بيروت – جورج شاهين
يجري وفد تيار "المستقبل"، الإثنين، محادثات مع الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري، والتي تعتبر مهمة للغاية، بحيث ستأتي بالقرارات النهائية بشأن العديد من الملفات الحكومية والسياسية والأمنية. ويضم الوفد القيادة العليا للتيار من رئيس كتلته النيابية الرئيس فؤاد السنيورة وعدد من نواب بيروت ومستشاري الحريري ومدير مكتبه نادر الحريري والأمين العام للحزب أحمد الحريري في جدة.
وصرحت مصادر وزارية واسعة الإطلاع لـ "العرب اليوم" بأن "التكهنات لا تجدي نفعًا في انتظار عودة الوفد من جدة، ذلك أن هناك خيارات نهائية لا بد منها من ملف تشكيل الحكومة الجديدة، بعدما طغت على سطح الأحداث معلومات قديمة/ جديدة، تؤكد أنه ليس بإمكان الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة تمام سلام إتمام المهمة، بعدما أغرق بالشروط والشروط المضادة بالإضافة إلى الالتزامات التي قطعها قبل تكليفه في نيسان/ أبريل الماضي، في لقاءاته السعودية، وخصوصًا بما يتصل بمنع تكليف وجه بارز من "حزب الله" بوزارة، والتمسك بمنع إعطاء 8 آذار الثلث المعطل في الحكومة".
وكان وفد تيار "المستقبل" توجه إلى جدة في المملكة العربية السعودية، وضم الرئيس فؤاد السنيورة والنائبين أحمد فتفت ونهاد المشنوق، على متن طائرة خاصة للقاء الرئيس سعد الحريري والبحث في التطورات والمستجدات على الساحة اللبنانية. بعدما سبقهم إلى هناك أعضاء من الحزب من بينهم أمينه العام أحمد الحريري وعدد من النواب السابقين والمستشارين والسيد نادر الحريري سبقوا الوفد السبت الماضي.
وفي هذه الأجواء، قالت مصادر "التيار" لـ "العرب اليوم": إنها ليست المرة الأولى التي تتوجه فيها القيادة الحزبية إلى المملكة للقاء رئيس الحزب ومناقشة التطورات السياسية والحزبية في المفاصل الهامة والمناسبات الخاصة. وأضافت أنه "من الطبيعي جدًا أن تتخذ الزيارة هذه المرة طابعًا أهم بالنظر إلى الأولويات المطروحة على بساط البحث اليوم، وخصوصًا ما يتصل بالوضع الحكومي بشكل خاص والسياسي بشكل عام، وخصوصًا في ضوء التطورات التي فرضتها دعوة رئيس الجمهورية إلى طاولة الحوار وما آلت إليه مهمة تكليف الرئيس تمام سلام بتشكيل الحكومة الجديدة والشروط التي كبلت خطواته".
لكن مصادر وزارية قالت إن: الزيارة استثنائية وليست عادية على الإطلاق. ورصدت معلومات تتصل بقرار ما يستعد تيار "المستقبل" لإتخاذه من كل التطورات، وخصوصًا دعوة السيد نصر الله إلى الحوار المفتوح بعد دعوة رئيس الجمهورية. بالإضافة إلى الوضع في المؤسسىة العسكرية وملف التمديد لقائد الجيش ورئيس الأركان في ظل ضيق الوقت الفاصل عن الموعد المحدد مبدئيًا قبل عيد الجيش في 1 آب/ أغسطس المقبل، لإقفال النقاش بشأن هذا الموضوع والتقرير في الآلية التي ستعتمد بما يخدم الاستقرار في المؤسسة العسكرية وضمان عمل المجلس العسكري بشكل طبيعي.
وأوضحت المصادر أن "الأسبوع المقبل قد يشهد تطورات على جانب من الأهمية من حيث توظيف مناخ التهدئة السياسية الذي يجمع عليه الأفرقاء السياسيون، في موازاة التخوف الذي يعتري الجميع من مسلسل الاختراقات الأمنية التي برزت في الآونة الاخيرة".
