بيروت – وكالات
دخلت العلاقات التركية – اللبنانية مرحلة تأزم جديدة أمس على خلفية قضية الحجاج اللبنانيين التسعة المخطوفين من قبل الثوار السوريين في مدينة إعزاز السورية قرب مدينة حلب، والتي كانت أنقرة تتولى الوساطة لإطلاقهم، مع قيام مجموعة أطلقت على نفسها اسم «زوار الإمام الرضا» بخطف قبطان طائرة تابعة للخطوط الجوية التركية ومساعده، فجر أمس بعيد خروجهما من مطار رفيق الحريري الدولي في اتجاه الفندق، ما استنفر كبار المسؤولين اللبنانيين للبحث عن المخطوفين ولاستنكار الحادث، فيما أبدى أهالي المخطوفين اللبنانيين في إعزاز فرحتهم بالعملية، وأكدوا أن لا علاقة لهم بها، ملوحين بخطوات تصعيدية ضد المصالح التركية، بينما دعت الخارجية التركية رعاياها الى مغادرة لبنان وتجنب السفر اليه، قال الناطق الرسمي بإسم «يونيفيل» أندريا تيننتي، في رد لمندوب الوكالة الوطنية للإعلام على سؤال حول إمكانية إنسحاب الكتيبة التركية من الجنوب «أن يونيفيل تبلغت في السادس من آب (اغسطس) الجاري من إدارة عمليات حفظ السلام في الأمم المتحدة أن أنقرة قررت سحب سرية الهندسة والبناء التركية (الكتيبة التركية) العاملة في إطار يونيفيل بحلول الأسبوع الأول من أيلول (سبتمبر) 2013. إلا أن تركيا ستحافظ على وجودها في قوة اليونيفيل البحرية حيث أنها تساهم حاليا بقارب دورية سريع واحد و58 جندي حفظ سلام».
وجرى اتصال بين رئيس الجمهورية ميشال سليمان بالرئيس التركي عبدالله غل تناولا خلاله «موضوع المخطوفين الأتراك واللبنانيين وغيابهم عن ذويهم لمناسبة العيد».
وعبّر سليمان خلال الاتصال عن «رفض الخطف الذي حصل أمس وأن هناك مساعي جدية ومتواصلة لمعرفة مكان المخطوفين والتأكد من سلامتهم والعمل على تحريرهم».
وإذ تم تبادل التهاني بعيد الفطر أشار الرئيس غل من جهته الى «الجهود التي قامت وتقوم بها تركيا لإطلاق مخطوفي إعزاز لافتاً الى انهم يتابعون هذه الجهود متمنياً أن يتم اطلاقهم وعودتهم الى عائلاتهم وأهلهم في أقرب وقت».
وأجرى الرئيس سليمان وفور تبلغه عملية الخطف سلسلة اتصالات بالمسؤولين الأمنيين والقضائيين للمتابعة والتأكيد على القوى الأمنية اتخاذ التدابير لتأمين سلامة طريق المطار وفقاً لقرار مجلس الوزراء في هذا الصدد.
وإذ طرحت العملية مجدداً مسألة أمن طريق المطار، واعتبر وزير السياحة فادي عبود أنها ستعرض لبنان لأخطار اقتصادية إضافية وربطت الجهة الخاطفة الإفراج عن القبطان ومساعده بإخلاء سبيل الزوار التسعة، فإن رئيسي المجلس النيابي نبيه بري وحكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي تلقيا اتصالاً من وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو واستنكرا الحادث وأكدا أن «اي جهد لن يوفر للإفراج عن الطيارين».
وفيما رأى ميقاتي أن معالجة قضية انسانية محقة لا يمكن أن «تتم على حساب النيل من هيبة الدولة وسلطة القانون»، فإن الرئيس المكلف تأليف الحكومة تمام سلام قال: «سبق أن استنكرنا خطف الزوار اللبنانيين في سورية وطالبنا باستمرار الجهود المكثفة لإطلاقهم بالتعاون مع السلطات التركية إلا أن حادثة الخطف اليوم (أمس) لا يمكن السكوت عنها لما فيها من اساءة الى صورة لبنان وسمعته وما يتهدد زواره».
وفي تفاصيل الحادث أنه فيما كان طاقم طائرة تابعة للخطوط التركية (الرحلة 828) حطت في مطار بيروت فجر أمس ينتقل في سيارة فان تابعة لفندق «راديسون» في العاصمة، اعترضه عدد من المسلحين كانوا يستقلون سيارتين، على جسر «الكوكودي» القريب من المطار ومن ضاحية بيروت الجنوبية، وأنزل منه قائد الطائرة ومساعده، وتركوا سائر الطاقم المؤلف من 7 مضيفات ومضيفين، وفروا بالمخطُوفَيْن الى جهة مجهولة. وكانت الساعة تناهز الثالثة فجراً.
