موسكو ـ وكالات
يبدأ الرئيس الصيني شي جين بينغ، الخميس، زيارة رسمية لموسكو هي الاولى منذ توليه مهام الرئاسة في بلاده.
وتحمل هذه الزيارة دلالة خاصة على الاهمية التي تعيرها بكين لتطوير العلاقة مع موسكو لا سيما وان جين بينغ الذي انتخب اخيرا رئيسا لبلاده اختار ان تكون روسيا محطة لاول زيارة يقوم بها للخارج.
وتراهن روسيا الاتحادية بدورها على تمتين روابطها مع الصين لاسباب استراتيجية تقتضي خلق نوع من التحالف السياسي والاقتصادي لمواجهة الاخطار والتحديات والضغوط الغربية خاصة في مواجهة الدرع الصاروخي الامريكي وتوسيع رقعة حلف الناتو شرقا.
وليس من قبيل المصادفة ان تبرز عقيدة السياسة الخارجية الروسية التي وقع عليها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخرا الصين بوصفها "شريكا مهما" لبلاده و"سندا اساسيا" للاستقرار الاقليمي والدولي.
وتحتل الصين المرتبة الاولى بين شركاء روسيا التجاريين اذ بلغ حجم التبادل التجاري العام الماضي 88 مليار دولار بزيادة 2ر11 بالمئة عن 2011 واعلن الجانبان عزمهما على الارتقاء بالتبادل التجاري الى مئة مليار دولار خلال الاعوام القليلة القادمة.
وتعتمد الصين بصورة اساسية على واردات النفط والغاز الروسي خاصة بعد انجاز مشروع مد انابيب الغاز والنفط من سيبيريا مرورا بالشرق الاقصى الى الصين مباشرة.
وبلغ حجم صادرات النفط الروسية الى الصين العام الماضي 15 مليون طن فيما تسعى الصين الى مضاعفة هذه الكمية خاصة على ضوء العقوبات الدولية المفروضة ضد ايران وعدم الاستقرار في منطقة الشرق الاوسط.
وبمناسبة زيارة الرئيس الصيني أكد مدير معهد الشرق الاقصى التابع لاكاديمية العلوم الروسية ورئيس لجنة الصداقة الروسية الصينية الاكاديمي ميخائيل تيتارينكو في تصريح لوكالة الانباء الكويتية (كونا) وجود افاق واسعة لتطوير التعاون بين البلدين خاصة في مجال الاستثمارات والطاقة والتكنولوجيا الرفيعة.
ونفى تيتارينكو وجود هواجس لدى روسيا حيال السياسة الصينية مشيرا الى طموح الجانبين في تطوير علاقات التعاون الاقتصادي والاستثماري والطاقة وايجاد السبل الكفيلة بتجاوز العوائق التي تعوق هذا التعاون.
ووصف تيتارينكو العلاقات السياسية القائمة بين البلدين بانها تقوم على الثقة وتعكس تطابق وتقارب وجهات النظر حيال اغلبية القضايا الاقليمية والدولية ناهيك عن انها تشكل عمقا لتطوير العلاقات الاقتصادية.
ولفت الى اهمية التعاون الروسي الصيني لمعالجة الازمات خاصة في افغانستان وسوريا وكوريا الشمالية والسبل الكفيلة بتطوير عمل المؤسسات المالية العالمية وغيرها.
ويلعب البلدان كما ذكر تيتارينكو دورا بارزا في التجمعات الاقليمية خاصة منظمة شنغاي للتعاون ومنظمة بريكس اضافة الى تنامي دورهما ووزنهما في المحافل الاقتصادية الفاعلة مثل منظمة التعاون الاقتصادي لدول اسيا والمحيط الهادي ومجموعة الثمانية ومجموعة العشرين.
ويلفت المراقبون النظر الى طموح روسيا والصين اللتين تملكان اكبر مخزون من العملة الصعبة والذهب لتطوير رقعة الاستثمار في العديد من دول العالم وربما تشكيل اليات مشتركة لتحقيق هذا الهدف في المستقبل المنظور.
وفي الوقت نفسه تراهن روسيا على تطوير مناطق الشرق الاقصى الروسية النائية عن طريق جلب الاستثمارات الصينية واقامة روابط مباشرة بين الاقاليم الروسية والصينية المتجاورة لا سيما وان هذه المنطقة غنية للغاية بمواردها والاراضي الصالحة للزراعة وغير المستثمرة بسبب ندرة الايدي العاملة هنا.
وبالرغم من المحاذير التي يطلقها بعض السياسيين والاعلاميين الروس بين الحين والاخر حول تنامي القدرات الطبيعية والاقتصادية والعسكرية الصينية وغموض النوايا الصينية فان القيادة الروسية تراهن على تعزيز العلاقات الاستراتيجية مع الصين تاركة لواشنطن هم التفكير والقلق من مخاطر التنين الصيني المقبل.
وتتعمق هذه القناعة لدى الروس خاصة بعد اخفاق كافة المحاولات لتطبيع العلاقة مع اليابان وعدم توقيع معاهدة سلام معها واستقواء طوكيو بالولايات المتحدة الامريكية في خلافها مع روسيا خاصة حول جزر الكوريل المتنازع عليها.
وفي الوقت الذي تحترم فيه الصين مصالح روسيا ونفوذها التقليدي في منطقة اسيا الوسطى فان روسيا تتفهم "الحقوق الخاصة" للصين في منطقة حوض جنوب بحر الصين وتوسيع رقعة النفوذ الصيني في جنوب شرق اسيا.
وفي الوقت نفسه ايضا تحرص روسيا على تطوير علاقاتها مع الدول الكبرى في اسيا مثل الهند واندونسيا وكوريا الجنوبية وتايوان وماليزيا وفيتنام من اجل ان لا تنفرد بكين بدور قيادي هناك.
وكان المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني انتخب في ال14 من الشهر الجاري شي جين بينغ رئيسا جديدا للبلاد خلفا لهو جين تاو.
وذكرت وكالة انباء (شينخوا) في حينه ان شي (59 عاما) انتخب ايضا رئيسا للجنة العسكرية المركزية وهو المنصب الحكومي الموازي لأعلى منصب عسكري في الحزب والدولة والذي يتولاه بالفعل.
وكان شي جين بينغ انتخب على رأس الحزب الشيوعي الصيني في نوفمبر الماضي وهو بالتالي يصبح تلقائيا رئيسا للجمهورية.
ولد شي في عام 1953 وهو ابن النائب السابق زهونغكسون شي احد ابطال الثورة الذين يطلق عليهم اسم "الامراء الحمر" في الصين ومن كبار المسؤولين في الحزب الشيوعي.
ودخل شي القوى العاملة في عام 1969 قبل أن ينضم الى عصبة الشبيبة الشيوعية في عام 1971 والحزب الشيوعي في عام 1974 واصبح نائبا للرئيس الصيني في عام 2008.
وتم تعيينه نائبا لرئيس اللجنة العسكرية المركزية للحزب في عام 2010 قبل أن يصبح امينا عاما للحزب في نوفمبر الماضي.
أرسل تعليقك