أكد الرئيس السوري بشار الأسد خلال لقائه مجلس نقابة المحامين المركزية والمجالس الفرعية على أهمية النقابات والمنظمات الشعبية كونها تستطيع أن تلعب دوراً أساسياً كجسر بين الحكومة والمجتمع في كثير من القطاعات.
وأشار الأسد إلى أن الأزمة التي تمر بها سورية بينت بشكل واضح أنه لم يكن لدى البعض وعياً كافياً لمفهوم القانون، وهذا ما يجب العمل من أجل تجاوزه في المرحلة المقبلة.
ولفت الأسد إلى أن الحديث عن الحقوق والقانون يعني عملياً الحديث عن سلامة المجتمع، مشيراً إلى أن هذا القطاع عندما يكون سليماً, يكون الوطن سليماً، و يكون قادراً على الدفاع عن المظلومين بشكل أكبر، وهنا تزداد أهمية هذه الشريحة الحقوقية في المجتمع، ولكن من أجل القيام بذلك يجب العمل من أجل تطوير القوانين أو المنظومة القانونية المرتبطة بعمل المحامين والقضاة ومؤسسات الدولة المعنية الأخرى.
وقدم الرئيس عرضاً سياسياً تناول فيه آخر المستجدات المتعلقة بالأزمة السورية والمواقف الإقليمية والدولية المتعلقة بها, وقال فيه: "الحرب التي نتعرض لها ليس فقط خلال خمس سنوات وإنما على الأقل خلال العقود الثلاثة الماضية، هي حرب مصطلحات، بدأت بشكل واسع مع ظهور الأقمار الاصطناعية، أو المستقبِلات الفضائية، أو الأقنية الفضائية، وتوسّعت مع دخول الإنترنت إلى كل منزل وأصبحت هذه الحرب قادرة إلى الوصول بالمصطلحات المشوّهة إلى كل مواطن".
وأضاف: "هذا الجانب هو الجانب الذي فشلنا فيه كعرب، أثبتنا جهلنا المطلق بموضوع المصطلحات، وكانت تُلقى لنا كالطعم للسمكة ويصطادوننا عبرها".وتابع: " إذا كان هناك نجاحات في سورية خلال العقود الماضية، فكانت بسبب فهمنا على المستوى السياسي لهذه المصطلحات، ولكن بنفس الوقت كنا مقصّرين في سورية على مستوى توعية المواطنين لنفس هذه المصطلحات".
وواصل الأسد: "يحقّ لأي شخص أن يعارض الحكومة وسياساتها ويطالب بتبديل الحكومة أو تغيير سياساتها ولكن لا أحد يستطيع أن يبدّل الدولة , مشيراً إلى أن الدولة هي حاجة للجميع، ولمن لا تعجبه الدولة هناك مخرج واحد هو الذهاب إلى دستور جديد وتغيير النظام السياسي ,وهذا موضوع آخر على حد وصفه.
وقال إن هناك نقطة أخرى، وهي التفريق بين الدولة والنظام, "مع كل أسف حتى الآن في الإعلام الموالي للدولة أو للحكومة أو للحزب الحاكم أو الموالي للوطن يتحدثون بمفهوم النظام، وهذا شيء خطير لأن كلمة النظام عندما تُستخدم ليس فيها إهانة للحكومة، بل فيها إهانة للشعب".
وأشار إلى أن الشعب الذي يوجد لديه نظام يعني أنه لا يوجد لديه دولة، أي أنه لا يستحق أن تكون لديه دولة، هو عبارة عن قطيع بشري تقوده عصابة ,مضيفا عندما لا نفرّق بين الدولة والنظام فنحن لا نفرّق أيضاً بين المعارض بالمعنى السياسي والمعارض بمعنى أن له رأياً معارضاً, بمعنى: "أنا مثلاً لي رأي معارض, أنا على رأس الدولة، وربما أحياناً أختلف مع كثير من المسؤولين وأعارضهم, ولكن عندما أرى أغلبية في موضوع معيّن أسير معهم، لكن لا أُسمّى معارضاً, قد يكون هناك وزير يعارض سياسة الحكومة ولكن هذا لا يُسمّى معارضاً".
وتطرق خلال كلمته إلى بعض المفاهيم قائلاً: "عندما لم نفهم كل هذه المفاهيم، ولم نحاول توعية الناس بها وصلنا إلى هذه الأزمة ورأينا فوضى في المفاهيم، وكانت النتيجة أن كثيراً من الأشخاص الوطنيين وأصحاب النوايا الجيدة غُرّر بهم وسقطوا في المستنقع بأدائهم السياسي أو الإعلامي، أو حتى الاجتماعي، فشكّلوا غطاء من دون أن يعلموا للفوضى والإرهاب, وعندما إستيقظوا لحقيقة ما يجري كان الأوان قد فات.
وأشار خلال كلمته إلى أن الأمور بعد مرور خمس سنوات أصبحت واضحة, مشيراً إلى أن تلخيصها يكون كالتالي: " في البداية كان هناك محاولات للتحريض، لكي تأخذ شكل الثورة الشعبية, وكان ذلك قبل بدء الأحداث بحوالي شهرين إلى ثلاثة أشهر عبر الانترنت والإعلام المختلف, وأن هذه المحاولات فشلت, وعندها بدأوا بعملية دفع الأموال للكثير من الأشخاص، عبر قطر تحديداً، وعندما كنا نقوم بالبحث عن هؤلاء الأشخاص ونسأل لماذا تغيّبوا عن أعمالهم؟ كان البعض منهم يعطينا جواباً بسيطاً وهو أن ما نتقاضاه لقاء نصف ساعة تظاهر يعادل ما نتقاضاه في أسبوع في العمل الذي نقوم به, فبدأت عملية دفع المال وكانت مهمّة السلاح في ذلك الوقت هي إثارة الدولة من أجل سقوط المزيد من الدماء بهدف أن يكون هناك حالة شعبية عامة ضد الدولة، وبالتالي تسقط الدولة بفعل شعبي".
