أوجد تنظيم "داعش" فرصة كبيرة لقوى ودول عدّة في إعادة ترتيب أوراقها السياسية والعسكرية داخل العراق، بعد أعوام من انتهاء الوجود الأجنبي فيه نهاية كانون الأول/ديسمبر 2010، وذلك عقب احتلال أطاح بنظام صدام حسين، قادته الولايات المتحدة الأمريكية بمشاركة مباشرة من دول غربية عدّة، أبرزها بريطانيا وأستراليا والدنمارك.
وشهدت نهاية عامَي 2014 و2015 دخول قوات عسكرية غربية برًّا وجوًّا إلى العراق تحت عناوين مختلفة بحسب مصالحها وأجنداتها في هذه البلاد. وتقدِّم هذه القوات التابعة لدول عدَّة حاليًا دعمًا عسكريًّا ولوجستيًّا وماليًّا لأطراف عراقية مختلفة، أبرزها حكومتا بغداد وأربيل والعشائر السنيّة، وكلٌّ على حدة، فيما ترفض حكومة حيدر العبادي ومن قبله نوري المالكي أي جهود عربية أو إسلامية من أجل مساعدة العراقيين في التخلص من الإرهاب وإعادة استقرار البلاد.
وتوجد في العراق حاليًا 14 قوة عسكرية تمثّل باكورة الدول العظمى في العالم، إلّا أن ذلك لم يجفّف التراب العراقي من سيْل الدم اليومي فيه، على الرغم من مرور أكثر من عام كامل، ما دفع العراقيين إلى اعتبار تلك القوات "تمرير مصالح أكثر من كونها ضد الإرهاب".
ومن أبرز القوات الموجودة في العراق، والتي رصدت من خلال تقارير وبيانات عسكرية رسمية صادرة عن تلك الدول، فضلًا عن حكومتَي بغداد وأربيل، القوات الأمريكية التي تتواجد في ستة قواعد عسكرية، تشاركها مع قوات عراقية نظامية؛ هي عين الأسد، والحبانية (غرب العراق)، وعين كاوة ودهوك في إقليم كردستان، والرستمية والمطار في بغداد، بواقع 4800 جندي من بينهم 1200 مارينز مقاتل، أمّا الباقون فهم مستشارون، ومدرِّبون، وضباط رصد وتحليل معلومات، وفنيون، فضلًا عن متعاقدي شركات أمنية ومقاولين، ليكون العدد النهائي نحو 6 آلاف أمريكي.
كما تضم تلك القواعد كتيبة مدفعية ثقيلة غرب العراق، وسرب طائرات أباتشي يتولى مهام عديدة؛ أبرزها حماية بغداد ومناطق وجود الأمريكيين، كالمنطقة الخضراء التي تضم السفارة الأمريكية ومطار بغداد الدولي، إضافة إلى 4 طائرات نقل من طراز شينوك، وأكثر من 80 طائرة مقاتلة أغلبها من طراز إف 16 وإف 18. وتنطلق هذه الطائرات من قاعدة أنجرليك التركية، وقاعدة أخرى في الكويت، وثالثة متمثّلة في حاملة الطائرات "جورج واشنطن" في مياه الخليج العربي.
وخسرت أمريكا جندي مارينز، وجُرح ثلاثة آخرون داخل العراق، وبذلك تكون الولايات المتحدة صاحبة النصيب الأكبر من الوجود العسكري في البلاد، كما أنّ طبيعة الوجود رسمية ضمن بنود الاتفاق الأمني المشترك الموقّع بين البلدين عام 2010 للدفاع المشترك.
وتملك إيران نحو خمسة آلاف عنصر من الحرس الثوري والباسيج، يتركّزون في محافظات ديالى (شرق العراق)، وصلاح الدين (وسط)، وواسط (وسط)، وبابل (جنوب العاصمة)، وبغداد، ضمن قواعد ومعسكرات فصائل "الحشد الشعبي" العراقية، وتشارك هذه العناصر فعليًّا على الأرض في القتال ضد تنظيم "داعش"، وبلغ عدد قتلاهم خلال 2015، وفقًا لوسائل إعلام إيرانية وعراقية، نحو 46 عنصرًا، من بينهم 11 ضابطًا برتب رفيعة المستوى، قضى أغلبهم في صلاح الدين والأنبار.
