أعلن مجلس القضاء الاعلى، عن تصاعد ادعاءات المجرمين بالجنون، للأفلات من العقاب، مشددًا أن "المشرع العراقي يحاسب المُتواطئ في هذا النوع من الافعال أي كان منصبه"، ونشرت صحيفة القضاء تقريرًا عن هذه الحالة، وأفاد أن "المحاكم سجلت تصاعدًا في وتيرة الادّعاء بالجنون لمرتكبي جرائم بعضها خطيرة ينوي المتهم فيها التخلص من المحاسبة، مستفيدًا من نص ورد في قانون العقوبات النافذ يعفي المصاب بمرض عقلي من المسؤولية الجزائية".
وبيّن قضاة أن فطنتهم أسهمت في كشف العديد من هذه الحالات، نوّهوا إلى أن القانون يحاسب من يتحايل عليهم بحجة الجنون تحت مسمى تضليل القضاء وهي جريمة وتصل عقوبتها إلى الحبس، لافتين إلى أن المحاكم تستدل عند اصدار قراراتها في هذا الشأن إلى التقارير الطبية بوصفها المعيار الدقيق لتقويم حالة المتهم الصحية".
ويشترط المشرّع العراقي لإعفاء المجنون من المسؤولية الجزائية أن يكون فاقد الارادة بسبب هذا المرض وقت ارتكابه الجريمة، وهو ما يتم التوصل إليه -بحسب القضاة- من خلال التحقيقات، وقال المتخصّص بالملفات الجنائية القاضي خالد صدّام، إن حيلة الادعاء بالجنون، أو تقديم شهادة صحية مزوّرة تفيد بإصابة المتهم بمرض عقلي تعدّ من وسائل التهرب من العقوبة التي يستخدمها بعض الماثلين في قفص العدالة.
وأوضح رئيس جنايات الرصافة، أن المحاكم بدأت تسجل مؤخراً تزايداً في هذه الحالات، لاسيما في الجرائم الجنائية ذات الطابع الخطير ومن بينها المتطرفة، وبرغم براعة بعض المتهمين في تمثيلهم الجنون، لكنّ صدام يؤكّد أن "القاضي العراقي لديه من الخبرة، ما تمكنه في كشف هذه الحالات وتساعده في ذلك التقارير الرسمية المقدمة من اللجان الطبية المختصة".
وأشار إلى"وجود تعاون جيد بين اللجان الطبية ومراكز الشرطة من جهة والقضاء من جهة أخرى"، منبهاً إلى أن "إجراءاتنا في هذا الصعيد مشدّدة ولا تسمح بمرور أي خرق قد يساعد المتهم في الإفلات من العقوبة، وشدّد رئيس جنايات الرصافة على أن "المشرع العراقي يحاسب المتواطئ في هذا النوع من الافعال اي كان منصبه".
ولفت القاضي صدام إلى إمكانية الطعن بالتقرير الطبي سواء كانت نتيجته الاولى بنفي المرض العقلي أو وجوده أمام اللجنة الطبية الاستئنافية من قبل أطراف الدعوى في حال حصول شك بوجود تزوير أو شطب أو إضافة،
وعلى صعيد ذي صلة، ذكر قاضي التحقيق في الرصافة علي حسن كاظم أن "المحاكم المختصة في أغلب الأحيان تستجيب إلى طلبات المحامين بإيداع المتهمين لدى الملاحظة الطبية".
وأضاف المتخصّص بنظر ملفات "الإرهاب"، في تصريح إلى "القضاء"، أن "هذه الإجراءات تعدّ من بين ضمانات المحاكمة التي يوفرها القضاء العراقي إلى المتهمين طبقاً للمعايير الدولية، والقوانين المحلية النافذة".
وأشار إلى أن "التقارير الطبية عن أحوال المتهمين بنحو عام تعدّ إرشادية تستفيد منها المحكمة في القرارات التي تتخذها".
وعدّ كاظم "الادعاء بالجنون واحدة من الاشكال التي يسلكها المجرمون وخصوصاً الخطرين في تضليل القضاء ويهدف أيضا إلى الإخلال بسيّر العدالة وتأخير حسم القضية المعروضة"، ونوّه في هذا الشان إلى أن "المشرّع العراقي حدّد مسبقاً الجرائم المخلة بسير العدالة وهي المنصوص عليها في المواد 248، و249، و250 من قانون العقوبات رقم 111 لعام 1969 المعدل".
وذكر أن القانون العراقي وضع محاسبة قانونية للمتورطين بالادعاء بالجنون"، استدل بـ "المادة 248 من قانون العقوبات التي تضمنت الحبس أو الغرامة لكل من يقصد تضليل القضاء من خلال تغيير حاله الأشخاص او الأماكن او الأشياء او إخفاء أدلة الجريمة او قدم معلومات كاذبة تتعلق بها وهو يعلم عدم صحتها"، أما بخصوص المادتين المتبقيتين فأنهما وحسب القاضي كاظم تنصان عن موضوعات أخرى "تتعلقان بإخفاء مبرزات جُرمية وأفعال أخرى من شانه أن تؤخر حسم القضية وتضلل المحكمة أيضًا".
تابع أن المادة 60 لقانون العقوبات تضمنت عدم المساءلة الجزائية لكل من كان وقت ارتكاب الجريمة فاقد الإدراك أو الإرادة أو المجنون أو لديه عاهة في العقل أو بسبب كونه في حالة سكر او تخدير نتجت عن مواد مسكرة او مخدرة أعطيت له قصرا أو على غير علم منه"، وفي مقابل ذلك، يجدّ أن "الإصابة بالمرض ليست دليلاً بذاته للتخلص من المسؤولية عن ارتكاب الجريمة"، موضحًا أن الإثبات يكون من خلال إثبات أن الفاعل لا يتمتع بقواه العقلية وأن ذلك نجم عنه القيام بفعل مخالف للقانون.
أرسل تعليقك