وأشارت إلى أن "موضوع الحوار، وإن يكن تقدم إلى واجهة التداول السياسي والإعلامي، لن تبدأ الاتصالات الجدية لدفعه إلى مرتبة تتقدم الملف الحكومي الذي ينتظر أن تتواصل المشاورات في شأنه، ولو ضمن تقديرات تستبعد التوصل إلى اختراق في جدار التعقيدات على الأقل في الفترة الفاصلة عن نهاية شهر رمضان".
وعلم "العرب اليوم" أن اجتماعًا موسعًا عقد ليل الأحد، في منزل الرئيس الحريري، بحضور جميع أعضاء القيادة والمستشارين.
وأفادت المعلومات القليلة التي وردت من المملكة أن موضوع التمديد للقادة العسكريين والأمنيين وضع على نار قوية، وكان ثمة اتجاه إلى بته قبل عيد الجيش في 1 آب/ أغسطس، لكن الأمر لم يزل رهنًا ببلورة بعض المواقف ومنها موقف كتلة "المستقبل"، علمًا بأن الترتيبات القانونية للتمديد لقائد الجيش ورئيس الأركان باتت شبه منجزة كما أشار "العرب اليوم" في وقت سابق، على أساس الاستناد إلى المادة 55 من قانون الدفاع الوطني، التي تجيز تأجيل تسريح قائد الجيش بقرار من القائد الأعلى للقوات المسلحة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، ولرئيس الأركان بقرار من وزير الدفاع كما جرى بالنسبة إلى تمديد ولاية مدير المخابرات مرتين إلى اليوم، وكل ذلك يجري بعد تعذر التمديد بقانون يصدر عن مجلس النواب.
وعلى صعيد مشاورات التأليف، تبين أن أيّ تقدّم جدي لم يتحقق بعد. فالرئيس المكلف تمام سلام ما زال متمسكًا بصيغة 8ـ 8ـ 8 بحيث تتكون حصة فريق 8 آذار و"التيار الوطني الحر" من 8 وزراء، 4 وزراء شيعة لحركة "أمل" و"حزب الله"، ويُعطى الوزير الشيعي الخامس لرئيس الجمهورية (ضمن الكتلة الوسطية)، و4 وزراء مسيحيّون لعون وتيار "المردة" ضمنهم وزير مسيحي يكون بديلا من الوزير الشيعي، الذي يعطى لرئيس الجمهورية. لكن بري وحلفاءه يرفضون هذا الطرح، ويشددون على وجوب أن تتمثل كلّ القوى السياسية بحسب أحجامها في الحكومة.
وأكد سلام أمام زواره أن "ما من شيء قد تغير في شأن معايير التأليف، فأنا لم أضعها لكي أتنازل عنها، بل كي أؤلّف الحكومة على أساسها، لأنها من صلب مهمات أي رئيس مكلف وصلاحياته ومسؤولياته وواجباته، وسأتصدى لأية محاولة تهدف إلى تكريس أعراف خارجة من الدستور في تأليف الحكومات".
ونقل الزوار عن سلام قوله "إن الحكومة لن تؤلّف لا من الرابية ولا من أيّ مكان آخر، ولا يمكن لأحد كان ومنهم رئيس التيار الوطني الحر العماد ميشال عون أو غيره، أن يملي على الرئيس المكلف اعتذارًا عن التأليف أو عدم اعتذار، فهذه مسؤوليته، والخيارات ليست مقفلة أمامه، والاعتذار يكون فقط في حال شعر بأن الناس لم يعودوا يرون ضرورة للاستمرار".
كذلك نقل هؤلاء الزوار عن سلام تأكيده أن "تأليف الحكومة يجب أن يكون البداية لكسر الحلقة المقفلة المفروضة على البلد"، مبديًا ارتياحه إلى "موقف البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، الذي يشكل ترجمة لما يريده الناس في الإسراع بالتأليف، وأنه يعطي دفعًا من رأس الكنيسة ومن رئيس الجمهورية في اتجاه تسريع ولادة الحكومة".
أرسل تعليقك