أفادت رئاسة إقليم كردستان، بأن رئيس الإقليم مسعود بارزاني ورئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي قد شدّدا على ضرورة مواجهة مختلف أشكال الإرهاب بعد القضاء على "داعش" بشكل نهائي في العراق، وبدأ الحديث فعليًا عمّا بعد معركة الموصل، في وقت استنكر وزراء خارجية الدول العربية، اختطاف مواطنين قطريين أبرياء دخلوا الأراضي العراقية بصورة مشروعة وقانونية، مؤكدين أن هذا العمل المتطرف المُشين يُخالف أحكام الدين الإسلامي الحنيف ويمثل خرقًا صارخًا للقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بالإضافة إلى أن يُسيء لأواصر العلاقات بين الأشقاء العرب.
وكان العبادي قد وصل إلى أربيل عاصمة إقليم كردستان، مساء الثلاثاء، واجتمع مع بارزاني قبل أن يغادر الأول إلى السليمانية ويجتمع مع الأمين العام للاتحاد الوطني الكردستاني والرئيس السابق لجمهورية العراق جلال طالباني، وقيادات حزبه، وكذلك اجتمع مع حركة التغيير.
وذكرت رئاسة إقليم كردستان، في بيان نُشر على موقعها الرسمي، أن بارزاني والعبادي "أبديا التقدير والاحترام للتعاون والتنسيق بين قوات البيشمركة وقوات الجيش العراقي، وشدَّدا على تقوية هذا التنسيق والتعاون من أجل ضمان استقرار أكبر ولتحقيق انتصارات أكثر، بالإضافة إلى مواجهة مختلف أشكال الإرهاب بعد القضاء على داعش".
وأضاف البيان أن "الجانبين ناقشا أيضًا مرحلة ما بعد دحر داعش ومواجهة جميع أشكال الفكر الإرهابي المتطرف، وسلطا الضوء على الوضع السياسي العام في المنطقة".. وفي محور آخر من اللقاء تطرّق الجانبان إلى العلاقات بين أربيل وبغداد ومجريات العملية السياسية في العراق، حسب البيان.
وزار رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، الموصل في هذه الأجواء، ظهر الإثنين، قادمًا من بغداد، حيث عقد اجتماعًا موسعًا مع قيادات الجيش العراقي وضباط في وزارة الداخلية بحضور مسؤولين أميركيين بصفتهم ممثلين عن التحالف الدولي.
وتناول الاجتماع، مجريات المعارك وطريقة إمساك الأرض من قبل القوات الموجودة وتوزيع الصلاحيات. وتزامنت زيارة العبادي، مع وصول ضباط أميركيين إلى المدينة، وسط اشتداد المعارك في جانبها الغربي ضد "داعش"، والتي أدت بحسب مصادر محلية إلى نزوح آلاف العائلات من مساكنها.
وأشار مصدر في قيادة العمليات المشتركة، إلى أن القوات العراقية تمكنت من دخول حي الدواسة وباب الطوب ورفعت العلم العراقي على المجمّع الحكومي في قلب الجانب الأيمن (الغربي) بعد اشتباكات عنيفة مع عناصر تنظيم "داعش" تسبّبت بسقوط قتلى وجرحى من الطرفين، موضحًا أنّ حي الدواسة حيث يقع المجمع الحكومي تعرض لقصف عنيف من الطيران العراقي والأميركي. وأضاف "شمل القصف الجوي والمدفعي الأحياء المجاورة أيضاً تمهيداً لدخولها خلال الساعات المقبلة"، لافتاً إلى أن القصف العراقي المتواصل على أحياء الجانب الأيمن للموصل نشر الرعب في صفوف المدنيين.
ولفتت قيادات عسكرية عراقية إلى أن "القوات الأمنية العراقية تمكنت من السيطرة على المجمّع الحكومي الذي يضم مبنى محافظة نينوى والمحكمة المركزية ومقر قيادة شرطة نينوى، بالإضافة إلى سيطرة القوات الأمنية على الطرف الغربي لجسر الحرية ثاني جسور مدينة الموصل التي تربط قسمها الشرقي بالغربي"
.
وبيّنت أنّ استعادة القوات العراقية للمجمّع الحكومي ستحسم معركة استعادة الجانب الغربي من الموصل بنسبة ثمانين في المائة، وفق ما أعلن قائد الشرطة الاتحادية اللواء شاكر جودت. وبسيطرة القوات العراقية على حي الدواسة سيجعلها على مشارف منطقة الموصل القديمة التي تمثّل قلب مدينة الموصل وتضم أكبر نسبة من السكان الذين ما زالوا محاصرين داخل الأحياء السكنية، وهو ما سيجعل القوات العراقية أمام تحدٍ جديد.