وقال الأسد في الواقع، إن ما وصلوا إليه، في أحسن التقديرات، هو أن عدد المتظاهرين في وقت واحد في كل أنحاء سورية لم يتجاوز 150 ألف متظاهر، وأن معظمهم كان مدفوع الأجر, "لو قلنا بأننا، كدولة، نبالغ بتقديراتنا, فلو ضاعفنا هذا الرقم عدة مرات ليصل إلى المليون، وهذا الكلام غير صحيح طبعاً, فمليون واحد من أصل 24 مليوناً ليس له قيمة", مشيراً إلى أن فشلهم في جمع أعداد المتظاهرين دفعهم إلى عملية حمل السلاح والمواجهة بمعناها الواسع, مضيفا: "عندما فشلوا بموضوع السلاح بمعناه الواسع في المراحل الأولى، انتقلوا إلى موضوع دعم النصرة ولاحقاً داعش، إلى أن وصلنا إلى الوضع الحالي".
وأضاف الرئيس الأسد في خطابه المطول أمام نقابة المحامين طبعاً أن كل ما يهم سورية بعد خمس سنوات، التساؤل الذي يتم طرحه دائما, ما الذي حقّقوه؟ مجيبا : "طبعاً هم تمكنوا من تدمير الكثير من البنية التحتية، وتدمير الاقتصاد إلى درجة كبيرة جداً, ونحن نعرف كم هي الخسائر الكبيرة, ولكن، في نفس الوقت، هم أثبتوا شيئاً وحيداً هو أن الغرب، عبر عقود، على الأقل منذ الحرب العالمية الثانية، قادر دائماً على التدمير والتخريب ولكنه لم يعد قادراً على البناء بطريقته, هو يريد أن يهدم البناء ويبني بناء آخر يناسبه ولكنه غير قادر حتى على بناء هذا البناء العميل أو الوكيل له ولسياساته, السبب، أن هذه الدول الغربية ومعها الدول الإقليمية والعربية التابعة لها لم تفهم سورية جيداً, لم تفهم طبيعة المجتمع السوري, لم تفهم طبيعة الدولة, لم تفهم طبيعة الأصدقاء الذين وقفوا مع سورية, لم يتوقعوا كل هذه الصورة, لذلك كانوا يقولون: خلال أسابيع، وخلال أشهر، وخلال سنوات تسقط الدولة".
وقال إن جوهر العمل بالنسبة للغرب خلال الفترة الماضية هو أنهم كانوا يدعمون الإرهاب, وأن هذا الشيء كان واضحاً كما قلنا، ولكن بنفس الوقت اللعبة الأساسية كانت لعبة سياسية وما زالت مستمرة حتى هذه اللحظة, وكانت ما سمّوها هم “الحل السياسي”, مضيفا : "كنت أسمّيه المسار السياسي بإعتبار أنه لا يوجد شيء اسمه حل عسكري وحل سياسي, وجد حل للمشكلة، ولكن هذا الحل فيه مسار سياسي وفيه مسار مكافحة الإرهاب.
وأوضح: " هم سمّوه الحل السياسي، كان الهدف من هذا الطرح.. له عدة أوجه.. أولاً، من خلال إستخدام مصطلح الحل السياسي أرادوا أن يعطوا الانطباع أولاً للرأي العام المحلي لديهم بأنهم دول سلميّة وسياستها سلميّة لا تسعى للحرب, لا تسعى للتخريب, وهي تقف مع مجموعات سلمية داخل سورية، تقف مع الشعب السوري من أجل حل ديمقراطي أو سلمي، بنفس الوقت هذا المسار استُخدم لإعطاء غطاء لعملائهم من السوريين، بأنهم مجموعة من السياسيين السلميين الذين يريدون إخراج الشعب السوري أو مساعدته على الخلاص من القمع والقتل واللاديمقراطية وإحتكار السلطة والكلام الذي تعرفونه, لكن بنفس الوقت كان هناك أداة أخرى, أن تكون هذه الأداة هي باب للدولة عندما يُضغط عليها عسكرياً تقوم تحت الضغط بتقديم ما يريدونه سياسياً, "أي أنه عندما نقدم سياسياً لا نقول بأنها هزيمة ولكنها تكون تنازلاً أو تحت أي عنوان آخر".
وتابع موضحاً: "الأخطر في هذا الطرح هو أن أحد أهدافه هو الإيحاء للشعب السوري بأن هناك دائماً مخرجاً من الأزمة، فأي شخص تقول له هناك حلّ عسكري وهناك حلّ سياسي, أي حلّ تختار؟ سيقول أختار الحل السياسي, أحقن الدماء, خسائر أقل, لماذا نذهب إلى حل عسكري؟ بمفهوم لا شعوري يقول بأن هذا الحل الثاني السياسي هو بديل للحل الأول, هو لا ينتبه بأنهما متوازيان, نحن سنستمر بدعم الإرهاب ولكن عليك أن تقدم تنازلات بنفس الوقت في المسار السياسي، مختتماً بأن الكثير خُدع بهذا الطرح في البداية، لافتاً إلى أن سورية منذ البداية، ومع معرفتها بكل النوايا السيئة تجاوبت مع كل المبادرات السياسية لكي تقطع الطريق عليهم وأيضاً لكي تثبت للمواطن السوري بأنهم كاذبون وأنهم مخادعون.
أرسل تعليقك