بيروت – جورج شاهين
ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أمس السبت في بازيليك سيدة لبنان - حريصا حلقة صلاة وصوم وتوبة، دعت اليها اذاعة "صوت المحبة" نزولا عند رغبة غبطته تلبية لنداء قداسة الحبر الاعظم البابا فرنسيس للصلاة ليلة عيد ميلاد السيدة العذراء من أجل إحلال السلام في لبنان والمنطقة والعالم، في حضور ممثل رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان الوزير السابق سليم كرم، السفير البابوي غابريال كاتشيا، وممثلين عن بطاركة وأساقفة. خدمت القداس جوقة سيدة لبنان حريصا بإدارة المرنمة السيدة ليال نعمة.
بداية ألقى الاب تابت كلمة أشار فيها الى "انه تجاوبا مع نداء قداسة البابا فرنسيس وتلبية لرغبة صاحب الغبطة ارادت اذاعة "صوت المحبة" ان تنظم هذا اللقاء التضامني للصلاة على نية احلال السلام في شرقنا الحبيب وفي العالم كله طالبين من الرب يسوع ان يزرع سلامه في القلوب المتخاصمة ، وامانة في البلدان التي تخضع لشتى انواع الحروب والانقسامات".
بعدها تلا السفير البابوي رسالة قداسة الحبر الاعظم البابا فرنسيس وهنا نصها: "أود في هذا اليوم، ايها الاخوة والاخوات الاعزاء، ان اجعل من نفسي لسان حال الصرخة التي ترتفع من جميع اقطار الارض، ومن كل شعوب ، ومن قلب كل شخص، ومن ذات العائلة الكبرى والتي هي البشرية ، بقلق متزايد: انها صرخة السلام! انها صرخة تقول بقوة: نريد عالما من السلام ، نريد ان نكون رجال ونساء سلام، نريد ان يكتشف مجتمعنا هذا، الذي شوهته الانقسامات والصراعات ، السلام، لا للحرب ابدا. لا للحرب ابدا. ان السلام هو عطية ثمينة ، يجب تعزيزها وحمايتها".
أضاف: "أعيش بألم بالغ وبقلق اوضاع الصراع الكثيرة الموجودة في ارضنا هذه ، ولكن قلبي في هذه الايام مجروح بعمق بسبب ما يحدث في سوريا ، ومهموم من التطورات المأساوية الماثلة امامنا".
وتوجه بنداء قوي من اجل السلام ، "نداء يولد من عمق اعماق نفسي. فكم من المعاناة ، وكم من الخراب، وكم من الالم انتجته وينتجه استخدام الاسلحة في ذاك البلد المنكوب، لا سيما بين المدنيين العزل. لنفكر : كم من الاطفال قد حرموا من التطلع نحو المستقبل. اني وبحزم شديد ادين استخدام الاسلحة الكيماوية. واقول لكم ان صور الايام المنصرمة البشعة ما زالت منطبعة في الذهن وفي القلب. هناك دينونة الله وهناك ايضا دينونة التاريخ وفق اعمالنا ، دينونة لا يمكن الفرار منها. فاللجوء اللعنف لن يقود مطلقا للسلام. فالحرب تجلب الحرب والعنف يجلب العنف".
وتابع: "اني اطلب، بكل قوتي، من اطراف الصراع ان يسمعوا صوت ضميرهم ، والا ينغلقوا داخل مصالحهم الخاصة، وان ينظروا للآخر كأخ ، وان يبادروا بشجاعة وبحزم في اتخاذ مسار اللقاء والتفاوض ، متجاوزين المعاندة العمياء، اناشد ايضا، وبذات القوة، الجماعة الدولية للقيام اليوم بكل جهد، وبدون مزيد من التأخر، لتحريك مبادرات واضحة للسلام في ذلك الوطن، مبادرات تقوم على الحوار وعلى التفاوض ، من اجل خير الشعب السوري اجمع".
أضاف: "لا يجب ادخار اي جهد في تقديم الدعم الانساني للمصابين من هذا الصراع المروع، وخاصة للنازحين من البلد وللمهجرين الكثر في البلدان المجاورة. وبالنسبة لعمال الاغاثة، الملتزمين بتخفيف معاناة السكان ، ينبغي ان تتوفر لهم امكانية تقديم العون اللازم. ما الذي يجب علينا القيام به من اجل السلام في العالم؟ كما كان يقول البابا يوحنا الثالث والعشورن: على الجميع تقع مهمة اعادة بناء علاقات التعايش المشترك في العدالة والمحبة (را. الرسالة العامة: السلام في الارض in Pacem terris، اعمال الكرسي الرسولي 55 1963 ، 301 -302)".
وتابع: "فلتوحد جميع الرجال والنساء من ذوي الارادة الصالحة سلسلة من الالتزام بالسلام. واتوجه بدعوة قوية وملجة الى الكنيسة الكاثوليكية جمعاء ، لكنها دعوة ابسطها ايضا نحو كل المسيحيين من طوائف اخرى، ولجميع الرجال والنساء من كل دين، وكذلك للاخوة والاخوات غير المؤمنين: ان السلام هو خير يتخطى اي حاجز ، لانه خير للبشرية بأسرها.اني اكرر وبصوت عال: ليست ثقافة الصراع ، ثقافة التصادم، هي التي ستشيد التعايش المشترك في الشعوب وبين الامم، وانما تلك: اي ثقافة اللقاء، ثقافة الحوار، انها هي الطريق الوحيد للسلام.لترتفع صرخة السلام عالية حتى تصل الى قلب الجميع، حتى يضع الجميع الاسلحة جانبا ويسمحوا للتوق للسلام بأن يقودهم".
