صرَّح رئيس شبكة المنظمات الأهلية في غزة، ومدير مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان خليل أبوشمالة، بأن الهدف من الزيارات الكثيرة والمتتالية التي تجريها وفودٌ أوروبية إلى قطاع غزة في الآونة الأخيرة هو التأكد من التقارير التي تحذر من انفجار الأوضاع هناك وبدء فقدان السكان للأمل في إعادة الإعمار، بالإضافة إلى استماعهم للشكاوى من عدم وصول أموال الإعمار إلى غزة بما فيها وكالة الغوث.
وأكد أبوشمالة أن الهدف الآخر من تلك الزيارات هي التقارير الصادرة عن البنك الدولي، والتي تشير إلى نتائج صادمة للأوضاع الانسانية في غزة، والتي سجلت أرقامًا غير مسبوقة مثل الفقر والبطالة والأوضاع النفسية.
وبيّن أبوشمالة في تصريحات صحافية، الاثنين، أن الكثير من الضيوف والشخصيات الأوروبية التي حضرت إلى غزة وصلت لها رسالة أن استمرار الحال هكذا سيفجر الأوضاع ولا أحد يعلم أين ستكون وجهة ذلك الانفجار.
وأضاف أنهم ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص أوضحوا للوفود أن عملية إعادة اعمار غزة يجب أن تكون منفصلة عن أي موضوع سياسي، فآلاف المواطنين ما زالوا في مراكز الإيواء ينتظرون إدخال مواد الإعمار.
وشدد على أنهم أكدوا لجميع الوفود بأن خطة "سيري" مرفوضة؛ لأنها تعمل على مأسسة الحصار وليس إنهائه، والدليل على ذلك أن الركام ما يزال موجودًا وآلاف المواطنين في مراكز الإيواء، ووكالة الغوث تطلق نداءات الاستغاثة من أجل إرسال الأموال لدفع إيجارات المتضررين.
وأكد أبوشمالة أن كل البدائل لا تسد حاجة السكان في غزة، فالمعابر مغلقة و"إسرائيل" تتحكم في إدخال مواد البناء، محذرًا من أن استمرار العمل بهذه الآلية سيجعل عملية إعادة الإعمار تأخذ عشرات السنوات.
وبشأن رد الوفود على ما يتم طرحه في جلسات النقاش، بيّن أبوشمالة أن "من يأتي إلى غزة ليس بصانع قرار بل هو ممثل عن دولة يستمعون منا ويرفعون ذلك للحكومات في الدول الأوروبية".
هذا وأثارت تلك الزيارات علامات استفهام كثيرة بشأن أهداف تلك الزيارات وأبعادها، على الرغم من تفسير البعض لتلك الزيارات بأنها تهدف إلى التعرف على أوضاع غزة الكارثية والتأكد من التحذيرات التي تطلق بين الفينة والأخرى من انفجار الأوضاع مجددًا في القطاع.
بينما أفادت مصادر فلسطينية بأن الهدف الأبرز لتلك الزيارات البحث في طرق وبدائل للبدء بعملية إعادة إعمار قطاع غزة، في ظل تصاعد الخلافات بين حركتي فتح وحماس، والتي تقف حائلاً دون البدء الحقيقي بعملية الإعمار وإيصال الأموال، ناهيك عن استمرار الحصار وشحّ مواد البناء المدخلة إلى غزة.
وأرجعت تلك المصادر الاندفاع الأوروبي تجاه غزة إلى التحذير الدولي المتكرر من الانفجار، بسبب تأخر الإعمار، مشيرًا إلى صحيفة "رأي اليوم" أن الأوروبيين في ظل عدم ممانعة الاحتلال للإعمار شرط الرقابة الدولية، بدأوا في البحث عن بدائل جديدة لتنفيذ المرحلة الأولى من الإعمار، عبر ضخ أموال الإعمار من خلال مؤسسات الأمم المتحدة العاملة في غزة، مع استمرار الخلاف حول الإشراف على الإعمار بين حكومة الوفاق الفلسطينية وبين حركة حماس.
وكان الشرط السابق للأوروبيين من أجل بدء الإعمار تسليم معابر غزة إلى الحكومة بدلاً من أن تكون في قبضة حماس، وهو أمر لن يتم في الوقت القريب بسبب تصاعد خلاف الأطراف الفلسطينية، لكن ذلك سيجرى الالتفاف عليه من خلال بدء المرحلة الأولى من مشاريع الإعمار في قطاع غزة من خلال الأمم المتحدة، التي تستطيع أن تنسق لإدخال مواد البناء مع الجانب "الإسرائيلي" دون الحاجة للسلطة الفلسطينية، وبدون أن تدفع ضرائب للسلطات في غزة.
من جانبه، اعتبر الخبير والمحلل الاقتصادي ماهر الطباع الزيارات التي أجرتها الوفود الأوروبية لقطاع غزة في الآونة الأخيرة بأنها زيارات بروتوكولية، فالتقارير الدولية الصادرة عن عدة جهات مثل البنك الدولي ووكالة الغوث وغيرها والتي حذت من أوضاع غزة الكارثية لا تحتاج زيارات بروتوكولية بل إلى تحرك عاجل.
وأوضح الطباع أن تقرير البنك الدولي الأخير بيّن أن ما تم إيصاله من أموال المانحين لإعادة إعمار قطاع غزة حتى نيسان/ أبريل الماضي مليار واحد من أصل 3.5 مليار دولار.
وتساءل الطباع: أين ذهبت هذه الأموال إن وصلت فعلاً، فإعمار قطاع غزة لم يبدأ فعليًا؟ مشيرًا إلى أن الكثير من الأموال التي وصلت وكالة الغوث أخيرًا جزء كبير منها كان يصل إليها قبل الحرب لتقوم بالتزاماتها تجاه اللاجئين الفلسطينيين.
هذا وكانت الدول المانحة قد تبرعت بأكثر من 5 مليارات دولار لإعمار غزة لكن لم يصل من هذه الأموال إلا القليل، لإعمار آلاف المنازل والمباني الحكومية التي دمرت في الحرب، وبسبب التأخير في الإعمار الذي لم تبدأ خطواته العملية الحقيقية بعد، وحذرت الكثير من المؤسسات الدولية التابعة للأمم المتحدة من انفجار وشيك في غزة.
أرسل تعليقك