غادر البابا فرنسيس بانغي الاثنين عائدا الى روما في ختام جولة افريقية شملت كلا من كينيا واوغندا وافريقيا الوسطى حيث دعا المسيحيين والمسلمين في هذا البلد الذي يشهد اعمال عنف طائفية الى رفض الحقد والعنف.
وفي المحطة الاخيرة من جولته، زار البابا صباح الاثنين مسجد بانغي الكبير في حي بي.كاي-5 الذي شهد مجازر وحشية خلال معارك بين فصائل مسيحية ومسلمة اواخر 2013 في خطوة رمزية كبيرة في مسعاه التصالحي في افريقيا الوسطى.
وتجمع الاف الاشخاص الى جانب الطرقات لتحية البابا اثناء مروره.
وقال البابا لدى وصوله الى المسجد "المسيحيون والمسلمون اخوة" مضيفا "معا يجب ان نرفض الحقد والثأر والعنف وخصوصا العنف الذي يرتكب باسم ديانة او باسم الله".
وفي حي بي.كاي5 الذي لجأ اليه آخر المسلمين في بانغي التي شهدت اعمال عنف طائفية، استقبل إمام المسجد احمد تيجاني البابا فرنسيس في حضور وفود كاثوليكية وبروتستانتية.
وتحدث البابا الى مئات الاشخاص ومنهم الذين هجرتهم اعمال العنف، وجاءوا لاستقباله في باحة المسجد، في اجواء غير متوترة، لكن وسط تدابير امنية مشددة اتخذتها قوة الامم المتحدة التي نشرت بعضا من عناصرها حول مئذنة المسجد.
وقال القس جان بول سانغاغوي في كنيسة العنصرة ان هذه الزيارة "انتصار للبابا وجمهورية افريقيا الوسطى ضد طيور الشؤم" التي كانت تتخوف من اعمال عنف خلال زيارة البابا بانغي.
ودعا وزير المال والميزانية عبدالله كافري حسن، الى "تلاحم اجتماعي" "حتى لا ينحصر المسلمون في منطقتهم وتعود حرية التنقل في بانغي".
وقال ابراهيم بولن المتحدث باسم لاجئين في الحي "نحن فخورون جدا باستقباله، لم يأت البابا الى هنا من اجل المسيحيين فقط، هو خادم الله من اجل شعب افريقيا الوسطى بكل فئاته".
وبعد ساعات، وفي خطوة رمزية، وصلت الى ستاد بانغي سيارتا بيك-اب تنقلان مسلمين يرتدون قمصانا طبعت عليها صورة البابا، لحضور القداس. وفيما لم يكن اي مسلم يجازف في المجيء الى هذا الحي المسيحي، اختلط هؤلاء المسلمون بين الجموع وسط هتاف وتصفيق الناس الذين كانوا يرددون "انتهت الكراهية".
وحي بي.كا. 5، هو آخر منطقة مسلمة في بانغي، ولا يمكن لسكانه الخروج منه للتبضع من غير ان يواجهوا خطر القتل، على ايدي عناصر الميليشيات المسيحية.
ويتعرض اهالي الحي عادة للحصار والمضايقة من قبل هذه الميليشيات المسيحية التي تطلق على نفسها اسم "انتي بالاكا".
وعلى مشارف الحي ومداخل الطرق الترابية تتمركز مجموعات الدفاع الذاتي المسلحة خلف سواتر ترابية لحمايته.
وانتشر جنود القوة الدولية وعددهم 10900 عنصر في جميع انحاء البلاد والقوة العسكرية الفرنسية التي تضم 900 عنصر وشرطة افريقيا الوسطى في بانغي لضمان الامن في هذا اليوم الاخير من جولة البابا الافريقية.
ويشهد محيط المسجد مواجهات مسلحة بين ميليشيا سيليكا المسلمة وميليشيا انتي-بالاكا المسيحية والاحيائية.
غير ان مورو غاروفانو من مجموعة سانت ايجيديو الكاثوليكية قال ان المسلمين ينتظرون البابا بورع وامل.
وزار غاروفانو حي بي.كا. 5 وقال "رأيت الجهود التي بذلها شبان الحي المسلمون في الايام الاخيرة، وكذلك مسؤولو الطائفة المسلمة من رجال دين وسياسيين من اجل اعادة بناء الحي، كما انهم شكلوا مجموعات للسهر على الامن".
- رهان السلام-
وكانت محطة بانغي التي استمرت يوما ونصف، تحديا حقيقيا للبابا فرنسيس، نظرا الى الظروف الامنية واجواء الارتياب التي ما زالت سائدة في المدينة.
وبدا البابا واثقا من نفسه وحازما في حضه على العودة الى الحس الانساني بعيدا عن "دوامة الانتقام التي لا نهاية لها".
ولم يذكر الاحد كلمة "مسلمين" تأكيدا منه ضمنا على ان النزاع بين المسلمين والمسيحيين له جذور سياسية.
ودعا جميع مواطني افريقيا الوسطى الى "عدم الخوف" من الاخر بسبب ديانته او اتنيته والى التحلي بالجرأة الضرورية للصفح عن الاخرين.
افتتحت مساء الاحد في افريقيا الوسطى بشكل مسبق سنة "يوبيل الرحمة" التي اعلنها البابا "سنة مقدسة"، مع تدشين "باب مقدس" في كاتدرائية بانغي في بادرة رمزية تقليدية حيث ينال من يمر عبره الغفران عن خطاياه.
كذلك وجه البابا فرنسيس نداء الى "كل من يستخدمون ظلما الاسلحة في هذا العالم" داعيا الى "التخلي عن ادوات الموت هذه".
وتعقيبا على تدشين "الباب المقدس" طلبت الرئيسة الانتقالية كاترين سامبا-بانزا وقد غمرها التاثر "المغفرة" عن "كل الشرور" الذي ارتكبت في النزاع الجاري منذ 2013.
وقالت في كلمة امام البابا "جميعنا بأمس الحاجة الى هذه المغفرة لان ما حدث فظاعات ارتكبها اشخاص يصفون انفسهم بانهم مؤمنون باسم الدين".
أرسل تعليقك