بدأت في العاصمة العراقية بغداد، صباح السبت، مؤتمر المُصالحة المُجتمعية والتماسُك الاجتماعي ،برعاية رئيس مجلس النواب سليم الجبوري وبحضور رئيس الوزراء حيدر العبادي ورئيس الجمهورية فؤاد معصوم ،فيما قاطعه ائتلاف الوطنية بزعامة اياد علاوي.
وقال رئيس الوزراء حيدر العبادي، أنه يطمح الى تشكيل كتلة نيابية كبيرة لدعم حكومته وتجاوز الازمات"، واصفًا في كلمته في المؤتمر ، الكتل السياسية بأنها "أقيمت على أساس اثني او مذهبي" معبرا عن طموحه، " لإيجاد كتلة كبيرة عابرة للطائفية والاثنية"، منتقدًا الأحزاب والكتل السياسية التي تدعو الى محاربة الفساد المالي والإداري في دوائر ومؤسسات الدولة وفي الوقت نفسه هي متمسكة بالمشاركة بالحكومة وتفرض وزرائها، داعياً تلك الأحزاب والكتل الى البدء بإصلاح نفسها والابتعاد عن لغة التهديد، وقال إنه "لا توجد كتلة سياسية بعيدة عن الفساد "،وشدد على "ابعاد الأجهزة الأمنية عن الخلافات السياسية ولا نسمح بتدخل البعض في عملها من اجل هذه الخلافات".
وشدد العبادي أيضا ،على ضرورة "محاربة الفساد لأنه يؤدي الى تقسيم المجتمع وبعض اهم أسباب انهيارات القوات الأمنية هو الفساد الذي سُمح له بالانتشار ولكننا حاربنا الفساد في أجزاء مهمة، داعيا الى "تفعيل قانون (من أين لك هذا) وعلينا تعميق مفهوم المحاسبة ولا يجوز لرؤساء الكتل ان يكونوا فوق المحاسبة وانما تشمل الجميع".
واتهم العبادي الأحزاب المتنفذة بان لديها " لجان اقتصادية لأحزاب متنفذة تأخذ حصصا مالية بكل المقاولات والتجاوز على المال العام وهذا المال ليس للأحزاب وهذا ما يؤدي الى فشل المشاريع التي تحال الى جهات غير كفؤة واليوم لدينا الاف من المشاريع التي لا حاجة لها وتورطنا بها وهناك مئات مشاريع ليس لدينا لها تخصيصات وليس لها أولوية أو أهمية ان تصرف عليها هذه الأموال الهائلة وهذا بسبب المتنفذين في الدولة وهم بعضهم ليسوا موظفين".
وأوضح العبادي "هناك متنفذين بأحزاب وكتل ويجب ان نوسع دائرة المسؤولية والمحاسبة عليهم وأنا لا أريد توجيه الاتهام لأحد ولكن يجب التعامل بسواسية مع الجميع بهذا الجانب، فللأسف اليوم الشخص او المسؤول الذي ليس له دعم يُطبق عليه القانون ومن له سند لا يطبق عليه"، ولفت الى "اننا نحاول جاهدين لإعادة النازحين الى ديارهم "مستدركا "ولكن علينا أولا ان نضع أسس التعايش بين المكونات والاثنيات والمذاهب وفيما بين الكتل السياسية التي تلعب دورا مهما في تحفيز المجتمع بهذا التعايش".
وقال "ان الأجهزة الأمنية لحماية الشعب وليس الأحزاب وهذا لان نسمح به ويجوز على الجميع ان لا يسمحوا بذلك وهذا هو الامن المجتمعي"، ورفض العبادي مؤتمرات المصالحة خارج العراق، مشيرا الى انه "توجد معارضة ممنوعة داخل العراق ولا توجد ملاحقة سياسية فيه وانما القانون يلاحق ويطال من ارتكب جرائم واعمال إرهابية وجنائية".
ولفت العبادي ان "المنطقة لا يمكن ان تتطور وتعيش بأمان الا بتعاون أنظمتها وشعوبها والبعض يستغرب بإقامة العراق علاقة مع كل دول الجوار لان لدينا رؤية مع شعوب المنطقة وتعزيز الترابط لمنع الهزات التي تحصل للشعوب".
