تعاني مدينة تعز، وسط اليمن، من شلل في الخدمات الأساسية، إضافة إلى وضع إنساني متدهور، نتيجة الحرب التي دمرت رقعة واسعة منها، وشردت عشرات الآلاف من سكانها ما نتج عنه انتشار للأمراض القاتلة، نتيجة انهيار البنية التحتية. وتشهد محافظة تعز انتشارًا كثيفًا للقمامة، في معظم الأحياء، ما ينذر بكارثة بيئية وشيكة.
وأعلن الدكتور بديع الوصابي، أن تكدس القمامة في جميع الأحياء وبشكل كبير، يسبب أمراضًا ويهدد صحة المجتمع كما يحول تلك الأماكن لمناطق ملوثة، تهدد حياة المحيط. وأشار إلى أن إحراق القمامة في الأحياء له مخاطر كبيرة على الصحة، ويسبب التهاب الرئة المتكرّر، وزيادة خطر الإصابة بالحساسيّة والربو، والتعرّض لأمراض سرطانية، كما أنّ الأشخاص الأكثر تضرّرًا منه هم الأطفال والأجنّة.
وأكد الوصابي أنّ الحوامل اللواتي يتعرّضن للتلوّث، يرفعن احتمال إصابة أطفالهنّ بمشكلات صحّية، مثل الحساسيّة والربو وخلل في الكروموسومات، وبلوغ وزن أدنى من المعدّل الطبيعي عند الولادة، موضحة أن احتراق المواد المصنوعة من البلاستيك، ومواد أخرى صلبة يسبب السرطان. وأشار إلى أن تكدس القمامة، يمثل بيئة لتكاثر البعوض والذباب والحشرات وبيئة مناسبة، لتكاثر وعيش البكتيريا والطفيليات، وهذا يتسبب في إصابة السكان، بأمراض كالإسهال والملاريا، ومن الممكن حتى أن تنتقل الكوليرا عبر التكدس الكبير للقمامة، لاسيما وأن مرض الكوليرا، بدأ في الظهور في اليمن خلال الأشهر القليلة الماضية.
ولفت وليد الحميري، وهو مدير مكتب رئيس هيئة مستشفى الثورة في تعز، أن مستشفى الثورة في تعز استقبل العام الماضي، قرابة 17 الف حالة حمى الضنك وملاريا، وهناك مئات الوفيات منهم حيث تنتشر هذه الأمراض، نتيجة تكدس القمامة بالأحياء وتفشي مياه الصرف الصحي، نتيجة توقف مؤسسة المياه والصرف الصحي التي كانت تقوم بصيانة مجاري الصرف الصحي، بحال تعرضت لانسدادات كما أن احتقان مياه الأمطار، يساعد ايضا بتكاثر البعوض في ظل غياب حملات الرش الضبابي لمكافحة البعوض، مؤكداً أن الحرب تسببت بانهيار البنية التحتية في تعز وتوقف صندوق النظافة، والتحسين المسؤول عن رفع المخلفات، وتوقف مؤسسة المياه والصرف الصحي المسؤولة عن ضخ المياه وتعقيمها، وإصلاح مجاري الصرف الصحي، إضافة إلى شلل القطاع الصحي، أدى إلى تفشي وباء الكوليرا، الذي ينتقل عبر المياه الملوثة والطعام الملوث، إضافة إلى تفشي أمراض حمى الضنك والملاريا.
وقالت ارتفاع القباطي وهي رئيسة مركز التوعية البيئية في تعز ورئيسة منظمة الارتفاع، أن عدد من المنظمات الدولية مولت أعمال النظافة في تعز العام الماضي، لكن هذا العام لا يوجد دعم حكومي أو من منظمات لصندوق النظافة والتحسين مادي، إلى توقف أعماله وتفاقم معاناة المدنيين. وأشارت القباطي إلى أن فاعل خير قام بتمويل حملة تشرف عليها هي لرفع المخلفات والقمامة، وقامت برفع الكثير من المخلفات من الأحياء السكنية، لكن دعم فاعل الخير سينتهي وستعود القمامة للتكدس والانتشار، ويجب على الحكومة الدعم بميزانية صندوق النظافة ودفع رواتب موظفي وعمال النظافة إلى جانب توفير الميزانية التشغيلية.
وبينت القباطي أن منظمتها الارتفاع تقوم بحملات رش ضبابي في المدينة، لمكافحة البعوض بإمكانيات محدودة وتمويل شخصي.
وأكدت ارتفاع القباطي بأن الأمطار تسبب احتقان للمياه في الشوارع، وبالقرب من المنازل ماينتج عنه تكاثر للبعوض وتفشي لمرض الملاريا وحمى الضنك. وبحسب القباطي فإن الوضع الصحي المنهار في المدينة والظروف الاقتصادية التي يعاني منها السكان جعلت من حمى الضنك والملاريا أمراض قاتله تحصد حياة المئات.
وأوضحت القباطي بأن حمله مكافحة البعوض بتمويل ذاتي، من منظمتها "الارتفاع"، داعية المنظمات الدولية ورجال الأعمال لتمويل الحملة حتى تستمر وتمنع تفشي الأمراض.
وأوضحت القباطي أن منظمتها ستقوم بعد أيام بحملة تعقيم لمياه المساجد، بهدف تحجيم انتشار مرض الكوليرا حيث أصبح نسبة كبيرة من سكان تعز، يتزودون بالمياه من المساجد لتوقف الشبكات الحكومية عن ضخ المياه.
وأشارت القباطي إلى أن منظمتها بتمويل ذاتي ستقوم بتعقيم المياه بعدد من المساجد بشكل أسبوعي، داعيه المنظمات الدولية إلى القيام بأعمال تعقيم بشكل دوري ومتواصل لمصادر المياه، التي يتزود منها السكان، نظرًا لتفشي الكوليرا بتعز وإصابة المئات من المدنيين بالمرض.
وارتفاع القباطي كانت مسؤولة النظافة والتحسين في تعز منذ اندلاع الحرب، وقامت بأعمال نظافة وتجاوزت مصاعب كبيرة فرضتها الحرب، كانقطاع ميزانية الصندوق وتعطل الكثير من آليات النظافة، وسط إشادات مجتمعية بأعمالها التي وصفت بالجبارة في الوضع الذي كانت تعيشه تعز حينها .
أرسل تعليقك