وتمتلك تلك القوات أسلحة خفيفة ومتوسطة وناقلات مدرّعة ودبابات، أبرزها كتيبة دبابات تي 72 الروسية، وبطارية صواريخ حرارية من طراز الميثاق، وبطارية صواريخ عدد 3 من طراز شهاب، وفجر 1، و200 عربة مصفَّحة من طراز "فلاق" و"واز" مخصّصة لنقل العناصر، وتحتوي هذه المصفّحات على سلاح رشاش نوع 32 مليمترًا، كل ذلك بالإضافة إلى طائرات مراقبة مسيّرة تجوب السماء العراقية بشكل مستمر، ولم تحصل تلك القوات على موافقة البرلمان أو الحكومة، ودخلت بعد أيام من احتلال "داعش" للموصل عام 2014.
وتتواجد فرقة بريطانية خاصة تُقدّر بنحو 140 جنديًّا وخبيرًا عسكريًّا في العراق، يتمركزون في محافظة أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق، ولا يشاركون في أي نشاط سوى التدريب والدعم الجوي واللوجستي لقوات البيشمركة الكردية.
وتشارك هذه الفرقة جوًّا عبر 8 طائرات من طراز تورنادو، وطائرات مراقبة مختلفة، فضلًا عن المدمِّرة تي بي 45، أمّا وجودها فهو رسمي ضمن قوات التحالف الدولي التي وافق البرلمان والحكومة العراقيتين على مشاركته في التصدي لتنظيم "داعش".
وتتواجد القوات الأسترالية في إقليم كردستان العراق بواقع 200 جندي من القوات الخاصة، وتشرف على عمليات دعم وتدريب ورصد إلكتروني لنشاط تنظيم "داعش"، وتجهيز الأكراد بالسلاح، وتملك أستراليا 6 طائرات من طراز إف 18، وهذه القوات موجودة بشكل رسمي في البلاد ضمن التحالف الدولي لمحاربة "داعش".
وتملك بلجيكا 120 مدربًا وجنديًّا في معسكر داخل الأراضي الأردنية الحدودية مع العراق، وفي إقليم كردستان، تقتضي مهمتها الرصد والاستطلاع والدعم لعمليات التصدي لـ"داعش" شمال العراق، وتمتلك 6 طائرات من طراز إف 16 وفايتنغ فالكون، ودخلت القوات البلجيكية بشكل رسمي إلى العراق ضمن التحالف الدولي.
وتتواجد قوات بلجيكا في العاصمة بغداد وأربيل، للدعم والتدريب وتزويد القوات العراقية بالصور الجوية لمواقع تنظيم "داعش"، ويبلغ عددها الإجمالي 700 جندي.
وتشارك كندا بـ6 طائرات مقاتلة من طراز إف آي 18، وهي أيضًا موجودة ضمن التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب.
وتمتلك الدنمارك 250 عسكريًا، معظمهم بهدف التدريب والاستشارة، ولهم قاعدة صغيرة يتقاسمونها مع قوات البيشمركة الكردية جنوب غرب مدينة أربيل، وتشارك تلك الدولة الأوروبية أيضًا بـ7 طائرات من طراز إف 16، غالبية طلعاتها في المحور الشمالي والشمالي الغربي من العراق، وهي من ضمن قائمة التحالف الدولي.
ويتواجد نحو 40 جنديًّا وعسكريًّا فرنسيًّا في العراق ضمن وحدة المهام الفرنسية الخاصة، يتولّون أعمالًا استشارية وأعمال رصد وتقديم دعم استخباري ومعلومات وتحليل الصور الجوية التي يزوّدون بها مقاتلات الرافال والميراج الفرنسية، البالغ عددها 15 مقاتلة تغطي السماء الشمالية للعراق والشرقية لسورية، كما أنّها تتتبَّع مواطنيها الفرنسيين المنضمين إلى تنظيم "داعش"، وهي كمثيلتها من الدول وجودها في العراق رسمي ضمن قوات التحالف.