من جانبه ،دعا رئيس الجمهورية فؤاد معصوم الى ألاّ يقتصر الإصلاح على المؤسسة التنفيذية فقط بل يشمل الأداء السياسي والتشريعي والأمني في البلاد، وقال ممثل رئيس الجمهورية قحطان الجبوري في كلمة القاها نيابية عن فؤاد معصوم خلال المؤتمر ، إن "النجاح في تحقيق المصالحة الوطنية والمجتمعية بات حاجة ماسة لدحر الإرهاب والتطرف ولضمان منع عودة خطرها".
وأضاف ان "فكرتنا عن الإصلاح يجب ان تكون شاملة ولا يمكن التقدم في اصلاح المؤسسات الحكومية من دون تقويم الأداء السياسي والتشريعي والأمني ولا يمكن ذلك الا من خلال بناء المؤسسات والقضاء على بؤر الفساد".
واقترح رئيس مجلس النواب سليم الجبوري يوم السبت خارطة طريق لتحقيق المصالحة المجتمعية في البلاد مكونة من عدة نقاط ويتمّ تنفيذها خلال العام الحالي.
وقال الجبوري في المؤتمر المصالحة المجتمعية ، انه "نؤكد من جديد ان كل جهد ينوي خدمة العراق محل تقدير وترحيب شريطة ان يكون ذلك بالتنسيق مع العراق وضمن احترام السيادة"، وأضاف انه "من اهم أولوياتنا ان تتصدر قائمة الاهتمام بالمصالحة والتحرير والاعمار من خلال مشروع تصالحي شامل"، ودعا الى "انجاز خارطة طريق واقعية تتجاوز الشعارات وتكون لصيقة بالواقع ونابعة منه وتكون مراحله بالتدريج على ان يحقق المؤجل منها والتعهد بتطبيقه حتى لا نكرر ما كنّا نتحدث عنه في اتفاق أربيل او وثيقة مكة، او حتى وثيقة الاتفاق السياسي التي لم تدخل جميعها حيّز التنفيذ"، ودعا الجبوري، الى الإعلان رسميا في العراق عن عام ٢٠١٦ عاما للتعايش المجتمعي وتسخير كافة الإمكانيات المتاحة لإنجاحه في وقته قبل نهاية العام وبمساعدة الأمم المتحدة والمجتمع الدولي.
وفي سياق متصل ،قاطع ائتلاف الوطنية الذي يتزعمه اياد علاوي، مؤتمر المصالحة المجتمعية ،وحكم عليه بـ"الفشل"، وقال رئيس كتلة الوطنية النيابية كاظم الشمري، في بيان ورد لـ"العرب اليوم" نسخة منه إن "المصالحة الوطنية دعا لها مرارا وتكرارا زعيمه اياد علاوي من خلال دراسة تفصيلية تم تقديمها بكتاب رسمي من قبله للرئاسات الثلاث، وكانت النتيجة التسويف والمماطلة تحت أعذار شتى حتى وصلنا الى ما نحن عليه اليوم من دمار للبنى التحتية وتشريد للعوائل في عدة محافظات".
وأضاف ان "المصالحة الحقيقية لا تتحقق في كلمات يلقيها الزعماء السياسيين على منابر تعقبها تصفيقات الحاضرين ثم تتلاشى بنهاية المؤتمر، بل هي قوانين نافذة وقرارات يشرعها الزعماء المعنيين في السلطتين التنفيذية والتشريعية "، ولفت الشمري الى ان "العراق هو للعراقيين وليس لحزب او شخص او مكون والجميع معني بوصوله الى بر الأمان والخروج من المحن المتعاقبة ".
واكد الشمري اننا "ومن هذه المنطلق ولشعورنا بان هكذا مؤتمرات لن تتعدى أبواب المكان الذي ستعقد فيه دون اي نتائج فعلية على ارض الواقع، فقد قررنا عدم المشاركة فيه كي لانحسب على فشل جديد يضاف الى عديد الإخفاقات وخيبات الامل التي رافقت العملية السياسية طيلة الفترة الماضية".
أرسل تعليقك