قال خبير في شؤون الجماعات الإسلامية المسلحة إن تنظيم داعش يبيح لنفسه كل أشكال الاتجار غير المشروع أو التعامل مع الأعداء لتمويل عملياتها الإرهابية، مشيراً إلى أنها تستحل زراعة تجارة المخدرات والإتجار في البشر والحصول على أموال من أميركا وإسرائيل، تحت دعوى “الضرورات تبيح المحظورات”، وأنها تبيح لنفسها السطو على أموال غير المسلمين أو المسلمين المختلفين معهم بدعوى أنهم كفار.
فيما قالت دار الافتاء المصرية في تقرير جديد لمرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع لها، أن السطو على أعضاء الإنسان الحي أو الميت من الأمور المخالفة لنصوص الشريعة الإسلامية ومقاصدها بإجماع العلماء قديمًا وحديثًا، وقد أرسى رسول الله مبدأ حرمة الاعتداء على الأجساد والأموال والأعراض بقوله: “إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام”.
وأوضح المرصد أن سرقة الأعضاء البشرية والاتجار فيها حرام شرعا وتدخل في باب الجناية على ما دون النفس، وعقوبته في هذه الحالة هي القصاص؛ استناداً لقول الله تعالى: “وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص” [المائدة:46]، لتكون رادعًا لتلك التنظيمات والجماعات التكفيرية التي تشرع من الدين ما يحقق لها أهدافها ويتسق مع توجهها.
وبيَّن المرصد أن الشريعة الإسلام مبناها وأساسها على مصالح العباد في المعاش والمعاد؛ فلقد جاءت لتحفظ على الناس أنفسهم، وعقولهم، ودينهم، وأعراضهم، وأموالهم، فهذه الأمور الخمسة هي مقاصد الشرع الكليَّة، أو الضروريات المراعاة في كل ملة.
ومن جانبه، قال الشيخ نبيل نعيم، الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية، إن التنظيمات الإرهابية تستخدم جميع أنواع التجارة أو الممارسات غير الشرعية في تمويل أعمال العنف.
وأوضح أن التنظيمات الإرهابية في أفغانستان تعتمد في تمويلها على زراعة وتجارة المخدرات، مشيراً إلى أن التنظيمات في سيناء تمارس أيضاً زراعة وتجارة المخدرات، بل وتحترف الإتجار في تهريب البشر إلى إسرائيل، لاسيما أصحاب الجنسيات الأفريقية من اليهود، أو النساء الأوروبيات الراغبات في الإلتحاق بسوق الدعارة في إسرائيل.
ولفت إلى أن تنظيم داعش لم يأت بجديد في تمويل عملياته من خلال الأعمال التجارية غير المشروعة، منوهاً بأن التنظيم يحصل على تمويلات من أميركا وإسرائيل، ويصدر إليهما النفط المسروق من الحقول في سوريا والعراق، ويمارس التجارة في النساء والأعضاء البشرية. وأضاف أن التنظيمات الإرهابية تبيح لنفسها السطو على ممتلكات غير المسلمين سواء من المسيحيين أو اليهود أو الإيزيديين أو حتى المسلمين المختلفين معهم في الفكر، بدعوى أنهم كفار، ويعتبرون أن أموال وممتلكات ونساء غيرهم حلال لهم، ويعملون وفقاً لقاعدة فقهية تقول أن “الضرورات تيبح المحظورات”.
وأكد المرصد أن حفظ النَّفس من أهم هذه المقاصد بل هو أوَّلها؛ فقد نـهى الشرع الإنسان عن إلحاق الضرر بنفسه بأي شكل من الأشكال، وأمره باتخاذ كل الوسائل التي تحافظ على ذاته وحياته وصحته، وتمنع عنها الأذى والضرر، فأمره بالبُعد عن المحرَّمات والمفسدات والمهلكات، وأرشده للتداوي عند المرض باتخاذ كل سبل العلاج والشفاء.
ولفت المرصد إلى أن التنظيمات التكفيرية تسعى لجلب التمويل اللازم للعمليات الإرهابية بشتى الطرق غير المشروعة، ثم تبحث في شواذ الأقوال وغريبها مما كتب قديما لتشرعن لتلك الممارسات وتؤصل لها دينيًا، مستغلة جهل البعض وعدم درايتهم بعلوم الشريعة ومقاصدها.
وأشار المرصد إلى أن تنظيم “داعش” يعد أحد التنظيمات الكبرى في مجال الاتجار بالبشر، “مافيا”، حيث قام التنظيم بعمل أسواق للنخاسة يتم فيها بيع البشر والاتجار بهم، إلا أنه يتميز عن باقي تنظيمات الاتجار بالبشر في أنه يسعى إلى إيجاد إطار شرعي وديني يبيح له ارتكاب تلك الجرائم ، ولا يتورع عن لي عنق النصوص وتأويلها والبحث عن شواذ الأقوال والفتاوى لإضفاء الشرعية الدينية على ممارساته الإجرامية في حق الإنسانية.
وأكد المرصد أن قيام “داعش” بسرقة الأعضاء البشرية والاتجار بها إنما هو حلقة في مسلسل البحث عن تمويل الإرهاب ودعم الإرهابيين، والذي يستهدف ضرب استقرار الدول وأمنها والسيطرة على أراضيها ونهب ثرواتها وخيراتها وصولا إلى استعباد مواطنيها والاتجار في أعضائهم لتستمر الدائرة التي تكفل لتلك التنظيمات الاستمرار والنمو والنجاح في تجنيد المزيد من الأفراد.
ودعا المرصد إلى مواجهة هذه الجرائم المتزايدة من قبل هذا التنظيم، والعمل على نزع الإطار الديني عنها وفضح تلك الممارسات أمام العالم أجمع لتتضح الصورة كاملة أمام الناس، ويميز الله الخبيث من الطيب، ويفقد هذا التنظيم السند الشرعي الذي يحاول بشتى الطرق الارتكاز عليه
أرسل تعليقك