بيروت ـ جورج شاهين
شدد رئيس الجمهورية اللبنانية، العماد ميشال سليمان التزامه، بالعهد الذي قطعه، سوف يستمر في القيام بواجبه الدستوري في سبيل المحافظة على وحدة الوطن وسيادته على أرضه وقراره وسياسته الداخلية والخارجية واستقرار نظامه البرلماني، وعلى دستورية التشريع وميثاقيته ودورية الاستحقاقات، آملاً في أن يتوصل المجلس النيابي إلى اقرار قانون انتخابي يلتزم صيغة العيش المشترك، ويكون منسجماً مع روح الميثاق الوطني وصولا الى اجراء انتخابات نيابية حرة ونزيهة، مع احترام المناصفة بين الطوائف سبيلاً الى إغناء النموذج اللبناني.
جاء ذلك خلال كلمة ألقاها في جامعة القديس يوسف –الأشرفية، لمناسبة الذكرى المئوية الأولى لتأسيس كلية الحقوق والعلوم السياسية بحضور الرئيس المكلف تشكيل الحكومة تمام سلام، وعدد من الوزراء والنواب والشخصيات الرسمية والحقوقية والأكاديمية.
وأكد أن لا لبنان المسيحي هو ضمان للمسيحيين ولا لبنان المسلم هو ضمان للمسلمين؛ وحده لبنان، دولة القانون والمؤسسات، لبنان العيش المشترك، الحر، السيد على كامل ترابه الوطني بجيشه اللبناني فقط، هو الضمان الوحيد لجميع اللبنانيين.
ودعا الرئيس سليمان طلاب لبنان إلى التمرد على رياح التشرذم والتفرقة والإحباط وعدم السماح لأي كان بتغيير وجه لبنان المميز في هذا الشرق، ودعاهم إلى هدم الحصون المذهبية التي شيّدها أمراء الحرب والسياسة، والتمسك بالأرض أمام شهوات الهجرة وإغراءاتها، والمساهمة في بناء دولة يجهد مسؤولوها في تطبيق القوانين والدستور، وعدم الخوف من الحوار لأنه سلاح الأقوياء.
وكان الرئيس سليمان وصل إلى الجامعة عند السادسة مساء، حيث كان في استقباله رئيسها، الأب سليم دكاش، وعميد الكلية فايز الحاج شاهين حيث توجه إلى قاعة الاحتفالات. وبعد النشيد الوطني، القيت كلمات للاب دكاش والبروفسور شاهين وسكرتير اكاديمية العلوم الاخلاقية والسياسية في فرنسا فرانسوا تري، ورئيس جامعة ليون الثالثة جاك كونبي، ركزت على اهمية كلية الحقوق والعلوم في الجامعة اليسوعية والدور الذي لعبه الآباء اليسوعيون في لبنان من خلال انشاء جامعة القديس يوسف منذ نحو قرن من الزمن، وشدد المتحدثون على الاستمرار على النهج نفسه، وتوطيد العلاقة الأكاديمية التي تربط لبنان بفرنسا.
وألقى الرئيس سليمان كلمة قال فيها: إن لبنان هو وطن الحرية والرسالة، إنه وطن الحاجة والضرورة؛ فهو لم يبن على قاعدة العدد ولا على مبدأ الدين، وانما على أسس الوفاق والتوازن والمناصفة ضمن صيغة العيش المشترك التي أكدت عليها الفقرة (ي) من مقدمة الدستور وذلك في إطار نظام برلماني قائم على مبدأ الفصل والتعاون والتوازن بين السلطات، نظام قادر على تأمين الاستقرار ومشاركة الجميع في صنع القرار الوطني الواحد والجامع وذلك عندما يتم تطبيق نصوصه بشكل متوازن وموضوعي تداركاً للوقوع في اشكالات دستورية ووطنية.
وأضاف: "من هذا المنطلق دعوت وأدعو القيادات الوطنية، وبخاصة في هذه الظروف الداخلية والإقليمية الدقيقة إلى تفعيل لغة الحوار والاعتدال وتغليب مصلحة لبنان فوق أية مصلحة وبناء الثقة المتبادلة فيما بينها، وصولاً إلى قواسم مشتركة تحفظ الكيان والاستقلال، كما أدعوها إلى التضامن والالتزام بما توافقنا عليه جميعاً في "اعلان بعبدا"، الذي أصبح التزاماً ميثاقياً وطنياً ووثيقة رسمية من وثائق الأمم المتحدة، حيث لاقى ترحيباً من مجلس الأمن الدولي والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية، وهو إعلان يجدر تحصينه، وإدراج بعض بنوده ضمن أحكام الدستور ومقدمته وخصوصاً لجهة تحييد لبنان عن الصراعات الإقليمية والدولية، لحماية وحدته الداخلية، وهي سياسة حكيمة، سارت عليها الدولة اللبنانية منذ عهد الاستقلال، من دون أن يشمل هذا التحييد دور لبنان الداعم للقضية الفلسطينية.
وقال: "من هنا أبادر إلى القول ان استقرار المنطقة بأسرها وتحوّلها الى الديموقراطية الصحيحة، لن يتأمن إلا عند إقرار مبادئ الديموقراطية في فلسطين وتطبيقها، وإقرار السلام العادل والشامل لضمان الحقوق المشروعة لشعبها على قاعدة قرارات الشرعية الدولية والمبادرة العربية للسلام، فإن لبنان لا يزال يرزح تحت وطأة الاحتلال الإسرائيلي لأجزاء من أراضيه في جنوبنا الغالي، إضافة إلى الخروقات اليومية والتهديدات المتكرّرة، مطالبًا لجامعة العربية والأمم المتحدة حماية لبنان من تداعيات الأزمة السورية.
وتابع: "لذلك دعوت في مؤتمري الكويت والدوحة الأخيرين إلى انعقاد مؤتمر دولي لمعالجة المشكلة المتفاقمة للنازحين السوريين ، ولتأمين المساعدات الإنسانية لهم أولاً، والعمل من خلال مؤتمر دولي على تقاسم الاعباء انطلاقاً من مبدأ المسؤولية الجماعية والتفكير بتوزيع الأعداد الإضافية المحتملة على الدول، أو إقامة مخيمات إنسانية داخل الأراضي السورية بعيداً من مناطق الاشتباكات وتأمين الرعاية الاجتماعية والحياتية لها بمعاونة الأمم المتحدة، في انتظار إيجاد الحل السياسي الذي سيسمح بعودتهم إلى وطنهم بكرامة وأمان، وذلك لأن لبنان لا يمكنه منفرداً تحمل هذا الواقع المفتوح على كافة الاحتمالات .
وبعدها، قدم الأب دكاش والبروفسور شاهين درعاً تذكارياً لرئيس الجمهورية، كما قدموا جوائز تقديرية لجان كاربونيه، وهنري بتي فول، وعبد الرزاق السنهوري، وبول روبيه، واميل تيان، ثم جال الرئيس سليمان ومستقبليه في مخزن المكتبة واطلع على الكتب المهمة التي تحويها، قبل أن تؤخذ الصورة التذكارية في الباحة الخارجية للجامعة.
أرسل تعليقك