بيروت ـ جورج شاهين
عبر الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله عن رفضه لردات الفعل التي تعرض لها لبنان، ساخراً من مواقف دول الخليج العربي وردات الفعل، معتبراً أنها تزيد الحزب تصميماً على التورط في العمليات العسكرية في سورية أكثر ولن تردعه نصائح إقليمية ودولية وخليجية.
ونصر الله أطل عصر الجمعة، عبر الشاشة، في احتفال أقيم إحياء لـ "يوم الجريح المقاوم" غاب عنه السلك الدبوماسي فلم يحضر سوى سفيري إيران غضنفر ركن أبادي وسورية علي عبد الكريم علي، وشخصيات نيابية وسياسية وحزبية ودينية.
وقال نصر الله: في البداية أحيي جميع الجرحى الحاضرين في اللقاء أو الموجودين في المستشفيات أو في بيوتهم ولم يتمكنوا من المشاركة، كما حيا عائلات الشهداء، وكل الشهداء الذين قدموا أرواحهم وفلذات أكبادهم لحماية المقدسات ".
وأردف: هذا البلد، وهذه الأرض وهذا الوطن، نحن جزء أساسي منه، وهذا الشعب اللبناني الكريم والعزيز نحن جزء من مكوناته.ولفت إلى "سهولة السفر لدى البعض عند أي حادثة، في حين أننا لسنا من هؤلاء، ونحن لا نحمل جنسيتين، بل فقط لبنانيين، ونحن لسنا لبنانيين من أكثر من عشر سنوات، بل من مئات السنين، ونحن في حزب الله لا نملك بيوتا ومشاريع خارج لبنان، فهذه أرضنا وبلدنا، ولا أحد يستطيع أن يقتلعنا منه".
وفي الشأن الأمني، دعا نصرالله إلى "ضبط النفس إلى أقصى الدرجات"، وقال: لبنان منذ عام 2005 مأزوم. وفي المرحلة الأخيرة، هناك ضغط إعلامي وانفلات في المشاعر عند الناس وأحياناً هناك من يفقدون السيطرة على أنفسهم، وقد يقدمون على أعمال غير صحيحة وغير قانونية، فهذا قد يؤدي إلى مخاطر في الظروف الاستثنائية، ونحن ندعو كل الموجودين على الأراضي اللبنانية من لبنانيين وسوريين وفلسطينيين إلى ضبط النفس لأقصى الحدود، وخصوصاً جمهور المقاومة في حالات الحزن والفرح وأي ممارسة في هذا الظرف قد تكون لها تداعيات".
وكشف عن "اتصالات مع رجال دين وعلماء ومراجع في العراق وإيران لتبيان رأي الجميع وكان جواب المراجع تحريم حرمة هذا العمل، أي تحريم إطلاق الرصاص في الهواء لدى أي مناسبة"، وقال: "الحرمة مشددة أكثر على المنتسبين إلى حزب الله".
وتطرق إلى "الوضع في منطقة بعلبك - الهرمل"، لافتاً إلى "انتشار الشائعات حول أن الصواريخ تنطلق من جرود بلدة عرسال"، وقال: "هذا الكلام يعني أن الصواريخ تنطلق من بلدة سنية ضد قرى شيعية، أي أن ناشري الشائعات لهم أغراض وأهداف".
ووصف نصر الله "المشروع الذي يهجم على المنطقة بأنه مشروع ترهيب، وهو موجود في كل العالم العربي، مما يمنع التعبير عن الحقيقة"، مستنكراً "فتاوى الذبح والنحر ومحاولات الاغتيال والاعتداء الجسدي".
واستنكر "حادث القتل أمام السفارة الإيرانية" التي اتهم عناصر من حزبه بارتكابها، مشيراً إلى أنها "مرفوضة"، وقال: "لقد قتل فيها شخص عزيز، وهناك تحقيقات".أضاف: "الترهيب لن يؤدي إلى نتيحة ولن يغير موقفنا، بل على العكس، عندما نحكي عن رؤية وموقف يقابلهما تكفيرنا، فهذا يزيدنا قناعة بصحة خيارنا. لقد قاتلنا العدو الإسرائيلي، وكان العالم كله مع إسرائيل بما فيه روسيا وأميركا وثلاثة أرباع العرب، عدا فتاوى تكفيرنا. أما اليوم فنصف العالم معنا.