وقال: "من اجل هذا، ايها الاخوة والاخوات، ازمعت على ان اقر للكنيسة جمعاء، يوم 7 ايلول المقبل ، عشية ذكرى ميلاد مريم، سلطانة السلام، كيوم مكرس للصوم والصلاة من اجل السلام في سوريا، وفي الشرق الاوسط، وفي العالم اجمع، وادعو ايضا للانضمام الى هذه المبادرة، وبالطريقة التي يرونها مناسبة، جميع الاخوة المسيحيين غير الكاثوليك، والتابعين للديانات الاخرى، وجميع الرجال من ذوي الارادة الصالحة".
وتابع : "يوم 7 ايلول - هنا - في ساحة القديس بطرس، من الساعة 19,00 الى الساعة 24,00 ، سنجتمع في صلاة وبروح توبة سائلين الله تلك العطية الكبرى من اجل الوطن السوري الحبيب، ومن اجل جميع اوضاع الصراع والعنف في العالم. ان البشرية في حاجة لان ترى اشارات سلام ولان تسمع كلمات رجاء وسلام. واطلب من جميع الكنائس الخاص، والتي بالاضافة لعيشها يوم الصوم هذا، ان تنظم بعض الاعمال الليتورجيا من اجل هذه النية.
وختم: "لنطلب من مريم العذراء ان تساعدنا في ان ترد على العنف، وعلى الصراع وعلى الحرب، بقوة الحوار، والمصالحة والمحبة. هي أم: ان تساعدنا على ايجاد السلام، فنحن جميعا ابنائها. ساعدينا ، يا مريم، كي نتجاوز هذا الوقت العصيب وان نلتزم بالعمل بجد، كل يوم وفي كل بيئة ، في تشييد ثقافة اصيلة للقاء وللسلام. يا مريم، سلطانة السلام، صلي لاجلنا، يا مريم ، سلطانة السلام، صلي لاجلنا".
وبعد الانجيل المقدس ، ألقى الراعي عظة قال فيها: "نلتقي الليلة لنصلي من اجل السلام في لبنان والعالم ، ولنحمل ليسوع المسيح رغبة العالم كله ، والتي عبر عنها قداسة البابا فرنسيس في دعوته لهذا النهار الذي امضيناه بالصلاة والصوم وتوبة لالتماس سلام المسيح للعالم، سلام المسيح للبنان ولبلدان الشرق الاوسط ، ولسوريا ويقول لنا الرب سلامي اترك لكم.
وتابع: "بخجل ومرارة أقول، سمعت، أصواتا تقول" تصلون لسوريا التي قتلتنا؟ هذا القول مرفوض، لا يمكننا القبول به، انه إنكار كامل لتعاليم المسيح وللمحبة، ولكل الانجيل، وإنكارا لكل المسيح، البابا فرنسيس عبر في الكلمات التي سمعناها عن قلبه المجروح بالعمق بعدما شاهد في التلفزيون ما شاهده عن الوحشية التي ترتكب في هذا العالم وبخاصة في بلاد الشرق الاوسط، وتعنى بمصر والعراق، وبسوريا، هذا قلب الاب المحب الذي قال "لقد جرحت بالعمق للبشاعات التي رأيت، وأطلب من كل أصحاب النوايا الصالحة ان يبنوا السلام. ثقافتنا المسيحية تعلمنا ان نحب اعداءنا، ليسوا لانهم يفعلون الشر، بل لكي يتوبوا عنه. نحن لا نصلي لكي ينتصر فريق وينكسر آخر، نحن نصلي كي يتوقف العنف، وتقف الحرب، ويحترم الانسان، كل انسان، لا أحد يملك السلطة على قتل اي كائن بشري، او الاعتداء على حياته، كلام الرب صرح في وصاياه "لا تقتل". وعندما قابين قتل أخوه هابيل قال له الرب قابين أين اخوك؟ دماء أخاك تصرخ لي، هذه ليست اسطورة ولا خبر من الماضي".
أضاف: "نعم وصمة عار على جبين الدول القادرة على إرسال أسلحة الى هذه البلدان وتعجز عن إرسال مساعدات إنسانية للذين تهجروا، هل هناك جرم أكبر من هذا الجرم، وصمة عار ان يموت الضمير الانساني لدى الاسرة الدولية ونحن في القرن الواحد والعشرين".
وختم :"يا رب ساعدنا في البر نعود لنعيش قوة وجمال كلامك لنا، "سلامي اتركوا لكم وسلامي اعطيكم". يا رب ضع السلام في قلب كل انسان وابني هذا السلام في الارض التي اطلقت منها انجيل سلامك، أرض الشرق الاوسط. لك المجد الى الابد.آمين".
ثم سار المؤمنون المشاركون في الصلاة حاملين الشموع المضاءة رافعين أدعيتهم الى سيدة لبنان لخلاص لبنان.
أرسل تعليقك