بيروت ـ جورج شاهين
تسببت زيارة إمام مسجد بلال بن رباح الشيخ السلفي أحمد الأسير إلى مدرجات التزلج في فاريا وكفرذبيان في يوم أمني مُربك، أثار ردات فعل سلبية شعبية، وشهدت طريق كفرذبيان – فاريا مواجهات بين الجيش وقوى الأمن الداخلي ومجموعة من الأهالي من أنصار "التيار الوطني الحر"، الذين قطعوا الطريق على الشيخ الأسير قبل أن يصل الثلوج، فأمضى موكبه الذي ضم 500 عنصر ثماني ساعات على الطريق، ونصف ساعة على مدرجات التزلج، في المنطقة المخصصة للسياحة الشتوية.
وكان عشرات من أهالي كفرذبيان من أنصار "التيار الوطني الحر"، قد قطعوا الطريق بشكل متقطع أمام موكب الأسير، الذي رافقه فيها المطرب فضل شاكر، على مدى أربع ساعات متقطعة، كانت فيها وحدات الجيش تفتح الطريق قبل أن يعيد الأهالي قطعها في مكان آخر، تارة بالثلوج، وتارة بالحضور الشعبي على الطريق، وبساتر ترابي أحيانًا.
وقد تدخل وزير الداخلية مروان شربل أكثر من مرة لفتح الطرق وتسهيل عبور الموكب، الذي حظي بتدابير ومواكبة أمنية مشددة واستثنائية، وطلب إلى نواب المنطقة والسابقين منهم التدخل لدى الأهالي، مؤكدًا أن الموكب غير مسلح.
وأعلن الأهالي أن تحركهم لا يتعدى كونه اعتصامًا سلميًا تحت عنوان "أهلاً بكل شخص يرغب في التزلج في منطقة جرود كسروان، ورفضًا لأي استهداف للموسم السياحي"، رافضين وصول موكب الشيخ أحمد الأسير بكامله، خوفًا من القيام بأي أعمال مخلة بالأمن، خصوصًا أنهم لا يعرفون على ماذا تحتوي كل الباصات المرافقة له، التي ناهز عددها حوالي 8 بولمان و4 فانات أو باصات وحوالي 20 سيارة مواكبة. وأقامت عناصر من الجيش على طول الخط الممتد من ساحل كسروان حتى أعالي المنطقة حواجز لتأمين الأمن والاستقرار.
من جهتها، قامت عناصر من قوى الأمن الداخلي فرع المعلومات بتأمين المواكبة للشيخ الأسير، حيث كان حوالي 60 شخصًا من الأهالي قد اعتصموا على الطريق الممتدة من مفرق كفرذبيان - فاريا باتجاه عيون السيمان في محلة القناطر، واعتصم آخرون من مفرق عيون السيمان - فاريا حتى أوتيل سان انطونيو. وغاب عن الاعتصام أي غطاء سياسي.
وحاولت القوى الأمنية وبالتنسيق مع رئيس بلدية كفرذبيان جان عقيقي إقناع الأهالي بفتح الطريق، لكن هذه المساعي لم تنجح. وبقي موكب الأسير ومرافقيه في الآليات التي تقلهم، تاركًا للقوى الأمنية معالجة الوضع.
وعند الواحدة والربع، ظهر الخميس، وصل الوزير السابق فريد هيكل الخازن إلى مكان الاعتصام، محاولاً إقناع الاهالي بفتح الطريق، لكن جهوده لم تؤدِّ إلى نتيجة، مما اضطر الجيش إلى فتح الطريق عند الثانية من بعد الظهر.
وشهدت المنطقة زحمة سير خانقة دون أن يفض الاعتصام، حيث بقي الأهالي على جانبي الطريق، وأفسحوا المجال للسيارات بالتوجه إلى عيون السيمان.
وعند الساعة الرابعة والنصف من بعد الظهر أنهى الأسير وموكبه الزيارة، بعدما أدى صلاة الظهر في المنطقة السياحية، في مواكبة امنية مشددة، رافقته من فاريا حتى ساحل كسروان.
وأكد وزير الداخلية مروان شربل في تصريح، أنه يعول على أهالي كفرذبيان في الوقت الحرج، وأهالي كسروان معروفون بمحبتهم واحترامهم للدولة.
وأشار إلى أنه اتصل بالنائب العماد ميشال عون، الذي أكد له أن "لا غطاء من قبلنا لما يحصل في كفرذبيان". وقال: نتكل على منطق أهالي كسروان وكفرذبيان، لأننا نعيش ظروفًا صعبة، ولا نريد أن تكبر المشكلة، ويكون أهالي كفرذبيان سببًا لها".
وصدر عن قيادة الجيش - مديرية التوجيه البيان الآتي: "على أثر إقدام عدد من الاشخاص قبل ظهر الخميس، على قطع طريق عام كفرذبيان أمام حركة المرور بالعوائق والأتربة، وحصول إشكال بين مواطنين من جراء ذلك، تدخلت قوى الجيش المنتشرة في المنطقة، حيث قامت بتفريق المحتشدين وفض الإشكال، وإعادة فتح الطريق بصورة تامة.
إن قيادة الجيش تدعو المواطنين إلى التجاوب الكامل مع إجراءات قوى الجيش، حفاظًا على السلامة العامة، وحق كل مواطن في التنقل ضمن مختلف المناطق اللبنانية، كما تدعو وسائل الاعلام الى تحمل مسؤولياتها في هذا الشأن، لجهة عدم تضخيم الإشكال، والإسهام في تهدئة النفوس، وإعادة الأمور الى نصابها".