وتطرق نصر الله إلى المشاركة الميدانية على الأرض السورية، فقال: "قرارنا لم يكن وليد لحظة، لأننا كنا بدأنا نتعرف إلى نتائج المشروع النائم وتداعياته على سورية ولبنان وفلسطين والمسلمين والمسيحيين والسنة والشيعة والعلويين وكل المذاهب".
وتابع: "أيها الناس، نحن آخر المتدخلين، فقد سبقنا المستقبل وغيره من القوى. ولو أننا تدخلنا الآن في سورية إلى جانب المعارضة لأصبحنا حزب الله الحقيقي، ورفعت راياتنا في الدول العربية، وارتحنا من الفضائيات العربية. هناك مشروع أميركي - تكفيري لإسقاط المنطقة. نحن أمام هذه الهجمة الكونية، رأينا أن مساهمتنا مثل البحصة التي تسند الخابية، وهي مدروسة ومحسوبة لمواجهة هذا المشروع الكوني الذي لا يستهدف فقط سورية، بل المنطقة كلها لصالح المشروع الأميركي - التكفيري. لقد تدخلنا لأننا رأينا أن مساهمتنا مجدية".
واستغرب الكلام عن وضع حزب الله على لائحة الإرهاب في مجلس التعاون الخليجي، وقال: "لا ندري إذا كان لديهم لوائح إرهاب، أو أنهم يهددونا باللبنانيين في الخليج. فلا شباب لحزب الله في الخليج. قلت سابقاً، وأقول، نحن مستعدون لتحمل تبعات أي مشروع. وإسقاط هذا المشروع الخطير على أوطاننا ومقدساتنا وشعوبنا أهون من أي تبعات، ومن يظن أنه بوضعنا على لوائح الإرهاب وتهديدنا بعائلات اللبنانيين لتغيير موقفنا فهو مشتبه، وسيزيدنا قناعة بأننا على الطريق الصح".
وأكد أن "ما بعد القصير، هو كما قبلها"، وقال: "نحن لن نتغير، لأن المشروع الذي يستهدف المنطقة لم يتغير، بل بالعكس هناك تطوير لوجودنا، وما كان سيكون، وسنتحمل مسؤولياتنا ولا حاجة للتفصيل".أضاف: "هناك إتصالات ومبادرات وصلتنا تحتاج إلى نقاش في قيادة حزب الله كي نعلن عنها".
والرئيس سعد الحريري قال تعقيباً على ما ورد في خطاب السيد حسن نصرالله: "قدم الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، دليلاً جديداً على المسار الخطير الذي يقود البلاد إليه، والذي على حد توصيفه يريد له أن يتخطى حدود لبنان، ليطاول المشرق العربي برمته من فلسطين إلى سورية وكل بلدان المنطقة. ويبدو أن السيد حسن قد بذل مجهوداً خطابياً كبيراً لتبرير الانخراط في هذا المسار وتجميل الأهداف السياسية لمشاركة مقاتلي حزب الله في الحرب السورية، وأظهر براعة في استخدام آلام الجرحى والمصابين في المواجهات مع العدو الإسرائيلي، لتغطية هذه المشاركة وابتداع الأسباب الموجبة لقتاله الدائر ضد قطاع كبير من الشعب السوري.
وأضاف: غير أن السيد حسن لم يكن موفقاً ولم تحالفه البلاغة في إسقاط الجرائم التي يشارك حزبه في ارتكابها في سورية، على تيار المستقبل وادعائه أن التيار يرسل المقاتلين ويدفن القتلى في الأراضي السورية.
