قدم الرئيس الأول لمحكمة النقض مصطفى فارس، خلال اجتماعه بحراس القانون، بعض نماذج اجتهادات المحكمة التي تكرس بشكل ملموس المقاربة الحقوقية والرؤية المقاصدية للقضاة المعتمدة على قواعد التفسير وروح الابتكار في صناعة قضائية متجددة، مهيأة لتتبع المستجدات وقادرة على مواكبة التطورات المتسارعة، واستيعاب المتغيرات، والإلمام بأسبابها وتقدير نتائجها.
وركزت محكمة النقض على نقاط عدة أبرزها مناهضة التعذيب، إذ اعتبرت أن إدانة المتهم من أجل الأفعال المنسوبة إليه دون مراعاة لظرف التعذيب البدني الذي طال الضحية يجعل القرار المطعون فيه ناقص التعليل وينزل بمنزلة انعدامه.
وفي إطار حماية المواطن من الشطط في استعمال السلطة، قررت محكمة النقض جواز الطعن بالإلغاء في قرارات النيابة العامة المتعلقة بتسخير القوة العمومية لمساعدة كتابة الضبط على تنفيذ الأحكام لكونها إجراءات إدارية ترتبط بميدان الشرطة الإدارية
واعتبرت محكمة النقض أن الاختصاص النوعي بشأنه ينعقد مبدئيًا للمحاكم الإدارية، وأن الدولة تتحمل ما يحكم به من تعويضات دون حاجة لمناقشة مدى خطأ مرفق القضاء، وذلك تفعيلاً للحق في التعويض عن الخطأ القضائي الذي يعتبر من المكتسبات الدستورية الهامة.
وبخصوص حماية المال العام، وربطًا للمسؤولية بالمحاسبة، اعتبرت المحكمة أن الأموال التي تديرها التعاضديات العامة، المحدثة في إطار ظهير 12/11/1963، المتعلق بالنظام التعاضدي، تعتبر أموالاً عامة، لأنها مؤسسة تدير مرفقًا عموميًا يتعلق بالنظام التعاضدي الخاص بموظفي الإدارات العامة.
وأكدت محكمة النقض أن العقود التي تبرمها الجامعة الملكية المغربية لألعاب القوى، وتتضمن شروطًا استثنائية غير مألوفة في القانون الخاص، تعتبر عقود صفقات عمومية، تندرج المنازعات بشأنها ضمن الاختصاص النوعي للمحاكم الإدارية.
وتيسيرًا للولوج إلى العدالة، قررت محكمة النقض جواز تقديم الطعن بالاستئناف بدون محام في قضايا النفقة.
وفي ما يتعلق بالجالية المغربية المقيمة بالخارج، كرست المحكمة هذا التوجه مؤكدة ضرورة مراعاة أحكام الاتفاقيات الثنائية وسموها على القانون الوطني.
زما في مجال حماية الحق في السلامة الجسدية، فاعتبرت محكمة النقض أن وفاة سجين بصعقة كهربائية، يعد تقصيرًا من المؤسسة السجنية في أداء الخدمة العامة المنوطة بها، ويرتب مسؤولية الدولة. كما قررت المحكمة المسؤولية المشتركة بين الشركة الصانعة لقنينات الغاز، والشركة التي تملأها، عن الأضرار التي تنسب فيها.
واعتبرت محكمة النقض، في المجال الصحي، أن التدخين داخل مقر العمل يعد خطأ جسيمًا يمكن أن يترتب عنه الفصل، مادام هذا الفعل يشكل إخلالًا بقواعد حفظ صحة الأجراء وسلامتهم.
وبشأن ترسيخ العدالة والتوازن بين طرفي عقد الشغل، اعتبرت المحكمة أن رفض الأجير العمل بالشركة الثانية التابعة لنفس الشركة الأولى التي تتواجد بها بالرغم من الاحتفاظ له بأجرته وأقدميته وجميع امتيازاته، ودون ثبوت حصول أي ضرر له من جراء ذلك، يعتبر بمثابة فسخه لعلاقة الشغل الرابطة بينه وبين مشغلته ومغادرة تلقائية لعمله.
وفي المقابل، وحماية للأجراء من الفصل التعسفي، قررت محكمة النقض إعفاء الأجير من اللجوء إلى مفتش الشغل لإجراء محاولة الصلح ما دام أن المشغلة نفسها لم تسلك مسطرة المادة 62 من مدونة الشغل.
كما اعتبرت محكمة النقض أن ضمان الدولة للحق في التطبيب والعلاج لمواطنيها، ينحصر في حدود الإمكانيات المتاحة لها داخل أرض الوطن ولا يمكنها ضمان العلاج لمواطنيها بأي دولة أجنبية.
وقررت أن إصدار رئيس الحكومة لمرسوم يقضي بحرمان طلبة مدرسة علوم الإعلام من حقهم في الولوج إلى الإطار الذي يخوله لهم دبلوم مدرسة علوم الإعلام مباشرة بدون مباراة، يشكل إخلالًا بمبدأ المساواة مع كل من يوجد في مثل مركزهم القانوني.
كما اعتبرت محكمة النقض أن مكتري رخصة استغلال سيارة أجرة ملزم في جميع الأحوال بإرجاعها للمكري بمجرد انتهاء مدة العقد، ولا مجال للاحتجاج عليه بالمدة الواردة في العقد المبرم بين المكتري والمستغل للرخصة المذكورة.
أرسل تعليقك