تجدّدت الاشتباكات المُسلّحة بين ميليشيات القبائل ومليشيات جماعة أنصار عبدالله الحوثي مجددًا، الاثنين الماضي، في مديرية الرضمة في محافظة إب، وسط اليمن.
وذكرت مصادر محلية إلى "العرب اليوم" أنَّ الاشتباكات اندلعت بعد تسليم مواقع عسكرية تابعة لقوات الاحتياط "الحرس الجمهوري" لجماعة أنصار الحوثي، ما أثار استياء بعض المجاميع المُسلّحة القبلية وأدى إلى اندلاع معارك بين الطرفين سقط على إثرها العشرات من الجانبين بين قتيل وجريح.
وتوقفت الاشتباكات في كلٍ من الحديدة ومدينة إب قبل أسبوع تقريبًا؛ إثر اتفاق بين الجانبين على وقف إطلاق النار سقط على إثر تلك المواجهات عدد من القتلى والجرحى.
واندلاع الاشتباكات فجأة ووقوفها فجأة أصبح يثير علامات الاستغراب لدى الشارع اليمني وما هي المصلحة من ذلك.
ويرى البعض أنَّ أنصار الحوثي استطاعوا السيطرة على المدن التي دخلت في مواجهات في إب وصنعاء والحديدة، فيما بقية المحافظات سلّمت دون مقاومة تذكر كذمار وحجة، معتبرين أنَّ تلك الاشتباكات كانت لا يجب أنَّ تكون ما دام ستفضي في النهاية إلى سيطرة أنصار الحوثيين على تلك المدن وليس هناك داعي لأن تراق تلك الدماء.
من جانبه، أكد المحامي والناشط الحقوقي صلاح سعيد: "المقاومة هي حق لكل إنسان يُعتدى عليه من عدو غاشم ولا يعني ذلك الحق أنه لابد أنَّ أكون متأكد يقينا من انتصاري حتى أقاوم، فالتسليم بعد المقاومة أفضل من التسليم بالمطلق؛ لأن التسليم بعد المقاومة الحقيقية بسبب القوة الغاشمة للعدو فيه إرساء وتثبيت لحق ومبدأ المقاومة، وإذا لم أنتصر أنا اليوم فسينتصر ابني في الغد ما دام أني أورثته حق ومبدأ المقاومة، إلا إذا ثبت أنَّ المقاومة منذ البداية هي لغرض المساومة في ثمن التسليم، فتلك ليست مقاومة وإنما متاجرة بدماء الناس".
واعتبر الناشط السياسي عبدالله سلام أنَّ ما يحدث امتداد للغموض في المشهد السياسي اليمني، وأضاف في تصريح إلى "العرب اليوم": "التواطؤ ليس فقط بإسقاط الدولة بل بالصمت إزاء ما يحدث، فلا يمكننا فقط اتهام الرئيس السابق علي عبد الله صالح والحوثيين بالتواطؤ لإسقاط العاصمة والدولة، بل أنَّ أجهزة الدولة والرئيس اليمني الحالي عبده ربه منصور هادي و القوى السياسية أيضًا شركاء في التواطؤ بالحرص على عدم تبيين الحقائق للشعب".
وأوضح: "إلا أنَّ هناك جزء من المؤامرة كون الأطراف الصامتة لها حساباتها الخاصة والضيقة مع البقية ولا تريد أنَّ تُضحي بها لصالح الوطن والشعب، ولهذا فالمشهد يزداد غموضًا وتعقيدًا وسنشهد مسرحيات هزلية كثيرة متفق عليها محليًا وإقليميا ودوليًا، المستهدف فيها الوطن والشعب الذي ليس أمامها من خيار إلا أنَّ ينظم جهوده وقواه ليعود للساحات من جديد ليثور على كل المتآمرين وسراق الثورات".
وذكر رئيس تحرير "الاقتصاد نيوز"، الصحفي رشيد حداد، خلال حديثه إلى "العرب اليوم": "في اليمن باعتبار من يخوضون المواجهات المُسلّحة مجرد ميليشيات مُسلّحة تفتقر لأدبيات وأخلاقيات القتال التي تحثّ على تجنيب المدنيين المخاطر فإنَّ المدنيين يكونون أول ضحايا الحروب العبثية التي تخوضها جماعة الحوثي والجماعات الأخرى تحت لافتتات ومبررات لا تمس الواقع بشئ بهذا بدأ".
