الرياض ـ سعيد الغامدي
بعثت المذبحة المتطرفة في سيناء المصرية رسالة قاسية إلى وزراء دفاع «التحالف الإسلامي العسكري»، الذين يجتمعون الأحد، في الرياض، وهي رسالة «صرخة»، لكل دور العبادة، التي تُجمع الديانات كافة على قدسيتها، وخصوصًا المسلمين منهم، الذين كان منهم القاتل والمقتول في مسجد الروضة.
وإذا كان العرب في أدبياتهم الحربية، في قرون خلت، يبعثون لطلب النجدة «النذير العريان»، فإن مذبحة مسجد سيناء أرسلت إلى المجتمعين «النذير الميت»، في ترميز أبلغ من العري بآلاف المراحل، جنازة غارقة في دمائها، تتوسد المصاحف، وتلتحف زرابي المصلى، وتستظل بالمحراب، وتتلو شهادة الحق، وتتمتم بأم الكتاب، لكن تكرار المشهد في بلدان عدة، أكثرها إسلامية، لا يبدو أنه سيعطي هذه المرة عذرًا للتبلد لنحو ألف هتك لصورة الإسلام، وحرمات الإنسانية أجمع، إذ إن «التحالف» غدا واحدًا من عناوين «الحزم والعزم»، التي اتخذتها السعودية شعارًا لمرحلتها الجديدة في خطواتها المحلية والإقليمية والدولية.
ومع أن تزامن العملية الإجرامية مع الاجتماع، الذي يعقد في الرياض لوزراء دفاع 41 دولة، جاء مصادفة، إلا أنه يتوقع أن يبعث الحماسة أكثر في نفوس المجتمعين، ومن ورائهم دولهم، لتقريب حجم المعضلة، فما عاد هناك استثناء عند التطرف، فمن قتل أميركيًا وفرنسيًا يمكن أن يسفك دم متوضئ متوجه إلى المسجد النبوي الشريف، ومن قتل أبرياء لأنهم غربيو السحنة، أو كتاب، أو رسامون صحافيون، لن يتورع غدًا عن اقتحام أسوار المساجد، وإرسال مصليها شهداء إلى ربهم بغتة، شيعة كانوا أم صوفية، أو سنة. وكل ذلك حدث في مصر والسعودية ونيجيريا والعراق وأميركا وفرنسا، وأينما استطاعت قوى الشر أن تفعل.
وكان التحالف نبه في تقرير استبق به اجتماع وزرائه إلى توثيق إحصاءات، كشفت أن سبع دول في التحالف كانت بين الدول الـ10 الأكثر تعرضًا للهجمات المتطرفة 2016، كما أن مؤشر الهجمات وضحاياها أبرز أن مناطق «الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وجنوب آسيا، وجنوب الصحراء الكبرى»، ضمت الأغلبية العظمى للضحايا والهجمات، في مقابل عدد أقل في أوروبا، والأميركيتين، وبقية أرجاء آسيا، فمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مثلًا، حيث أكثرية العرب، سجلت 20 ألف هجمة، ونحو 83 ألف ضحية، بينما كل أوروبا وأميركا لم تصل ضحاياها إلى 4 آلاف، في الفترة ما بين 2002 و2016، ما يعني أن دول التحالف الإسلامي العسكري أشد تضررًا من الإرهاب بآلاف النسب من غيرها، فكانت أجدر بمحاربته.
ويستهدف «التحالف» بقيادة ولي العهد السعودي وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان توفير منصة شرعية ومتكاملة للدول الأعضاء؛ لعرض المقترحات في تنفيذ آليات محاربة الإرهاب ومناقشتها، والتعاون في المجالات الرئيسة الأربعة: الفكرية، والإعلامية، ومكافحة تمويل التطرف، والعسكرية.
ويسعى إلى تجهيز منصة لتبادل المعلومات والاستخبارات؛ لجمع مجموعة واسعة من المعلومات عن برامج محاربة التطرف ونشرها، فضلًا عن ترويج أفضل الممارسات المطبقة في هذا المجال من الدول الأعضاء، والدول الداعمة، والمنظمات الدولية، لضمان تحقيق نتائج مستدامة، تؤدي إلى الحد من ظاهرة الإرهاب وصولًا إلى القضاء عليها.
وكان مركز «اعتدال» التابع لـ«التحالف»، أكد في حسابه بـ«تويتر»، تعليقًا على المذبحة في مصر، أن «استهداف مسجد سيناء، وقتل مئات المصلين، دليل جديد على أن العالم كله يجب أن يقف موحدًا ضد هذا الإجرام، الذي تخطى كل حدود العقل والإنسانية».
أرسل تعليقك