رجحت مصادر غربية، أن يتجّه المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، مارتن غريفيث، صوب صنعاء الأحد المقبل، للقاء قيادات الميليشيات الحوثية، بعد إجرائه زيارة إلى مسقط اليومين الماضيين. وذكرت مصادر مطلعة في صنعاء، أن الميليشيات الحوثية ستحرص على مطالبة غريفيث، بضمانات أممية قبل أي استئناف للمشاورات مع وفد الحكومة الشرعية، تتضمن التزام الأمم المتحدة بعدم انشقاق ممثلي وفد "المؤتمر الشعبي" عن وفدها، وعدم إدراج ملف الرئيس الراحل علي عبد الله صالح ضمن أجندة المشاورات.
جماعة الحوثيين تنفي رغبتها في طرح ملف جثمان صالح وأقاربه
وقالت المصادر في تصريحات لـ"الشرق الأوسط"، إن رئيس وفد الجماعة الحوثية، والمتحدث باسمها محمد عبد السلام، أبلغ المبعوث الأممي بأن جماعته تخشى من تأثير ملف "جثمان صالح وأقاربه" على تماسك وفدها أثناء المشاورات، وأن الجماعة ترغب في عدم طرح هذا الملف أثناء جولة المشاورات التي يتم التحضير لها. وكان المبعوث الأممي التقى، في مسقط، القياديين في الجماعة محمد عبد السلام وعبد الملك العجري، وكلاهما من جناح الجماعة المتشدد والمرتبط مباشرة بغرفة العمليات الخاصة التي يشرف عليها في بيروت "حزب الله" اللبناني وعدد من قادة "الحرس الثوري الإيراني".
وأفادت المصادر بأن الجماعة الحوثية أبلغت المبعوث الأممي أنها تريد ضمانات أممية تكفل نقل وفدها المفاوض في أي مشاورات عبر الطيران العماني، مع تمسكها بنقل جرحاها وقياداتها الراغبين في مغادرة البلاد جواً مع الوفد، دون أن تخضع الطائرة للتفتيش، أو يتم طلب أسماء الشخصيات التي تستقلها.
وبشأن الأفكار التي عرضها غريفيث على القياديين الحوثيين، بخصوص ملفات بناء الثقة مع جانب الحكومة الشرعية، التي تشمل جوانب الأسرى والمختطفين، والوصول الإنساني للمساعدات، ومطار صنعاء، ورواتب الموظفين، قالت المصادر إن القياديين أبلغا غريفيث أن عليه أن يخوض في التفاصيل مع قادة الجماعة في صنعاء، لجهة أنهما غير مخولين بالبت في الأفكار التي اقترحها.
ملف "جثمان صالح وأقاربه" أربك حسابات الجماعة الحوثيية
وذكرت المصادر أن تصريح الحكومة الشرعية بأن ملف "جثمان صالح وأقاربه" سيكون على رأس أولويات الملفات المطروحة ضمن مشاورات بناء الثقة، أربك حسابات الجماعة الحوثية، ما جعلها تفضل عدم المغامرة في الذهاب إلى جنيف، تحسبًا لعملية خلط الأوراق التي كان سيتسبب فيها طرح ملف صالح وأقاربه على طاولة النقاش.
وزعمت المصادر الرسمية للجماعة أن عبد السلام والعجري التقيا غريفيث ونائبه معين شريم ومساعديه في العاصمة العمانية مسقط، وناقشا معه "الوضع السياسي وإطار الحل الشامل والأزمة الإنسانية والاقتصادية، والأسباب التي حالت دون مشاركة وفد الجماعة في مشاورات جنيف، ومنها عدم منح الطائرة العمانية ترخيصًا لنقل الوفد مع عدد من قادتها وجرحاها، كما جرت العادة، قبل جولات التفاوض السابقة".
وزعمت النسخة الحوثية من وكالة "سبأ" أن لقاء القياديين في الجماعة مع غريفيث تطرق إلى فتح مطار صنعاء، وكذا الأسرى، والقضايا الاقتصادية، والترتيبات اللازمة لعقد لقاء في أقرب وقت لاستئناف الحوار، وبحث الإطار العام للتسوية. وذكرت الوكالة أنه تم خلال اللقاء الاتفاق على قيام الأمم المتحدة بتقديم مقترحات في القضايا المذكورة لمناقشتها مع قادة الجماعة في صنعاء.
المراقبون للتطورات اليمنية يشككون في جدية الحوثيين
ويبدو أن المزاعم الحوثية دفعت مكتب غريفيث إلى التغريد بأنه اجتمع مع "كبار المسؤولين في الحكومة العمانية، بمن فيهم وزير الخارجية، في 12 و13 سبتمبر/أيلول في مسقط. كما اجتمع مع ممثلين عن "أنصار الله"، "الميليشيات الحوثية"، وناقشوا السبل لمشاركتهم في المشاورات المقبلة والتحضيرات لزيارته إلى صنعاء".
ويشكك المراقبون للتطورات اليمنية في جدية الجماعة الموالية لإيران في البحث عن مخرج سياسي ينهي انقلابها على الشرعية، وأن تعنتها المستمر أثناء وقبل أي جولة من المشاورات دليل على عدم جنوحها للسلام وسعيها إلى إطالة أمد الحرب خدمة لأجندة طهران في المنطقة. وفي حين شكل عدم حضور وفد الميليشيات إلى جنيف خيبة أمل كبيرة للمبعوث الأممي غريفيث، كان الأخير أبلغ مجلس الأمن الدولي خلال إحاطته قبل يومين أنه سيواصل مساعيه لاستئناف المشاورات، وأنه سيزور مسقط وصنعاء للقاء قيادات الجماعة.
وتخشى الجماعة، بحسب مصادر حزبية في صنعاء، أن يؤدي طرح "تسليمها جثمان صالح وإطلاق أقاربه المعتقلين" ضمن المشاورات إلى قلب الطاولة عليها، من خلال التأييد المتوقع لقيادات "المؤتمر" المنضوية تحت جناحها خلال المشاورات لهذا المطلب، باستثناء القيادي في حكومتها الانقلابية جلال الرويشان الذي ذكرت المصادر أن علاقة المصاهرة بينه وبين عائلة آل العماد، وهي من أكثر الأسر الحوثية المتشددة، جعلت منه في نظر الجماعة شخصًا مأمون الجانب.
أرسل تعليقك