الخرطوم- محمد ابراهيم
فاجأ زعيم المعارضة الجنوبية د. رياك مشار الساحة السياسية الجنوبية والسودانية خصوصا، بعد أن أعلن (الحرب) لإسقاط حكومة سيلفا كير ميارديت رئيس الدولة الوليدة، في خطوة ظن المتشككون أنها تمت بمباركة الحكومة السودانية، من أجل الضغط على حكومة الجنوب لتنفيذ تعهداتها بخاصة المتعلقة بطرد الحركات المسلحة المناوئة للخرطوم التي تقيم في جنوب البلاد، إلا أن موقف الخرطوم الذي سارع بنفي أية علاقة بخطوة مشار الأخيرة، دفع بعض المحللين إلى اعتبار الخرطوم في موقف مربك وأنها بين خيارين أما تحمل الضغوط التي ستجرها اعلان مشار الحرب على غريمه سيلفاكير، أو استعجال رحيله بعد أن برر السودان استضافته لزعيم المعارضة الجنوبية بأنها لأسباب انسانية ولا علاقة لها بانحياز السودان لأي طرف من أطراف الصراع في دولة الجنوب، في حين قال محللون سياسيون إن الخرطوم في مأمن وأن استخدام مشار أسلوب التصريحات الصحافية لوسائط الاتصال الحديثة وبثه لاعلانه المثير للجدل يُجنب الحكومة السودانية الدخول في أي حرج.
ويذكر في الخصوص أن مسؤول في حزب المؤتمر الوطني الحاكم، نفى في اتصال هاتفي أن تكون لتصريحات مشار صلة بمواقف الحكومة السودانية مما يجري في جنوب السودان، داعيا مشار إلى احترام وتقدير الأسباب الانسانية التي دعت الخرطوم إلى استضافته، وقال إن بقاء مشار في الخرطوم أو مغادرتها أو تصحيح وضعه شأن خاضع لتقييم الجهات المختصة، وأن السودان لن يسمح بأن تكون أراضيه منصه لأي عمل عسكرية ضد الجنوب.
مهلة الـ 21 يوم
و فاجأ مشار المراقبين الدوليين والمحليين بتهديد شديد اللهجة إلى غريمه سيلفاكير رئيس حكومة الجنوب، معلنا الحرب، ودعا في تصريحات لم يتم الترتيب لها عبر أي وسيلة إعلام رسمية، المجتمع الدولي إلى تصنيف حكومة سلفا في قائمة ( الأنظمة المارقة) متهما سلفا كير وحكومته بتدمير الدولة بقيادتها على اطر ومفاهيم قبلية.
اعلان مشار الذي يستشفي في الخرطوم منذ فترة، عدّه مراقبون رسالة من الحكومة السودانية إلى حكومة الجنوب للتذكير بانتهاء مهلة الـ 21 يوما التي تعهد بها نائب رئيس حكومة الجنوب تعبان دينق ابان زيارته للخرطوم، لطرد معارضة دولة السودان من دولة الجنوب وفتح صفحة علاقات تعاون جديدة بين جوبا والخرطوم، غير أن حكومة الجنوب لم تف بهذا الالتزام حتى الآن بل عقدت لقاءات مباشرة مع قادة قطاع الشمال داخل القصر الرئاسي بجوبا جمعتهم مع الرئيس سلفا كير وقيادات عسكرية رفعية في الدولة.
وبسؤال لنائب رئيس القطاع السياسي بالمؤتمر الوطني د. عبدالملك البرير عما إن كانت خطوة زعيم المعارضة د.مشار بإعلانه العودة للعمل العسكري لاسقاط حكومة جوبا موقف خاص به أم هو موقف حكومة الخرطوم كرسالة؟ نفي د. البرير أن تكون هذه الخطوة تمثل موقف الحكومة السودانية على الاطلاق، وقال إن السودان ظل ومستمر في موقفه المساند لاستقرار الجنوب بأعتباره عامل اساسي لاستقرار الشمال.