وتشارك ألمانيا بـ71 عسكريًّا غالبيتهم ضباط، هم جزء من وحدة أوروبيّة تشكلّت حديثًا للحرب على الإرهاب، يتنقّلون ضمن مقار في بغداد وأربيل، في منطقة كويه التي تبعد عن الحدود الإيرانية نحو 80 كيلومترًا، كما تشارك بمعسكر تدريب مفتوح للمتطوّعين وأفراد القوات الكردية، وتشرف على دورات وبرامج التعليم على كيفية استعمال الأسلحة الأوروبية التي تُقدّم بين الحين والآخر إلى العراق، ويتّجه معظم هذه الأسلحة إلى إقليم كردستان، ووجود ألمانيا رسمي ضمن قوات التحالف.
ويوجد نحو 100 جندي من أصل 250 عسكريًّا إيطاليًّا قرب مدينة الموصل، على بعد 30 كيلومترًا من الأراضي التي يسيطر عليها "داعش"، وتتوسّع مهامهم بشكل متصاعد منذ كانون الأول/ديسمبر الجاري، وتمتلك إيطاليا 4 طائرات تورنادو، ونحو 30 عربة مدرّعة مدمِّرة من طراز بي 1 سيناتور، وهي موجودة بشكل رسمي ضمن قوات التحالف الدولي.
وتملك هولندا 380 عسكريًّا ومستشارًا، تقتضي مهمتهم تدريب الجيش العراقي النظامي، ويتواجدون في بغداد وشمال العراق، وأيضًا 6 طائرات إف 16، ومنظومة صواريخ دفاع جوي من طراز إم آي إم-104 باتريوت (لا يُعرف مكانها تحديدًا، وتغطي مساحة حماية تعادل أربعة أضعاف العاصمة بغداد)، وهولندا موجودة بصفة رسمية في العراق ضمن قوات التحالف.
ويشارك الإسبان بـ300 جندي وعسكري، مهمتهم الأولى تدريب الجيش العراقي وإعادة تنظيم صفوف القوات المنكسرة أمام "داعش"، كالفرقة العاشرة، والثانية، والرابعة، والخامسة، فضلًا عن الشرطة المحلية.
وتتواجد قوات إسبانيا في معسكرَين في بغداد وشمال العراق، ولا تمتلك تلك القوات أي أسلحة أو معدات ثقيلة أو غطاء جوي، وهي موجودة بشكل رسمي ضمن قوات التحالف الدولي.
ويتواجد نحو 100 عسكري روسي في بغداد ضمن ما يُعرف بـ"التحالف الرباعي" (العراق وروسيا وإيران وسورية)، يتخذون من مطار المثنى ومبنى مستقل وسط المنطقة الخضراء مقرًا لهم، ويقدم هؤلاء الجنود دعمًا مفتوحًا للجانب العراقي، بما في ذلك "الحشد الشعبي".
وتمتلك روسيا منظومة رادار حديث تغطي نحو 400 ألف كيلومتر داخل العراق، وتستخدم موسكو الأجواء العراقية بموافقة بغداد لضرب سورية بالصواريخ العابرة من بحر قزوين، أو من خلال طائرات الشحن العسكرية التي تعبر البلاد في اتجاه دمشق، وتحمل مساعدات عسكرية لقوات نظام الرئيس السوري بشار الأسد.
ويتواجد نحو 300 جندي وعسكري تركي في العراق، مهمتهم تدريب القوات الكردية وأبناء عشائر الموصل لقتال تنظيم "داعش"، فضلًا عن حماية حدودها من اختراق حزب "العمال الكردستاني" و"داعش"، وتشارك تركيا بنحو 100 عربة مدرّعة مع 22 دبابة مخصّصة لأغراض الدفاع والحماية عن معسكرها الواقع في بعشيقة قرب الموصل.
وتعترف حكومة كردستان العراق بتواجد تركيا في العراق، وتؤكد أنه رسمي وجاء بطلب من حكومة بغداد، في حين تنكر الأخيرة ذلك، وتطالبها بالرحيل من العراق بتحريض روسي-إيراني، كما يراه مراقبون.
أرسل تعليقك