وقال وزير الداخلية مروان شربل أن 4 مسلحين نفذوا العملية وأن التحقيق حصل مع سائق الباص الذي كان يرافقه ابنه.
وأفادت المعلومات الأمنية بأن التحقيقات جرت أمس مع عدد من موظفي المطار وربما شملت بعض من هم في برج المراقبة أو قاعة الوصول، بهدف التأكد من وجود تنسيق بين الخاطفين وبين بعض الموظفين، أو عدمه ولتحديد هوية الجهة الخاطفة... ونفذ الجيش اللبناني فور حصول الخطف انتشاراً على طريق المطار.
وعلمت «الحياة» أن عدد المسلحين الذين نزلوا من السيارتين هم أربعة بينما بقي فيهما عدد آخر لم يحدد، هذا فضلاً عن أن أشخاصاً أوقفوا السيارات المتوجهة عبر جسر الكوكودي، أثناء عملية الخطف وأبلغوا سائقيها بأن عليهم تغيير طريقهم «لأن حادث سير وقع على الجسر». وقال السفير التركي في بيروت اينان اوزيلديز الذي قطع اجازته وعاد الى لبنان لـ «فرانس برس»: «لا أعرف لماذا حصل ذلك في وقت تستمر المفاوضات لإطلاق سراح مخطوفي إعزاز».
وكانت محطة «الجديد» اللبنانية بثت بيان مجموعة «زوار الإمام الرضا» التي تبنت خطف الطيار التركي ومساعده والذي أعلن أنهما «ضيوف لدينا لحين اطلاق سراح أخوتنا زوار الأماكن المقدسة المخطوفين في إعزاز والذين تتحمل تركيا المسؤولية المباشرة عن حريتهم». وأضاف البيان: «أمان ربي أمان... بيرجع زوار بيطلع قبطان». وكان بيان الخارجية التركية الذي دعا الرعايا الى مغادرة لبنان وتجنب السفر اليه إلا للضرورة، أكد أن أنقرة. تنتظر من الحكومة اللبنانية اتخاذ كل الإجراءات لضمان أمن المواطنين المقيمين في لبنان. واتخذت الكتيبة التركيبة العاملة في إطار قوات يونيفيل في جنوب لبنان احتياجات أمنية شديدة وألغت تحركاتها المؤللة تحسباً.
وقامت طائرة تابعة للخطوط الجوية التركية حطت ظهراً في مطار رفيق الحريري حملت 154 راكباً وطاقماً اضافياً تولى قيادة الطائرة التي كانت حطت فجراً وخطف طياراها، التي عادت وغادرت، وعلى متنها طاقمها من المضيفات والمضيفين. كما حطت طائرة ثالثة ليلاً في المطار قادمة من اسطنبول حاملة ركاباً.
وكان المتحدث باسم أهالي المخطوفين اللبنانيين في إعزاز نجل أحد المحتجزين هناك، دانيال شعيب شكر المجموعة التي خطفت الطيارين ونتمنى عليها المحافظة عليهما ومعاملتهما معاملة حسنة، فيما قال الشيخ عباس زغيب المكلف بمتابعة ملف مخطوفي إعزاز أن لا علاقة للأهالي بخطف الطيارين لكنه اتهم الأتراك بالتلاعب بعواطف اللبنانيين متمنياً أن ينهي خطف الطيارين ملف مخطوفي إعزاز، ومساء ذكرت محطة «الميادين» ان المخطوفين التركيين بخير وقد نقلا الى «خارج بيروت».
وكان الوزير شربل والمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم خاضا بحضور مندوب عن دولة قطر في الأشهر الثلاثة الماضية مفاوضات عبر الداخلية التركية وجهاز المخابرات فيها مفاوضات أفضت من خلال وساطة أنقرة مع خاطفي اللبنانيين التسعة في إعزاز عن اتفاق على توسط لبنان لدى المسؤولين السوريين من أجل الإفراج عن 130 امرأة سجينة لدى النظام السوري وزار اللواء ابراهيم دمشق لهذه الغاية مرات عدة الى أن أفرج الجانب السوري عن 30 سورية سجينة في 19-7-2013، على أن يفرج خاطفو اللبنانيين التسعة عن اثنين أو ثلاثة منهم مقابل ذلك، إلا أنه لم يفرج عن أي منهم وبعثَ خاطفو إعزاز برسالة الى الداخلية اللبنانية بالاستعداد للإفراج عن اثنين مقابل شروط جديدة، لكن الجانب اللبناني رد بأنه يتفاوض مع الجانب التركي.
أرسل تعليقك