بيروت ـ جورج شاهين
رأى رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي"، وليد جنبلاط، أن من حق المواطن اللبناني القلق على مستقبله ومستقبل أولاده، وأن يتساءل عمّا بعد هذين التفجيرين الإرهابيين اللذين ضربا طرابلس بعد الرويس في الضاحية الجنوبية. ومن حقه أن يتساءل ما إذا كانت القوى السياسيّة اللبنانية، في فريقي النزاع، ستواصل النهج ذاته من التصعيد السياسي والإعلامي الذي يؤدّي في نهاية المطاف إلى المزيد من التوتير والتشنج ويجعل الأرضيّة خصبة جداً لتنفيذ أعمال إرهابيّة كالتي شهدناها وقد نشهدها مجدداً.
جاء ذلك في حوار أدلاه جنبلاط لجريدة “الأنباء” الالكترونية، قال فيه "ها هو الإرهاب يضرب مجدداً في لبنان. فبعد تفجير الرويس في الضاحية الجنوبيّة، ضرب الإرهاب مدينة طرابلس التي لم تطوِ بعد صفحة المناوشات والاشتباكات الموسميّة التي تعيشها بين محاورها المتقابلة، فإذا بها تقع ضحية تفجيرات إرهابيّة طالت المدنيين الأبرياء الذين لا ذنب لهم في ما حصل مخلفة خلفها مآسي جديدة للمدينة وأبنائها".
وتابع "فتفجيرا الضاحية الجنوبيّة وطرابلس قدّما دليلاً جديداً على أن الإرهاب لا يُميّز بين منطقة وأخرى، بين مذهب وآخر، أو بين طائفة وأخرى. وإذا كان بعض الفرقاء السياسيين في لبنان يعتبرون أن قوتهم ونفوذهم على الأرض كفيلة بتحصينهم ضد هذه الأعمال الإرهابية، فإنهم مخطئون بتلك الحسابات لاسيّما أن هذا الإرهاب المدروس والمبرمج هدفه الأساسي التذكير بأن اللاعبين اللبنانيين ليسوا سوى جزءاً من لعبة أكبر تديرها أطراف إقليميّة وربما دوليّة".
وأضاف "ومع احتمال أن يضرب الإرهاب في أمكنة أخرى، من حق المواطن اللبناني القلق على مستقبله ومستقبل أولاده، أن يتساءل عمّا بعد هذين التفجيرين الإرهابيين. ومن حقه أن يتساءل ما إذا كانت القوى السياسيّة اللبنانية، في فريقي النزاع، ستواصل النهج ذاته من التصعيد السياسي والإعلامي الذي يؤدّي في نهاية المطاف إلى المزيد من التوتير والتشنج ويجعل الأرضيّة خصبة جداً لتنفيذ أعمال إرهابيّة كالتي شهدناها وقد نشهدها مجدداً".
وتساءل "إذا كان هذا المستوى من التدهور الأمني، والفراغ المؤسساتي، والترهل الإداري، والتراجع الاقتصادي، والحصار السياحي، والتخبط الاجتماعي، والانحدار الشامل على مختلف المستويات الأخرى ليس كفيلاً بدفع الفرقاء السياسيين للتحاور والخروج من حالة القطيعة غير المسبوقة حتى في أحلك سنين الحرب، فما هو الذي سيدفعهم لذلك؟".
وعقب "إن المسؤوليّة السياسيّة والأخلاقية والإنسانية تقتضي من كل أطراف النزاع اللبناني، ولو كان لها امتداداتها الإقليمية والخارجيّة، أن ترتقي في مستوى خطابها السياسي والإعلامي إلى مستوى التحديات التي تفرضها هذه اللحظة السياسية الشديدة الاضطراب، وأن تخرج من المسميات والتوصيفات التي لا تجدي نفعاً وتفاقم الخلاف الذي ينطوي في جانبٍ منه على اعتبارات مذهبيّة، للأسف، ومنها مثلاً المشاريع الصفويّة ومقابلها المشاريع التكفيريّة".
وأضاف "أن كل هذا السجال العقيم لا يفيد، لا بل إنه يعجل في دفع البلاد نحو المجهول ويجعلها تدفع مرة أخرى أثمان صراعات ونزاعات أكبر منها ولا طائل لها فيها، وكأن كل دروس الحرب ذهبت هباءً ودون جدوى. لذلك، من الضروري التصدّي لنظريّات الأمن الذاتي التي تجعل مهمة الأجهزة الأمنيّة أكثر صعوبة وتعقيداً في وقتٍ هي أحوج ما تكون لأن نلتف جميعاً حولها بمعزل عن خلافاتنا السياسيّة، وبصرف النظر عن مواقفنا المتباينة من الملفات المحليّة أو الإقليمية المشتعلة، وفي مقدمها الأزمة السوريّة".
وأشار "أن الإقرار الجماعي بحتميّة وحصريّة الركون إلى الدولة وأجهزتها الأمنيّة والجيش اللبناني دون سواها في هذه المرحلة المضطربة أمنيّاً، لا يسهّل عمل هذه المرجعيّات الأمنيّة فحسب، بل يحول دون الانزلاق إلى الهاوية من خلال إعادة الاعتبار لجزر أمنيّة هنا وهناك ستتحوّل تباعاً إلى محميّاتٍ محصنّة ترسم خطوط انقسام جديدةٍ بين اللبنانيين".
ونوه "أن الشعب اللبناني لا يُبالي بموقف هذا الفريق أو ذاك، وبحصة هذا الحزب أو ذاك في الحكومة، أو بهوية الحكومة وشكلها. إنه يأبه بالدرجة الأولى للأمن والسلم الأهلي، وهو يبحث عن الطمأنينة والاستقرار، إنه يريد فرصة العمل ولقمة العيش، بدل الخطابات الناريّة التي تضاعف المشاكل الاقتصاديّة والاجتماعيّة وتهرّب التوظيفات الخارجيّة التي تحد من البطالة وتحرّك العجلة الاقتصاديّة".
أرسل تعليقك