وبحسب "حداد" فإنَّ ما يتعرض له المدنيين ليس تعرضهم للموت فقط ومحاصرتهم في منازلهم وإنما أيضًا تضييق سبل عيشهم وإغلاق فرص الحياة بسبب كثرة هذه المواجهات"، مشيرًا إلى "أنَّ هناك نزوج كبير من المدنيين خلال النصف الثاني من أيلول/ سبتمبر الماضي الذي كانت فيه المواجهات على أشدها بين جماعة الحوثي وبين فصيل من قوات الجيش التي انتهت بتسليم العاصمة صنعاء".
وأضاف: "هناك سيناريو يدار من طرف ثالث والهدف ليس تسليم محافظة أو محافظتين بل الهدف تسليم البلد برمته".
وعن مواجهات الحراك التهامي مع الحوثي فجأة وتوقفها فجأة، ذكر رئيس الدائرة الإعلامية للحراك التهامي، أحمد حسن عياش، أنَّ الحِراك التهامي نضاله سلمي وأنَّ الاشتباكات التي وقعت كانت بين بلاطجة ومرتزقة لجرّ الحراك إلى مربع العنف ففوت الحراك عليهم الفرصة وآثر المضي في نضاله السلمي، وعن الاتفاق المُبرم بين جماعة أنصار الحوثي وبين الحراك التهامي لوقف التصعيد، فأنَّ وثيقة الاتفاق الموقّع بين جماعة أنصار الله وبعض شباب حارة اليمن المتاخمة لساحة الحراك لا تعنيه في شيء وغير ملزمة لأحد سوى الموقعين عليها من المنبطحين الذين دفع بهم أنصار الله لافتعال مشكلة؛ فموقف الحراك ثابت وواضح وصريح في رفضه لميليشيات الحوثي المُسلّحة، ويؤكد ذلك تصعيد نضاله بدأ بمسيرة السبت المليونية في 25 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري".
وأضاف عياش: "الحراك أعلن عن برنامج تصعيدي يتضمن مسيرة طلابية تربوية وجامعية الأحد المُقبل واجتماع موسَّع وشامل مع الأحزاب والمنظّمات الحقوقية ومنظمات المجتمع المدني والمشايخ كافةً والأعيان والوجهاء الاثنين المُقبل، وغيرها في الطريق وهذا تأكيد عن نضال الحراك السلمي ولن يفكر الحراك في المواجهة إلا بعد استنفاد وسائل النضال السلمي كافة وكما يقولون آخر العلاج الكي".
ورفض قيادي عسكري رفض عن هويته، ولكنه أكد إلى "العرب اليوم" أنَّ المواجهة بين الحراك التهامي كانت دفاعًا عن النفس وأنصار الحوثي كانوا يريدون جرّ الحراك لمعركة عسكرية غير متكافأة، المواجهات التي حدثت مع أنصار الله الحوثيين هي بين شباب مطلوبين أمنيًا اعتدوا على طقم تابع لأنصار الله الحوثي الخميس الماضي وهو ما فجّر المواجهة، والاتفاق المبرم هو لتسليم هؤلاء الأشخاص، كما أنَّ تساهل السلطة المحلية والعسكرية في المحافظة أثار غضب الساكنين في المنطقة وتجول ميليشيات الحوثي والقبائل المُسلّحة في المدينة ".
وأشار: "حدث الخميس الماضي عند مرور طقم مُسلّح بالقرب من السوق الشعبي لباب مشرف وكنج مول تسبّب في حدوث اشتباك مع شباب حارة اليمن وإطلاق الحوثيين النار بشكل كثيف وتعزيز قوتهم سبّب في استنفار جميع الشباب للمقاومة".
وتابع: "زادت التعزيزات الحوثية وبأطقم أمنية حوثية وانتهكوا حقوق الإنسان وهلع وخوف النساء والأطفال؛ حيث كانوا يضربون ويحرقون بنيرانهم كل شي متحرك وثابت ودخول الطلقات النارية إلى داخل المنازل أثبتوا بتصرفاتهم أنهم غزاة محتلّين وليس يمنيون".
أرسل تعليقك