وتعليقًا على ما رافق زيارة الأسير إلى فاريا رأى إمام "مسجد الغفران" في صيدا الشيخ الشيعي حسام العيلاني، في بيان له مساء الخميس، أنه "صحيح من حق المواطن اللبناني أن يتنقل ويزور المناطق اللبنانية، لكن أين كان هذا الحق عندما قطع الشيخ أحمد الأسير طريق الجنوب، وبقي في الطريق أكثر من ثلاثين يومًا يعرقل حركة العائدين من أبناء الجنوب إلى قراهم ومدنهم، وعطل مصالحهم؟ علمًا أن الفرق كبير بين الرحلة الترفيهية التي يقوم بها الأسير وبين تنقل أهلنا إلى بيوتهم ومراكز عملهم".
وتابع: "ها هو الأسير يذوق القليل من المرارة التي أذاقها لأهلنا الجنوبيين".
وختم: "إن تحرك أهالي كفرذبيان جاء للتعبير عن رفضهم لمواقف وتحركات الأسير، التي انعكست سلبًا على كل اللبنانيين، لكن موقفنا هو الالتزام بالقانون، وتطبيقه على كل اللبنانيين".
ورأت النائبة ستريدا جعجع، أن "ما حصل مع الشيخ أحمد الأسير أمر مؤسف ومستنكر"، و"يفتح الباب أمام إمكان تكراره في بؤر أو مناطق أخرى، مع أي شخصية لا تشاطرهم الانتماء أو الرأي السياسي".
وقالت "إن من حق أي مواطن أن يتنقل في كل الأراضي اللبنانية بكل حرية، ومن دون إقفال أي طريق في وجهه، طالما أنه لا يخالف القانون، ولا يمس السلم الأهلي".
وأعلن الوزير والنائب السابق فريد هيكل الخازن، من مركز اعتصام أبناء كفرذبيان وكسروان "أن زيارة الشيخ أحمد الأسير بالشكل الذي أعلن عنها توضع ضمن الإطار السياسي وليس السياحي، ولذلك كان لا بد من تسجيل موقف، عبر قيام أبناء بلدة كفرذبيان وكسروان باعتصام سلمي ورمزي، أقفلوا في خلاله الطريق على موكب الأسير لمدة 4 ساعات".
وقال الخازن: "نحن نتوجه إلى المعتصمين بتحية إكبار وتقدير، لأن ما قاموا به يعبر عن موقف شجاع يحفظ كرامة المسيحيين". واعتبر أنه "لو أراد الشيخ الأسير القيام بزيارة سياحية لما تحدث عنها الإعلام في وقت سابق، ولما أتى في رفقة مئات من مناصريه، ولا سيما أننا اعتدنا على المظاهر الفولكلورية المسلحة. ولو كانت زيارته فعلاً سياحية لدعوته إلى الغداء في بيتي، وهو مرحب به كأي مواطن لبناني يزور أعالي كسروان" .
وعن إعادة فتح الطريق وفك الاعتصام، أكد الخازن أنه تلقى اتصالاً من وزير الداخلية العميد مروان شربل أكد له في خلاله أن ليس مع الأسير سلاح، وأنه مواكَب من قبل القوى الأمنية، وطلب منه التدخل لفتح الطريق.
ودعا رئيس "اللقاء المستقل"، عضو الأمانة العامة لقوى "14 آذار" نوفل ضو أبناء كسروان عمومًا وكفرذبيان خصوصًا، إلى عدم الانجرار إلى لعبة الاستفزازات الغريزية، تحت أي ظرف من الظروف.
ورأى في تصريح أن ردات الفعل على زيارة الشيخ أحمد الأسير مبالغ فيها، بمعزل عن المواقف السياسية من خطه ونهجه.
وتساءل: هل يحق للأسير أن يمنع رحلة لطلاب إحدى المدارس الكاثوليكية إلى قلعة صيدا؟ أو هل يحق لأي تنظيم إسلامي أن يمنع القوات اللبنانية أو حزب الكتائب أو التيار الوطني الحر من زيارة طرابلس، والقيام برحلات إلى جزيرة الأرانب السياحية؟
وذكر بأن السفير السوري زار كسروان وتعشى في منازل بعض زعمائها، ولم تتم الدعوة إلى قطع الطرق في وجهه، على الرغم من مواقف أبناء كسروان الرافضة للسياسة السورية في لبنان.
وختم مستهجنًا استغلال بعض السياسيين لعواطف أبناء كسروان لغايات واعتبارات انتخابية، منبهًا أن ما حصل يسيء إلى صورة المنطقة السياحية، ويوجه صفعة إلى مؤسساتها السياحية وإلى موسم التزلج، داعيًا إلى ضبط النفس، وعدم إعطاء الاسير حجمًا أكبر مما يستحقه.
وعلق في نهاية اليوم الطويل رئيس بلدية كفردبيان جان عقيقي على الحادثة التي وقعت مع الشيخ أحمد الأسير، إثر إقدام بعض الشبان على قطع الطريق أمام الأسير وأنصاره، الذين كانوا يتوجهون إلى فاريا لممارسة هواية التزلج.
وقال عقيقي في بيان أن "بلدية كفرذبيان ترحب بكل زائريها مهما كانت توجهاتهم السياسية أو الدينية"، مشيرًا الى أن "الإشكال الذي حصل، الخميس، هو تعبير عن رأي لبعض المواطنين".
وأضاف البيان أن "البلدية لا يعنيها أي استغلال سياسي أو مناطقي على حساب كفردبيان المنفتحة على الجميع".
أرسل تعليقك