الجزائر - ربيعة خريس
كشفت تصريحات الرجل الأول في حزب "التجمع الوطني الديمقراطي"، ثاني قوة سياسية في الجزائر, ومدير ديوان الرئاسة الجزائرية، أحمد أويحي, السبت, والتي أعلن فيها عن تحفظاته بشأن التسهيلات المنتظر إدراجها في القانون الجديد المتعلق بظاهرة الهجرة غير الشرعية, عن وجود تضارب كبير في تصريحات كبار المسؤولين في الدولة الجزائرية بشأن ملف اللاجئين الأفارقة. وأرجع الأمين العام لـ"التجمع الوطني الديمقراطي" التحفظ بشأن هذا الملف إلى الدخول غير الشرعي للأفارقة, وطبيعة قانون العمل الجزائري, فضلاً عن أن النازحين الأفارقة هم مصدر للعديد من الظواهر السلبية، كالجريمة والمخدرات.
وتعد تصريحات مدير ديوان الرئاسة، أحمد أويحي, مخالفة لتصريحات رئيس الوزراء الجزائري، عبد المجيد تبون, الذي أعرب، خلال وجوده في البرلمان لمناقشة مخطط عمل الحكومة، عن ترحيب بلاده بالمهاجرين الأفارقة, وقال إن وجودهم في الجزائر سيقنن, مشددًا على أن الجزائر لن تسمح لأي أحد بأن يلطخ سمعتها. وانتهز رئيس الوزراء الجزائري فرصة رده على تساؤلات النوا, للكشف عن منح بطاقة لكل نازح يكون وجوده في الجزائر مقبولاً، حيث تتيح له فرص العمل، أما الآخرين فسيتم التفاهم مع دولهم لإعادتهم إلى مواطنهم بنفس الطريقة التي تم التعامل بها مع دولتي النيجر ومالي، "بالتي هي أحسن". وأكد تبون أنه لا ينبغي تسويد الصورة، فهناك أيادٍ تريد تشويه صورة الجزائر وإظهارها على أنها عنصرية، مضيفًا: "نحن لسنا عنصريين، بل أفارقة ومغاربة ومتوسطيين".
وأوضح أن القارة الأفريقية والوطن العربي يشكلان الامتداد الطبيعي للجزائر، وحيز نموها وتطورها، كما أن الواجبات الأخلاقية والإنسانية تفرض عليها مد يد العون والمساعدة إلى هؤلاء الأشقاء، الذين هجَّرتهم ويلات الفقر والحروب، مبينًا أن هذا الوضع ولد صعوبات موضوعية، خاصة على مستوى بعض الولايات الحدودية، لكن يتم التعامل معها بحرص من أجهزة الأمن المختلفة، وبعمل الهيئات الوطنية للإغاثة والإسعاف والتنسيق الدبلوماسي مع دول المنبع، لتنظيم عملية إرجاع رعاياها على أساس اتفاقيات ثنائية، معتبرًا أن الحل الجذري لهذه المشكلة يكمن في تحقيق الاستقرار وحل النزاعات في المنطقة، عبر مسارات سياسية سلمية تضمن وحدة الأوطان وسيادة الشعوب، وذلك ما تسعى إليه الدبلوماسية الجزائرية في عدد من الملفات عربيًا وأفريقيًا.
ورد وزير داخلية الجزائر، نور الدين بدوي, منذ يومين, على المطالبين بترحيل الأفارقة إلى بلدانهم, بأن المهاجرين مرحب بهم في الجزائر، لأن بلدانهم تعاني من أزمات, مشيرًا إلى أن الدولة الجزائرية ستوفر لهم الرعاية الصحية، وبإمكانهم العمل في مهن يحتاجها الاقتصاد الجزائري لنقص اليد العاملة فيها، مثل ورش البناء، وقطاع الزراعة والصيد البحري. وقالت رئيسة الهلال الأحمر الجزائري, سعيدة بن حبيلس, خلال زيارة لتجمع خاص بمهاجرين أفارقة في منطقة وادي الكرمة، في ضواحي العاصمة الجزائرية, إنه يتعين على الدول الكبرى دعم الجزائر من خلال المفوضية السامية للاجئين، مشيرة إلى وصول وتدفق المهاجرين الأفارقة إلى الجزائر لرغبتهم في العيش، والهروب من أوضاعهم المأساوية في بلدانهم.
ولاقت تصريحات مدير ديوان الرئاسة انتقادات لاذعة من قبل منظمة العفو الدولية, التي قالت، في بيان نشرته على موقعها، إن هذه التصريحات ضد المهاجرين تغذي العنصرية والتمييز. وأضاف البيان: "نذكر أويحي أن هؤلاء الأشخاص فروا من الحرب والعنف والفقر، وجاءوا إلى الجزائر بحثًا عن السلام والأمن، ومن مسؤولياتنا الترحيب بهم وفقًا للمواثيق الدولية التي صادقت الجزائر عليها".
أرسل تعليقك