واضاف البرير ان اعلان مشار لا يعني الحكومة السودانية بأي شيء، وان على (مشار) الالتزام بعدم اطلاق أي انذارات للسلطة القائمة في الجنوب تنطلق من الشمال وعليه احترام الوضع الانساني الذي قدرته السلطة وعليه استضافته في البلاد.
وأكد البرير أن موقف الحكومة واضح للغاية ويتمثل في أنه ليس من حق مشار نصب أي منبر سياسي أو اعلامي يهدف لتحريك اجندة عسكرية أو سياسية معادية للجنوب.
وعن رد الفعل الذي ستقابل به الحكومة هذا التصريح لتصحيح موقفها قال هذا متروك لتقدير الجهات المختصة.
وفي جانب تعهدات نائب الرئيس الجنوبي تعبان وحكومته باجلاء اي قوات وانها اي تحركات عدائية تستهدف السودان خلال (21) يوما من زيارته للخرطوم قال البرير إن الحكومة شهدت استدعاء جهات الاختصاص في الجنوب لقادة التمرد وتسليمهم رسالة مفادها بأن حكومة الجنوب تسعى لاستقرار والمساعدة في حل الاشكالات القائمة.
الوسائط الحديثة
يقول المحلل السياسي البروفيسير الطيب زين العابدين لـ"العرب اليوم" إن منع الحكومة السودانية لزعيم المعارضة الجنوبية مرتبط بعدم التحدث في المؤتمرات الصحافية، أما حديثه عن اعلان الحرب على حكومة بلاده، فقد جاء في سياق تصريح صحافي وهذا لا يحتاج لتصريح من الحكومة، وهذا لايعكس موقفها ولا يوجد أي مؤشر بأن (مشار) قد استأذن الحكومة السودانية للادلاء بهذا التصريح، واسترجع زين العابدين قائلا رغم ذلك لايستطيع أحد أن يجزم بأن الحكومة على علم مسبق باقدام مشار على اعلان هذا الموقف، لكن من الممكن لمشار أن يتصل يرسل تصريحاته لوسائل الاعلام عبر الهاتف أو أحد وسائل التواصل الاجتماعي دون علم الحكومة، وعما إن كان العرف الدبلوماسي الخاص باستضافة المعارضين يسمح بذلك اجاب زين العابدين بالايجاب مستدلا بالمعارض الذين يصرحون بمواقفهم محل اقامتهم في الدول التي تستضيفهم دون أن يتسبب ذلك في حرج للدولة المستضيفة وذلك نتيجة تطور وسائل الاتصال التي لا تحتاج إلى إذن أحد من أجل استخدامها.
رسالة للخرطوم
يرى استاذ العلوم السياسية والمحلل بروفيسير حسن الساعوري في حديثه إلى "العرب اليوم" ان مشار بحديثه هذا يعمل على اقناع حكومة السودان بالوقوف إلى جانبه وليس مع سلفا، وبالاشارة إلى ان الحكومة السودانية سبق ان منعت مشار من عقد مؤتمر صحافي في الخرطوم، قال الساعوري إن المنع كان من الحديث للاعلام عبر المؤتمرات الصحافية وليس من التصريح لوسائل الإعلام فمن أجل إعلان مواقفه، مبينا أن السماح بعقد مؤتمر صحافي يُظهر الدولة المستضيفة بانها قد انحازت إلى طرف دون لأن المؤتمر الصحافي يتم فيه إعلان الموقف وتوضيح الحجج والمبررات واعطاء الفرصة للآخرين للمناقشة حولها، وهذا يختلف عن اعلان الموقف عبر تصريح صحافي والذي يمكن نشره عبر الأسافير العديدة، مشيرا إلى نقطة اعتبرها غاية في الاهمية وهي أن الحكومة لم تفتح اجهزتها الاعلامية الرسمية لمشار وبالتالي فإن موقفه لايمثل الحكومة وليست هي طرف فيه ولا أحد يستطيع اثبات أنها طرف فيه، في حين ان الحكومة لا تستطيع منعه من التصريحات عبر الوسائط الحديثة.
أرسل تعليقك