حذّر أكبر تكتل سني في البرلمان العراقي من انهيار العملية السياسية بسبب خلافات شيعية - شيعية داخل "التحالف الوطني"، فيما دعت كتلة رئيس الحكومة حيدر العبادي إلى دعم خطواته الإصلاحية .
وتبدو القوى السنّية والكردية قد حسمت أمرها بشأن شكل الحكومة أو التعديل الوزاري المقبل، لكنها تنتظر تبلور موقف موحد داخل التحالف الوطني الذي يشهد خلافات عاصفة، فيما يقترب رئيس الوزراء العبادي من مطالب الكتل الكردستانية التي تشترط نسبة تمثيل حكومي يوازي حجمها في البرلمان، وأكد العبادي في اجتماع مع الأطراف الكردية التزامه بـ"تحقيق التوازن في أي تغيير حكومي".
وأكد رئيس كتلة "تحالف القوى" السنية محمد الكربولي لـ "العرب اليوم " إن "العملية السياسية باتت مهددة، بسبب ظهور خلافات حادة بين زعماء الكتل الرئيسة داخل التحالف الوطني وتسابق قادة مكوناته، الممثلة بزعيم المجلس الأعلى عمار الحكيم وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر وائتلاف دولة القانون"، فيما أشار تحالف القوى بأنه طرف "غير معرقل" لتشكيل حكومة جديدة. وتعترف اكبر كتلة سنية انها باتت خارج المنافسة على "رأس السلطة" بعد داعش، وتهجير اغلب جمهورها من مدنهم.
وتركز القوى السنية الآن، بحسب أحد أعضائها، في مشاركتها بالحكومة المقبلة على ملفات تتعلق بوضع النازحين، وإقرار قانون العفو العام، بالإضافة الى التوزان في المناصب المهمة والأمنية، ومنذ أن أعلن العبادي، في شباط الماضي، رغبته في اجراء تغيير حكومي جوهري، لم تتغير مواقف الكتل السياسية ومطالبها كثيراً، باستثناء التحالف الوطني الذي عرضت اطرافه تصورات متناقضة.
وتفاقمت الخلافات الشيعية بشكل واضح في اجتماع كربلاء الذي عقد مساء الأحد، الذي كشف تبايناً واضحاً بين اكبر كتلة برلمانية.
ويقول النائب هوشيار عبدالله، رئيس كتلة تغيير الكردية "لا يمكن أن تتشكل حكومة جديدة في العراق اذا استمر الخلاف داخل التحالف الوطني".
وأكد عبدالله، الذي حضر اجتماع القوى الكردية مع رئيس الوزراء في وقت متأخر من مساء الأحد، إن "العبادي وافق ضمنيًا على حجم تمثيل الكتل الكردستانية، التي تضم مكونات الشبك والايزيدية، في الحكومة بما يعادل حجم تمثيلها في البرلمان"، نسبة التمثيل الـ20% في الحكومة المقبلة، كانت الشرط الأبرز للقوى الكردية في الدخول بأية تشكيلة جديدة. ويقول رئيس كتلة تغيير أن "رئيس الحكومة أكد بأنه سيراعي التوازن في الحكومة المقبلة"، مشدداً على تمسك الكرد في المطالبة بنسبتهم في اللقاءات المقبلة.
وجاء لقاء العبادي بالقوى الكردستانية، ضمن سلسلة اجتماعات يعقدها رئيس الوزراء مع الكتل للتباحث بشأن تشكيل حكومته الجديدة التي يأمل أن تكون من التكنوقراط.
وأشار النائب هوشيار عبد الله الى أن "رئيس الحكومة أكد انه سيبعث برسائل الى الكتل السياسية في وقت قريب، لترسل له أسماء مرشحين بدلاً من الوزراء الحاليين ويختار هو الأنسب من بينهم"، مؤكّدًا أن "العبادي لا يعترض على ترشيح وزراء بدلاء حزبيين لأنه هو أيضاً ينتمي الى حزب الدعوة"، لافتاً الى أن "الاتفاق جرى على اختيار وزراء نزيهين، كفوئين، بالإمكان أن يكونوا أيضاً حزبيين ولكن ليسوا من قيادات الحزب أو الخط الاول".
وأوضح القيادي الكردي أن "كلام رئيس الحكومة مازال عمومياً فيما يخص رؤيته بشأن الحكومة المقبلة"، عازياً ذلك الى "الخلافات داخل التحالف الوطني وعدم وجود رؤية موحدة لشكل التغيير المقبل"، ولا تعترض الكتل الكردية على "حزبية العبادي" شرط أن لا تكون حاجزاً أمام عمله. ويقول النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني عرفات كرم بأن "حزب الدعوة، الذي ينتمي اليه رئيس الحكومة، صار عائقاً امامه"، داعيًا رئيس الحكومة الى "الاستقالة من حزبه أو أن يقوم التحالف الوطني باستبداله بشخص أكثر قدرة على اقناع الأطراف السياسية".
