القاهرة - وكالات
يلتف عدد من العمال حول شاشة تلفزيون صغيرة لمتابعة مسلسل رمضاني داخل نفق توقف مؤخرا عن التهريب اثر الحملة الامنية التي يشنها الجيش المصري ضد الانفاق الحدودية المنتشرة على طول حدود قطاع غزة مع مصر.
ويقول محمود (20 عاما) لفرانس برس "الانفاق متوقفة عن العمل منذ اكثر من شهر، نحن هنا للحراسة فقط" ويتابع "منذ ثورة مصر الاخيرة وعزل مرسي والجيش المصري لا يتركنا في حالنا، دمروا عشرات الانفاق واغرقوا جزءا آخر منها بالمياه".
ويشير الشاب وهو أحد عمال الانفاق الى عدد من الفرش الاسفنجية والاغطية البالية ويقول "ننام هنا بعد ان نتناول طعام السحور فجرا، اتلقى أجرا بسيطا للحراسة، صاحب النفق لم يعد قادرا على دفع اجرتي بعد ان توقف (عمل) النفق".
لكن ابو عون (38 عاما) وهو صاحب نفق مجاور لتهريب حصى البناء كان أوفر حظا فقد تمكن عماله ليلا من تهريب كمية قليلة الى غزة. ويقول الرجل وهو يراقب عمالا يضعون اكياس الحصمة (الحصى) على شاحنة كبيرة "الوضع صعب، كنا نحضر 600 طن يوميا الى غزة قبل ثورة 30 حزيران (في مصر والتي ادت الى عزل الرئيس الاسلامي محمد مرسي)، لكن التهريب اليوم ينطوي على خطورة ان يتم كشف عين (بوابة) النفق من قبل الجيش المصري".
ويتابع "احيانا ننجح بإدخال بضاعة واحيانا نفشل وتتم مصادرتها، لقد زاد الجيش كمائن التفتيش بشكل كبير لذلك نعمل يومين او ثلاثة ايام فقط في الاسبوع في الليل وبحذر شديد" بعدما كانت اعمال التهريب تتم ليل نهار.
ويشكو عامر حسان وهو تاجر من "مصادرة الجيش المصري للبضائع" ويتابع "اغلقوا اغلب الانفاق، لم يعد يعمل اكثر من عشرة في المئة من الانفاق".
وتشير احصاءات غير رسمية الى ان نحو مئتين وخمسين نفقا كانت تنشط قبل الاحداث الاخيرة في مصر. ويقول حسان أمام نفقه "الاوضاع تدهورت بعد عزل مرسي، بالكاد نستطيع ان نحضر بضاعة مرتين في الاسبوع لكن في كثير من الاحيان لا نستطيع ان ندخلها او تتم مصادرتها".
ويشرح "الوضع الامني ادى الى ارتفاع حاد في اسعار البضائع لانها معرضة للمصادرة بشكل كبير من الجيش ونريد ان نعوض خسارتنا في البضائع التي تتم مصادرتها، فمثلا قبل 30 حزيران كنا نبيع شوال العدس بخمسين شيقل (13,5 دولار اميركي) ، الآن اصبح بـ80 شيقلا وهذا عبء مادي علينا وعلى المواطن الغزاوي".
وباستثناء عدد محدود من الشاحنات تبدو منطقة الانفاق خالية من اي نشاط كالمعتاد، والى جانب احد الانفاق خزانات وقود فارغة وشاحنتان متوقفتان.
ويقول ابو كريم (25 عاما) وهو يشير الى الجانب المصري من الحدود "فجروا لنا نفقا لنقل البنزين والسولار، لماذا سمحوا لنا بنقلها الى غزة في السابق اذا كانوا يريدون منعنا اليوم؟".
ويتابع الشاب ذو اللحية الخفيفة "الحصار ما زال مستمرا على غزة، ما الداعي الان لتدمير الانفاق، كيف سنعيش في غزة؟". ويقاطعه آخر "انا اول من يتمنى تدمير الانفاق لكي نتخلص من هذا العمل المتعب والمقرف، ولكن وفروا لنا فرص عمل اخرى واحتياجات الحياة في غزة".
ويقول ايهاب الغصين المتحدث باسم حكومة حماس المقالة لفرانس برس "الانفاق حالة اضطرارية لا نرغب فيها ولا نريدها ولكنها جاءت بديلا في ظل الحصار المتواصل على قطاع غزة واغلاق المعابر مع الاحتلال، المعبر الوحيد الذي يعمل هو معبر كرم ابو سالم ولا يلبي اقل من 20 في المئة من احتياجات القطاع".
ويضيف الغصين "لا يمكن ان نعتمد على من يحتلنا ويحاصرنا ويريد قتلنا والقاءنا في البحر، فالبديل ان يكون هناك معبر تجاري بين مصر وقطاع غزة او حل للتبادل التجاري بين مصر وغزة"، لافتا الى انه "اذا وجد البديل فسنقوم نحن باغلاق الانفاق وتدميرها".
وتصاعدت الهجمات التي تستهدف قوات الامن والجيش المصريين بشكل شبه يومي في سيناء منذ الاطاحة بالرئيس الاسلامي محمد مرسي في 3 تموز. ودفع ذلك الجيش المصري الى تعزيز انتشاره في هذه المنطقة والتحضير لعملية واسعة النطاق.
وكانت دفعة اولى من التعزيزات العسكرية وصلت الثلاثاء الى مدينة العريش بعد موافقة اسرائيل على نشر قوات عسكرية اضافية "لمحاربة الارهاب". ويمكن مشاهدة جنود مصريين يعتلون سقوف العمارات السكنية وابراج المراقبة التي عليها العلم المصري في الجانب الاخر من الحدود.
وأدى اغلاق الانفاق الى ازمة حادة في الوقود في قطاع غزة وارتفاع ثمن ما توافر بكميات شحيحة في السوق السوداء. ويعتمد القطاع المحاصر منذ منتصف 2006 على مئات الانفاق المنتشرة على الحدود مع مصر في تهريب البضائع والمواد الغذائية والوقود.
وتبدي حماس التي تسيطر على قطاع غزة استياء من الحملة المصرية على الاتفاق. وتساءل موسى ابو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسي لحماس على صفحته على فيسبوك الجمعة "ما علاقة انتهاء أزمة الوقود بمصر، بعمليات هدم واغلاق الأنفاق؟ ثم إن ما يدخل قطاع غزة من وقود عبر الأنفاق لا يسبب أزمة في شارع من شوارع مصر العزيزة".
أرسل تعليقك