لندن - العرب اليوم
عقدت منظمة التعاون الإسلامي والمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة "إيسيسكو" بالتنسيق مع المركز الثقافي الإسلامي في لندن ندوة مهمة جمعت خبراء وإعلاميين وممثلين للمجتمع المدني لبحث ظاهرة الإسلاموفوبيا ومظاهرها واقتراح آليات لمواجهتها من النواحي القانونية والإعلامية. وقد استغرقت الندوة يومي السبت والأحد الماضيين في مقر المركز الثقافي الإسلامي في لندن، وحضر الندوة محامون وخبراء إعلاميون وأكاديميون من بعض الجامعات الأوروبية ودبلوماسيون من عدد من السفارات والبعثات.
وافتتحت الندوة في بدايتها بكلمات توضح الأهداف وتحدد إطار الندوة، وكانت الكلمة الأولى للدكتور أحمد بن محمد الدبيان المدير العام للمركز الثقافي الإسلامي الذي رحب باسم مجلس الأمناء بالمشاركين وشكر المنظمين الفاعلين مع المركز لطرحهم هذا الموضوع البارز. وأوضح الدبيان أنه مع تطور الإرهاب تطورت آليات الإسلاموفوبيا وتحولت من العبارات المسطورة في بُطُون الكتب والدراسات إلى الأفلام والبرامج الإذاعية والتلفزيونية وشبكة الإنترنت، بل وصلت إلى رجل الشارع، وهذا هو التحدي الجديد.
وأشار الدكتور الدبيان أيضاً إلى ضرورة تفاعل المسلمين ومؤسساتهم مع المجتمع الغربي بصورة أفضل ليقدموا الصورة الصحيحة للإسلام الذي يدعو إلى التعايش والتسامح والوسطية والاعتدال والمحبة والسلام، وإظهار السلوك الحقيقي ونشر تعاليم الدين الحنيف وعدم كراهية الآخر والتفاعل مع المجتمع بشكل سليم، مما يؤدي إلى تغيير نظرة الآخر، وتخفيف حدة الكراهية.
تلت ذلك كلمة الدكتور المحجوب بنسعيد، رئيس مركز الإعلام والاتصال في «الإيسيسكو» الذي شكر المشاركين واستعرض جهود «الإيسيسكو» في خدمة الأقليات وعنايتها بالظواهر الفكرية والثقافية التي تهم المسلمين عالمياً وجهودها في مكافحة الإسلاموفوبيا. وأعرب عن أمله في أن يتمكن الخبراء خلال يومي الندوة من صياغة مقترحات وتوصيات تحال إلى المنظمات التي تتمكن من التعامل معها لإيجاد حلول مناسبة لمعضلة قضية الخوف من الإسلام.
تلت ذلك كلمة مديرة إدارة الإعلام بالأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي مها عقيل، التي شكرت "الإيسيسكو" والمركز الثقافي الإسلامي والخبراء المشاركين على جهودهم، وألقت الضوء على دور المنظمة ومهمتها في معالجة المخاوف التي تواجه المسلمين في جميع أنحاء العالم. فمنظمة المؤتمر الإسلامي بمثابة مظلة دولية تهدف إلى التعبير عن صوت جماعي للمسلمين في جميع أنحاء العالم. وأن موضوع الإسلاموفوبيا هو واحد منها، وقد كتبت المنظمة فيه كثيراً من المنشورات ونظمت كثيراً من اللقاءات والأنشطة لمعالجة هذه القضايا. وأوضحت أن إشكالية الإسلاموفوبيا برزت بوصفها قضية ملحة تتعلق بمواطني كثير من الدول وتتعلق بالسلم الاجتماعي وعلاقات الحوار بين الأديان والشعوب.
وتحدث في الندوة اللورد محمد شيخ، عضو مجلس اللوردات البريطاني، وتناول في حديثه عدداً من القضايا المهمة للأقليات المسلمة في الغرب، ومنها ظاهرة الإسلاموفوبيا، وعرج في حديثه على دور التربية وأهمية فتح أبواب من الحوار، وأن على المؤسسات الإعلامية أن تتميز بروح من الموضوعية، كما أن على المؤسسات الإسلامية أن تتخذ سياسة الانفتاح والعلاقات والمبادرة في علاقاتها مع المجتمع المحيط بها. وشارك في أعمال الندوة على مدى يومين اثنين عدد من الخبراء من داخل بريطانيا وخارجها من المختصين في القانون الدولي وحقوق الإنسان والتنوع الثقافي والحوار بين الحضارات وأتباع الأديان، وعدد من ممثلي مؤسسات المجتمع المدني المعنيين بمواجهة الكراهية والتمييز والتطرف، وبحضور عدد من الإعلاميين وقنوات التلفزيون.
وتمت خلال الندوة مناقشة مجموعة من القضايا والمواضيع ذات الصلة، منها ظاهرة الإسلاموفوبيا والإساءة للأديان من منظور القانون الدولي وحقوق الإنسان، والمسؤولية الأخلاقية لوسائل الإعلام في انتشار الصور النمطية عن الآخر وآليات المعالجة المهنية الإعلامية لظاهرة الإسلاموفوبيا.
وبعد المناقشة وتبادل وجهات النظر والاستماع إلى أوراق الخبراء المشاركين، اختتمت الندوة بمجموعة من التوصيات والمقترحات منها: التأكيد على أن ظاهرة الإسلاموفوبيا تَتعارَضُ كلياً مع ميثاق الأمم المتحدة، ومع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وأيضاً الدعوة إلى تكثيف التنسيق والتعاون بين الحكومات ومؤسسات المجتمع المدني ووسائل الإعلام للتصدي لظاهرة الإسلاموفوبيا ومروجي مشاعر الكراهية، لأن الترويج لها يفسد الجهود الدولية الهادفة إلى تعزيز الحوار بين الثقافات، ونشر قيم التسامح والاحترام بين الأمم، ودعوة وسائل الإعلام الغربية إلى الالتزام بمبادئ الموضوعية والنزاهة والإنصاف وعدم الكيل بمكيالين في تغطية الأحداث، والحرص على المساهمة في بناء علاقات إنسانية سليمة، وإيجاد أجواء من التفاهم والتعايش والحوار بين المجتمعات.
وتطرقت التوصيات إلى دعوة الأقليات الإسلامية في الدول الغربية إلى تطوير وتعزيز ثقافتها القانونية ذات الصلة بمجال الإعلام وحقوق الإنسان، بما يسمح لها بالدفاع عن هويتها وثقافتها الإسلامية في إطار القوانين والمعاهدات الدولية.
أرسل تعليقك