة الأموال الإيرانية في البنوك الأميركية بسبب دعم عمليات إرهابية نفذها "حزب الله".
التهديد الآخر الموجه ضد إيران يتعلق بالجزء الذي أشار إليه حسن نصر الله حول عدم حاجته إلى البنوك وآلية انتقال الأموال من إيران إلى "حزب الله". قبل أيام أعلنت مجموعة دولية تراقب غسل الأموال على مستوى العالم أنها أبقت إيران على قائمة الدول عالية المخاطر على الرغم من تعليق بعض الإجراءات ضدها. وجاءت تصريحات حسن روحاني في وقت أكد تلك المجموعة أنها ستراقب الإجراءات الإيرانية فيما يتعلق بالتصدي لغسل الأموال وتمويل الإرهاب والتحقق من التزامات سياسية قطعتها طهران. وكانت المنظمة دعت أعضاءها الـ37 ودولا أخرى لـ"مواصلة الإيعاز لمؤسساتها المالية بتعزيز الفحص للعلاقات التجارية والمعاملات مع الشركات والأشخاص في إيران".
في المقابل فجرت تصريحات نصر الله غضب الإيرانيين مرة أخرى حول تمويل بلادهم نشاطات الحزب في حين شريحة واسعة من المجتمع تعاني من الفقر والمشكلات الاقتصادية وزادت التساؤلات في الأيام الأخيرة حول حجم تلك الأموال التي تخضعها الميزانية الإيرانية لتمويل جماعات خارج البلاد. وجاءت تصريحات نصر الله بعد أيام من تهديد قاسم سليماني لدول في المنطقة على رأسها البحرين بإشعال ثورة دموية تستهدف أمن تلك الدول وهو ما اعتبرته جهات إيرانية ردة فعل من الحرس الثوري على تغيير مساعد وزير الخارجية الإيراني في الشؤون العربية أمير عبد اللهيان وعرقلة من المؤسسة العسكرية للمسار الذي تخطط له الإدارة الإيرانية في الشرق الأوسط بعد الاتفاق النووي.
وخلال الأيام الماضية اعتبر مراقبون في الشأن الإيراني أن تصريحات سليماني كانت موجهة في الأساس إلى مساعي حكومة روحاني التي تحاول تطبيع العلاقات مع الدول الغربية وتقديم تنازلات تضطر بمصالح الحرس الثوري في الداخل والخارج الإيراني.
ردود الأفعال المختلفة في إيران أظهرت بأن تصريحات نصر الله أكثر من الضغط على إسرائيل وأميركا تحولت إلى عامل ضغط كبير على الحكومة الإيرانية. كما أن فريقا آخر من المراقبين ينظر إلى تصريحاته وتتخوف أوساط إيرانية من عقوبات أميركية جديدة ضد إيران بسبب انتهاك العقوبات البنكية ضد "حزب الله" بعدما أقر الكونغرس الأميركي عقوبات ضد البنوك المحلية اللبنانية التي تتعامل مع "حزب الله".
أرسل تعليقك