وأن أقل ما يمكن أن يقال في هذا الكلام أنه كلام من إنتاج مخيلة السيد حسن نصرالله، ولا مكان له على الإطلاق في مراتب الصدق والحقيقة. وإذا كان السيد حسن يريد أن يرمي التهم جزافاً بداعي البحث عن شركاء له في الجرائم التي تستهدف الشعب السوري، فإننا نقول له أن يفتش عن أهداف أخرى غير تيار المستقبل. لقد أعلنا منذ اللحظة الأولى لاندلاع الثورة السورية تضامننا الكامل مع حقوق هذا الشعب وتضحياته، ولم نخف في يوم من الأيام موقفنا السياسي الذي نتمسك به حتى هذه اللحظة، أما أن نكون قد نظمنا أو أرسلنا فرداً واحداً للقتال داخل سورية، فهو ادعاء يرقى إلى حدود التلفيق والتضليل.
وعلى أي حال فإن أوجه التضليل في خطاب السيد حسن لم تقتصر على هذا الأمر، بل هي تعمقت في تحديد الأسباب التي حملته على اتخاذ قرار المشاركة في الحرب السورية، وإعلانه صراحة أنه وجد بنتيجة المتابعة والمواكبة، وجوب المشاركة في الحرب، ليس دفاعاً عن سورية فحسب انما للدفاع عن لبنان والدولة والسيادة والاقتصاد، والسؤال البديهي الذي يطرح في هذا المجال؛ من هي الجهة التي كلفت السيد حسن بالمتابعة والمواكبة، وهل طلب اجتماعاً لمجلس الوزراء لسؤاله عن حاجة لبنان لخوض معركة الدفاع عن النفس فوق الأراضي السورية، وهل بادر إلى سؤال رئيس الجمهورية عن رأيه بامكانية مشاركة الجيش اللبناني في معركة الدفاع عن لبنان؟.
وقال: كعادته في كل المراحل، أراد السيد حسن نصرالله أن يختزل الدولة اللبنانية في مجلس شورى حزب الله، وأن يقدم دليلاً جديداً على أن الدولة ومؤسساتها ورئاساتها وقواتها المسلحة غير موجودة في قاموسه. لأن السيد حسن يقرأ في قاموس واحد هو قاموس المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية السيد علي خامنئي، الذي ذهب السيد حسن خصيصاً للاجتماع إليه في طهران وعاد منها بفتوى المشاركة إلى جانب بشار الاسد. كذلك لا يحتاج السيد حسن إلى استخدام بلاغته في الحديث عن المقيمين في الخارج وقوله في مجال رمي الأخرين بتعدد الجنسيات أن حزب الله يمتلك فقط الجنسية اللبنانية، لأن هوية الحزب وجنسيته ومرجعيته إيرانية بامتياز.
وختم الحريري بالقول: لقد أصدر السيد حسن فتوى بتحريم إطلاق الرصاص في المناسبات. فحبذا لو يقتنع بإصدار فتوى بوقف استخدام السلاح . فهل إطلاق الرصاص على الشاب الجنوبي هاشم السلمان هو حلال؟ وهل إطلاق الرصاص على أطفال ونساء وشيوخ سورية هو حلال ؟ وهل صار القتال في شوارع القصير نوع من أنواع المساهمة في بناء سورية؟ لقد اعتقدنا لوهلة أن المجموعات المسلحة التي يتحدث السيد حسن نصرالله عن وجودها في مدينة القصير، تابعة لفرق العمل في جهاد البناء. وهي لم تشارك بإطلاق رصاصة واحدة على المواطنين الأبرياء !! هذا هو الحرام بعينه يا سيد حسن. حرام توريط لبنان وتعريض مصالح أبنائه للخطر وحرام الإصرار على مسار مجهول نهايته الخراب. ومع كل ذلك، تريد حكومة فيها الثلث المعطل ؟! وتريد من سائر اللبنانيين أن يرتاحوا لقرارك مواصلة حرب الدفاع عن نظام بشار الاسد؟!.
أرسل تعليقك