دمشق - العرب اليوم
أعلنت 5 جمعيات ومنظمات مدنية تشكيل لجان للوساطة المجتمعية، في ريف دير الزور الشرقي، بعد سنوات من غياب المحاكم والسلطات القضائية واختلاف سيطرة الجهات العسكرية. وأطلقت المجموعة حملة مدنية، تحت عنوان «الصلح خير»، وذلك في المناطق الخاضعة لنفوذ «قوات سوريا الديمقراطية» وفي إطار السعي إلى إعادة ترميم العلاقات بين أبناء المنطقة وتعزيز التماسك المجتمعي.وبحسب منظمي الحملات؛ وهي «ديرنا» و«فراتنا» و«سامه» و«ماري» و«إنصاف للتنمية»، تتشكل هذه اللجان من شخصيات مؤثرة وفاعلة في المجتمع، إلى جانب رجال دين من ذوي الخبرة والكفاءة وأصحاب السمعة الحسنة بين الأهالي. وفي رده على أهمية الحملة، يقول الناشط أيمن علاو لـ«الشرق الأوسط»، إن الحملة مدعومة من «مؤسسة الشارع للإعلام والتنمية»، بالتشارك والتعاون مع المنظمات الخمسة المحلية الفاعلة في مناطق ريف دير الزور الشرقي. ويتابع: «هذه المناطق ذات طابع قبلي عشائري تغيب عنها الدوائر والمحاكم المختصة بعد سنوات من الحروب، وأهمية هذه الحملة نشر ثقافة القانون والصلح المجتمعي واللجوء إلى دور القضاء».
وأكد أن أعضاء لجان الصلح يتحدرون من المناطق نفسها، ويمتلكون خبرة في حل القضايا وخضعوا لتدريبات عملية وقانونية لتراكم الخبرات، بغية حل الخلافات وطرح الحلول للدعاوى والشكاوى اليومية بين الأفراد بالطرق السلمية. والقصد من ذلك، التخفيف من حدة النزاعات ومنع تفاقمها وكسر دائرة العنف التي حكمت المنطقة خلال السنوات الماضية.يضيف علاو: «المشاركون في اللجان هم شيوخ وزعماء ووجهاء القبائل، ونخبة من القانونيين والمحامين، ممن لديهم خبرة في حل القضايا المجتمعية»، وتشارك سيدة في كل لجنة لوجود قضايا ومشاكل تتطلب عمل النساء إلى جانب الرجال لفهم حيثيات الدعوى.
ونشرت الحملة على نطاق واسع على حسابات النشطاء على منصات التواصل الاجتماعي والصفحات المحلية، وأكد أيمن علاو: «استهدفنا جيل الشباب وطلبة الجامعات، وأعضاء المنظمات الأهلية الفاعلة، كما نشرنا لافتات وصوراً وكتابات على مداخل الشوارع الرئيسية والفرعية، وتوزيع منشورات للتعريف بالحملة».يذكر أن محافظة دير الزور شرق البلاد، باتت منقسمة عسكرياً منذ مارس (آذار) 2019؛ بين أطراف عسكرية متعددة، إذ تخضع جهتها الجنوبية وجزء من الشرقية ومركز المحافظة للقوات الحكومية الموالية لنظام الأسد، فيما تخضع المدن والبلدات المحاذية لضفة نهر الفرات الشمالية، لسيطرة «قوات قسد»، وتدير المنطقة هياكل حكم محلية ومجالس مدنية وتشريعية خاضعة لـ«مجلس دير الزور المدني».
لجان الصلح المحلية، تعمل منذ عام، وقد نجحت في حل مشكلات تتعلق بقضايا معيشية، كتوزيع المساعدات على الأهالي، أو تنظيم توزيع الكهرباء والماء والخبز، وحل قضايا الخلافات الشخصية بين سكان المنطقة والنازحين من مناطق أخرى، في ظل نقص الموارد والأزمة الاقتصادية، وصولاً إلى المشكلات الناتجة عن حوادث المرور والابتزاز عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وغيرها من القضايا التي تُقلق السلم والاستقرار المجتمعيين، بحسب محمد المحمد، مدير منظمة «إنصاف للتنمية» وأحد الشخصيات المشاركة في الحملة. وأشار المحمد إلى أن نحو نصف مليون شخص، استفادوا من عمل هذه اللجان بشكل مباشر، وتنشط لجان الصلح في مدينة هجين والقرى التابعة لها، وبلدات أبو حمام والكشكية بالريف الشرقي، وبلدة محيمدة
والقرى التابعة لها، وبلدة جديد بكارة وما يتبعها، وبلدة البصيرة وما يحيطها من قرى. مضيفاً: «عقدنا اتفاقات ومذكرات تفاهم مع المجالس المدنية والتشريعية التي تدير تلك المناطق»، منوهاً بأن فريق المنظمة يقوم بمراجعة القضايا التي يتم تدوينها لدى ديوان لجان الصلح: «ثم نعقد ندوات جماهيرية وورشات تدريبية، بهدف نشر أفكار تعزز القيم المجتمعية، واستخلاص العبر والحلول وطرحها على أكبر شريحة من المستفيدين».
وتستند لجان الوساطة المجتمعية في عملها، إلى مزيج من القانون السوري والقوانين الدولية ذات الصلة وتشريعات حقوق الإنسان. وأوضح محمد المحمد أنه يتم الاعتماد على خبرات أعضائها ومعارفهم من وجهاء وأصحاب دراية بالأعراف والعادات والتقاليد، التي تسهم في ترسيخ مبدأ الصلح. «نحض الأهالي والمشاركين على التخلّي عن العنف، والمحافظة على النسيج الاجتماعي الذي مزقته سنوات الحرب السابقة، كما أن بينهم محامين وقانونيين لهم معرفة بالقانون نتيجة عملهم السابق في محاكم الدولة».يذكر أن لجان الصلح أسهمت في حل كثير من حوادث المرور وإطلاق النار العشوائي أو الثأر العشائري. كما تدخلت لمنع وقوع حالات طلاق وحل خلافات الميراث والنزاعات الشخصية، بهدف إرساء الضوابط القانونية وتوفير أجواء الأمان والاستقرار، التي أسهمت بحماية أمن المجتمع وتماسكه ورسخَت مبدأ المصالحة وفضّ النزاعات بالتسوية والطرق السلمية.
قد يهمك ايضاً
أرسل تعليقك