خاركيف - العرب اليوم
تقترب أصوات القصف المدفعي والصاروخي من قلب العاصمة الأوكرانية كييف. لم يتضح على الفور أي مناطق تعرضت للضرب هذه المرة. وفي محطة القطارات المركزية في كييف، تجمع مئات المسافرين إلى مختلف المناطق، منتظرين قطاراتهم بعد أن أصبح التجول في الخارج ممنوعاً.عناصر الشرطة في العاصمة استبدلوا بأسلحتهم المعتادة (الكلاشنيكوف) أسلحة غربية، بينما جرى إعادة تجميع الأسلحة الشرقية، ووضعها بتصرف الجيش والقوى المقاتلة الأخرى من المتطوعين وعناصر وزارة الداخلية.انتعشت تجارة الحرب ومعداتها، من دروع واقية من الرصاص وثياب عسكرية. وارتفعت أسعار هذه السلع المطلوبة، كما ارتفعت أسعار بعض المواد الأخرى، فبدأ اقتصاد الحرب يشقّ طريقه بخجل في العاصمة، على الرغم من محاولة السلطات منع ارتفاع الأسعار في عاصمتها، ومكافحة الاقتصاد الأسود.
يعلّق فولوديمير -وهو محامٍ جنائي يبلغ من العمر 31 عاماً- عن العتاد العسكري الذي توفّره الدول الغربية وكذلك المتبرعون الأوكرانيون في المهجر مجاناً، ولكنه يصل إلى بعض الأيدي التي تبيعه في السوق السوداء: «هذه التبرعات مخصصة للجيش أساساً، وهي تصل مجاناً ومعفاة من كل الرسوم والضرائب، لا أحد يدري ما هي شبكة الفساد التي تحول هذه المساعدات إلى سلع». ثم يتحدّث فولوديمير عن شبكة القطارات ونوعية المقطورات العاملة حالياً في أوكرانيا، ويقول: «المسألة تعتمد الآن على الحظ، ربما تُوفق إلى مقطورات حديثة، وإلا فسيكون نصيبك مقطورات من زمن الاتحاد السوفياتي».
يصل القطار المتوجه إلى خاركيف ويبدأ في التحميل. معدات مدنية ومساعدات غذائية تشغل أكثر من مقطورة، بينما مقطورات الركاب شبه خالية، وفي الظلام الدامس المفروض على المقطورات، يتبين أن هذا القطار مما ورثته أوكرانيا من زمنها السوفياتي؛ مقاعد دون سند تتحول جميعها إلى أسرة صغيرة، يستحيل الجلوس، والوضعية الوحيدة الممكنة هي النوم.
ينطلق القطار نحو خاركيف، الطريق طويل ومليء بالمحاذير الأمنية. يسير القطار ببطء أولاً، ثم يستغرق أكثر الركاب في النوم، بينما يتوقف القطار حيناً عند وصول معلومات عن تحليق طيران روسي في مناطق أمامنا، ويسير أحياناً حين تنجلي غمامة الطائرات والقصف. وكلما أسرع القطار تحتار أيهما سيحصل أولاً: هل سنتعرض لقصف من الطيران يطيح بنا؟ أم سيتحطم القطار إلى أجزاء، نظراً لقدمه وسوء صيانته؟
قد يهمك ايضاً
أرسل تعليقك