باريس ـ العرب اليوم
لم تكد زعيم "الجبهة الوطنية"، اليمين المتطرف، في فرنسا مارين لوبن، تتلقى التهاني بالتقدم البارز الذي حققته في الانتخابات المناطقية الأخيرة، حتى واجهت قلقاً تجسًّد في قطيعة سياسية مع والدها جان ماري لوبن، مؤسس الجبهة ورئيسها الفخري.
وحققت لوبن عبر الانتخابات الأخيرة ما لم يتمكن منه والدها على مدى 30 عامًا قاد خلالها الجبهة وحولها إلى ظاهرة متطرفة على هامش الحياة السياسية، بينما سعت الابنة إلى التخلص من الاتهام بـ"معاداة السامية"، من أجل دخول الساحة السياسية من أوسع أبوابها، ومنافسة اليمين واليسار التقليديين في آن واحد.
وتوجت لوبن 3 سنوات من قيادتها الجبهة بتبوئها المركز الثالث بين القوى السياسية في الانتخابات المناطقية في 22 و 29 آذار/ مارس الماضي، وكادت تهدد معادلة التناوب على الحكم بين الحزبين التقليديين.
ولم يرق الأسلوب المشذب الذي اعتمدته في صياغة المواقف وطرحها، لوالدها الذي شعر أن الجبهة تحولت عن نهج الاستفزاز والإثارة ومخالفة الإجماع الذي اعتمده.
وبعدما نجح في إثارة غالبية الفرنسيين، قرر هذه المرة التصويب على الذين خلفوه في قيادة حزبه وأولهم ابنته، فجدد عبر مقابلة إذاعية تصريحاته المعتادة بشأن المحرقة اليهودية باعتبارها "مجرد تفصيل" في أحداث الحرب العالمية الثانية.
وبعدما قوبل بمحاولة تنصل من مواقفه من جانب ابنته وفريقها، قرر لوبن التمادي في مقابلة مطولة مع مجلة "ريفارول" اليمينية المتطرفة هذا الأسبوع، مدافعًا عن المارشال الفرنسي بيتان حليف النازيين خلال الحرب، كما استعاد مواقف معادية للمهاجرين، معربًا عن خشيته من وصول مسلم إلى سدة الرئاسة الفرنسية، ما لم يتم وقف تدفق المهاجرين إلى البلاد.
ولم يفت لوبن أن يهاجم بقوة رئيس الحكومة مانويل فالز، مشككًا في انتمائه كونه من أصل إسباني حاز على الجنسية الفرنسية منذ 30 عامًا.
وأثارت تصريحاته تلك انتقادات غاضبة من فريق ابنته، لاسيما نائبيها على رأس الجبهة، أحدهما شريك حياتها لوي لاليو، ووجدت لوبن نفسها مضطرة إلى الاختيار بين والدها ومستقبلها السياسي.
وأصدرت بيانًا وصفت فيه مواقفه بـ"الاستفزازات الفجة" وأنه بأسلوبه هذا يعمل على الإيذاء وينتهج استراتيجية الأرض المحروقة والانتحار السياسي، بحسب قولها.
وأضافت أن كون والدها رئيسًا فخريًا للجبهة لا يعطيه الحق باحتجازها رهينة، لذا دعت بحزن بالغ، إلى انعقاد المكتب التنفيذي لبحث أفضل السبل التي يمكن اتباعها لحماية مصلحة الجبهة.
كما أشارت إلى أنها ستعارض الترشيح المرتقب لوالدها لقيادة لائحة الجبهة لانتخابات المجالس الإقليمية المقبلة عن منطقة بروفانس- وآلب- وكوت دازور، معتبرة أنه تسبب في أزمة لم يسبق لها مثيل.
ويبدو أنه بات متعذرًا الإبقاء على دور لوبن الأب في الجبهة بعدما اتضح أن احتواءه غير ممكن، في حين أن إقصاءه سيطلق بلا شك، العنان لتصفية حسابات عائلية لن تخلو من انعكاسات سياسية.
أرسل تعليقك