وكشف عرفات عن رفض الكرد التخلي عن نسبة الـ20% في الحكومة المقبلة. ويوضح التناقض بين موقف كتلته والاعتراض على بقاء العبادي في الدعوة، بالقول "لا مانع من استمرار رئيس الحكومة في حزب الدعوة لكنه فشل في حل المشاكل مع الكرد وأوشكنا أن نفكر بعودة المالكي"، مضيفًا أن "كتلة الديمقراطي الكردستاني وباقي القوى الكردية وضعت شروطها مقابل الاشتراك في حكومة جديدة"، لكنه يقول إن "المشكلة داخل التحالف الشيعي، إما أن يتفق على دعم العبادي أو يقوم بتغيره".
إلى ذلك، حذر بختيار شاويس، النائب عن الاتحاد الوطني الكردستاني، من استمرار الخلافات داخل التحالف الوطني وتأثيره على العملية السياسية، منوّهًا أن كتلته "تدعم الإصلاحات الحقيقية التي يمكن تطبيقها بشكل فعلي وتغيير الوزراء الى شخصيات أكثر كفاءة"، مشيرًا إلى أن "ما يحدث داخل التحالف الشيعي تسبب بتوتر الأوضاع في البرلمان وربما ينعكس على الشارع أيضاً وقد يعرقل جهود تشكيل حكومة جديدة".
وكانت القوى الكردستانية قد خسرت ثلاثة مناصب حكومية في الترشيق الوزاري في آب الماضي، بعد إلغاء منصب نائب رئيس الوزراء، ووزارة المرأة إضافة الى وزارة دولة أخرى، فيما لايزال يشغل ثلاث وزارت هي: المالية، الهجرة والمهجرين، والثقافة التي ضمت اليها وزارة السياحة والآثار، ولا يختلف موقف تحالف اتحاد القوى، الممثل السياسي لسنة العراق، عن نظيره الكردي في انتظار توافق "البيت الشيعي" قبل مفاتحة الأطراف الأخرى بتشكيل حكومة جديدة.
وأشار النائب عبد العظيم العجمان، عضو اتحاد القوى، إلى أن كتلته "لم تعد قطبًا منافسًا على رئاسة الحكومة أو معرقلاً لأي تغيير وزاري"، مشيراً الى انها "فقدت الكثير من تأثيرها بعد ظهور داعش في مناطقها ونزوح اغلب سكانها"، مضيفًا : "مازلنا نصرّ على تحقيق الوثيقة السياسية السابقة التي لم ينفذ الجزء المهم منها حتى الآن".
وحذرت كتلة حزب "الدعوة" البرلمانية من "تصدع التحالف بسبب صراع زعمائه على تبني الإصلاحات التي سبق العبادي الجميع إليه"، فيما أكد النائب رزاق الحيدري إن " مكونات التحالف ملزمة بالاتفاق وطرح ورقة إصلاحات داعمة للعبادي وليس تشظيها"، مضيفًا: "نعم هناك حساسيات بين قادة الكتل الشيعية، فالكل يريد إصلاحات وفق شروطه"، مشدّدًا على "وجوب تبني موقف موحد داخل التحالف الوطني يتعلق بتأييد ودعم العبادي وتوخي فرض شروط والتهديد بعزله"، محذّرًا من دولة عميقة داخل الدولة مهمتها إفشال كل شيء، في حين هناك من يعمل على تسفيه وتسقيط الجميع"، مشيراً في بيان إلى أن "للمجلس موقفاً واضحاً في دعم الإصلاح، ولن يكون عقبة في وجه أي خطوة تنهض بالبلد ولا بد أن يكون التقييم عبر لجان مختصة ومحايدة".
ودعا الحكيم إلى أن تشمل التغييرات الوزارية رئيس الحكومة، فيما اعتبر الصدر في تظاهرة الجمعة أن "العبادي على المحك"، محذرًا من أن "عدم قبول الكتل السياسية بذلك ستليه خطوات أخرى"، فيما أكد العبادي، الشهر الماضي، في البرلمان أنه حقق 20 بندًا من فقرات الوثيقة السياسية، لكن النائب عن اتحاد القوى يؤكد أن "الـ9 المتبقية من الوثيقة هي الأهم، ومنها العفو العام، التوازن، المحكمة الاتحادية، المساءلة والعدالة".
أرسل تعليقك