أعلنت السلطات الجزائرية "إعادة تفعيل" شروط منح الترخيص للمسيرات الشعبية التي دخلت أسبوعها الـ116 وتعيش الجزائر منذ 2019 على وقع مظاهرات شعبية مطالبة بالتغيير الشامل، رغم تراجع زخمها واقتصارها على العاصمة ومدن أخرى منذ تجددها بمناسبة ذكراها الثانية في 22 فبراير/شباط الماضي وقررت وزارة الداخلية الجزائرية فرض قيودا صارمة متعلقة بمنح الترخيص لخروج المسيرات الشعبية التي تحولت منذ عامين إلى "عادة دائمة" كل يومي جمعة وثلاثاء.
وبررت ذلك بـ"الانزلاقات والانحرافات الخطرة والتهويل"، وحددت 4 شروط لـ"إضفاء الشرعية القانونية على المسيرات" وأشار بيان لـ"الداخلية" الجزائرية حصلت "العين الإخبارية" عليه، بأنه "لوحظ مؤخرا أن المسيرات الأسبوعية بدأت تعرف انزلاقات وانحرافات خطيرة، بحيث أصبحت لا تبالي بما يعانيه المواطنون من انزعاج وتهويل ومساس بحرياتهم، من خلال تصرفات أناس يُغيرون اتجاه مسيرتهم في كل وقت، بدعوى أنهم أحرار في السير بأي اتجاه وعبر أي شارع، وهو ما يتنافي مع النظام العام وقوانين الجمهورية".
وذكّر البيان بـ"ما يكرسه دستور نوفمبر/تشرين الثاني 2020 في مجال حرية المسيرات وذلك بمجرد التصريح" وحددت "الداخلية" الجزائرية 4 شروط لمنح الترخيص للمسيرات الشعبية، وتتعلق بـ"ضرورة التصريح من طرف المنظمين بأسماء المسؤولين عن تنظيم المسيرة، وساعة بداية المسيرة وانتهائها، والمسار، والشعارات المرفوعة وفق ما يتطلبه القانون وهذا لدى المصالح المختصة" وهددت الوزارة الجزائرية بأن "عدم الالتزام بهذه الإجراءات يترتب عنه مخالفة القانون والدستور، مما ينفي صفة الشرعية عن المسيرة ويوجب التعامل معها على هذا الأساس".
جدل وانقسام
وانقسم المتابعون للشروط الصارمة التي وضعتها وزارة الداخلية الجزائرية لمنح الترخيص للمسيرات الشعبية وشددت تعليقات عدد كبير من الجزائريين على أن قرار الوزارة يعد "ضربة كبيرة" لحركة "رشاد" الإخوانية الإرهابية و"الماك" الانفصالية المتطرفة بعد محاولاتهم اختراق وركوب مظاهرات الحراك الشعبي وتنفيذ مخططات إجرامية كما رأى مراقبون بأن خطوة السلطات الجزائرية "ستكشف الأطراف الخفية التي تقف وراء عمليات اختراق المظاهرات والشعارات المشبوهة" التي يقولون إن "أطرافاً أجنبية تقف ورائها مع عملاء من الإخوان ومتطرفين آخرين".
بينما استغرب الكاتب والناشط السياسي المعارض نجيب بلحيمر في منشور له عبر "فايسبوك" من "حديث وزارة الداخلية عن القانون" وتابع قائلا: "أي قانون يُجيز لعناصر الشرطة اعتقال مواطنين من أبواب المساجد واحتجازهم طيلة ساعات النهار ليُخلى سبيلهم من مراكز للشرطة تبعد عشرات الكيلومترات عن مكان اعتقالهم وإقامتهم؟" واعتبر بأن "التجاوزات الوحيدة التي تعرفها المسيرات هي صور القمع الموثقة التي ترسم صورة بشعة للدولة، وتسقط أهلية الداخلية للحديث باسم القانون" على حد تعبيره.
فيما رأى مراقبون بأن قرار "الداخلية" الجزائرية كان متوقعاً بالنظر إلى ما أسموه "حالة العدمية التي وصل إليها الحراك الشعبي الجديد"، وكذا "تصاعد المواقف المتطرفة داخل الحراك الذي ذهب إلى حد التعامل مع المؤسسات الأمنية على أنها إرهابية وقوات قمع واستعمار" وهي المصطلحات الدخيلة على مظاهرات الجزائر من قبل عناصر حركة "رشاد" الإخوانية الإرهابية و"الماك" الانفصالية المتطرفة.
وتواجه السلطات الجزائرية منذ أكثر من عامين موجة احتجاجات شعبية في الشارع تمثل امتدادا لمظاهرات الحراك الشعبي الذي خرج في 22 فبراير/شباط 2019 مطالباً برحيل نظام عبد العزيز بوتفليقة ومحاسبة رموز نظامه ولازال آلاف المتظاهرين يخرجون كل جمعة وثلاثاء بعدد من محافظات البلاد خاصة العاصمة، مصرين على مطالب التغيير الشامل ورافضين للأجندة السياسية لرئيس البلاد عبد المجيد تبون بينها الانتخابات التشريعية المسبقة التي قرر تنظيمها في 12 يونيو/حزيران المقبل.
اختراق إخواني
ومطلع أبريل/نيسان الماضي، وجه الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون تعليمات صارمة لـ"التعامل بحزم" مع "أوساط انفصالية" و"حركات غير شرعية" ذات مرجعية قريبة من الإرهاب واتهمت الرئاسة الجزائرية "حركات انفصالية" في إشارة إلى حركة "الماك" التي تطالب باستقلال منطقة القبائل، وكذلك "حركات غير شرعية ذات مرجعية قريبة من الإرهاب" بـ"استغلال المسيرات الشعبية وعرقلة المسار الديمقراطي"، في إشارة ضمنية لحركة "رشاد" الإخوانية الإرهابية المنبثقة عن "الجبهة الإرهابية للإنقاذ" المحظورة التي تسببت في مقتل ربع مليون جزائري سنوات التسعينيات.
وأكد المجلس الأعلى للأمن الجزائري على أن سلطات البلاد "لن تتسامح مع هذه الانحرافات التي لا تمت بصلة للديمقراطية وحقوق الإنسان" ووجه الرئيس الجزائري أوامره للأجهزة الأمنية والقضائية لـ"التطبيق الفوري والصارم للقانون، ووضع حد لهذه النشاطات غير البريئة والتجاوزات غير المسبوقة لاسيما تجاه مؤسسات الدولة ورموزها، والتي تحاول عرقلة المسار الديمقراطي والتنموي في الجزائر" .
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
الجزائر تعلن تسليم عدد كبير من الوحدات السكنية خلال العام الماضي والحالي
وزير الخارجية الجزائري الأسبق أحمد طالب الإبراهيمي يطرح مبادرة تشمل تأجيل الانتخابات البرلمانية
أرسل تعليقك