وتمكنت قطعات الشرطة الاتحادية وقوات مكافحة الإرهاب من التقدّم في مناطق أخرى تقع غرب الموصل بمساندة طيران التحالف الدولي وقوات أميركية خاصة، وفرضت سيطرتها على أحياء الدندان والصمود وتل الرمان والشهداء.
وقال الرائد عمار الشمري من قوات التدخّل السريع إن قوات التدخل السريع والشرطة الاتحادية خاضت معارك صعبة خلال اليومين الماضيين، وتمكنت من حسم المعركة والسيطرة على المجمّع الحكومي.
وأضاف الشمري أن "القوات العراقية خاضت حرب شوارع معقدة مع مفارز إعاقة تابعة لتنظيم داعش تضم ما نسبته عشرة إلى خمسة عشر عنصراً من تنظيم داعش يرافقهم انتحاريون يرتدون أحزمة ناسفة، بعد أن فشل التنظيم بإرسال المركبات المفخخة بسبب رصدها المستمر وتدميرها من قبل طيران التحالف الدولي، الذي أدى دوراً مهماً في تحقيق النصر في المعركة".
وذكر العميد محمد جواد من قوات الشرطة الاتحادية، أن "القوات الأمنية العراقية رفعت العلم العراقي فوق مبنى محافظة نينوى وباشرت بعملية تطهير المبنى والمناطق المجاورة له من العبوات الناسفة، وكذلك تفتيش المباني القريبة منه بحثًا عن عناصر التنظيم". وأوضح جواد أن "القوات الأمنية العراقية استغلت حالة انهيار عناصر داعش وتراجعهم في منطقة الدواسة وتمكنت من القضاء على العشرات من عناصر التنظيم والاستيلاء على مركباتهم المفخخة وأسلحتهم". وعلى الرغم من إعلان القوات العراقية سيطرتها على حي الدواسة، إلا أن أصوات اشتباكات عنيفة كانت لا تزال تُسمع عصر أمس في أجزاء من الحي بالإضافة إلى حي النبي شيت المجاور. وأفاد الرائد محمد رياض من قوات الرد السريع، بأن "القوات الأمنية العراقية ما زالت تلاحق عناصر داعش في أجزاء من حيي النبي شيت والدندان"، مرجحاً "إعلان السيطرة على وسط مدينة الموصل بالكامل خلال الساعات المقبلة".
وقالت مصادر عسكرية إن "المعارك التي خاضتها القوات العراقية خلال اليومين الماضيين شهدت تزايد دور القوات الأميركية"، مشيرين إلى أن "طائرات أباتشي أميركية أدت دوراً كبيراً في تمكين القوات العراقية من استعادة مبنى محافظة نينوى غربي الموصل بعد أن نفذت غارات جوية طوال ليلة الإثنين-الثلاثاء، وتمكنت خلالها من توجيه ضربات جوية ومباشرة باستخدام صواريخ شديدة الانفجار كانت كفيلة بالقضاء على كل مصادر النيران التابعة لعناصر داعش الذين كانوا داخل مبنى محافظة نينوى، لتمهد الطريق بشكل كبير لقوات الرد السريع العراقية بالتقدم واستعادة المبنى فجر الثلاثاء" .
وأحدثت المعارك التي شهدتها منطقة الدواسة ضررًا كبيرًا في المباني الكبيرة ومنازل المواطنين والمحلات التجارية، بينما لم يُعرف حجم الخسائر البشرية التي تعرض لها سكان الحي المذكور بسبب تكتم القوات العراقية ومنعها الكوادر الصحافية من الاطلاع عن كثب على مجريات المعارك التي تشهدها مدينة الموصل.
وأكدت مصادر محلية وشهود عيان من مدينة الموصل أن "مدفعية القوات العراقية وطيران التحالف الدولي استخدمتا القوة المفرطة في العديد من الأحياء التي تقع غربي الموصل خلال المواجهات المسلحة في الأسبوعين الماضيين، وهو ما أثار الرعب لدى الأهالي واضطرهم إلى النزوح، ما أحدث أزمة كبيرة. ومع استمرار المعارك وتقدم القوات العراقية لاستعادة الجانب الغربي في الموصل، نزح أكثر من خمسين ألف شخص، فيما أظهر مؤشر المنظمة الدولية للهجرة أن عدد المشردين في مدينة الموصل تجاوز المئتين وستة آلاف نازح.
واستنكر وزراء خارجية الدول العربية اختطاف مواطنين قطريين أبرياء دخلوا الأراضي العراقية بصورة مشروعة وقانونية، مؤكدين أن هذا العمل المتطرف المشين يخالف أحكام الدين الإسلامي الحنيف ويمثل خرقا صارخا للقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بالإضافة إلى أن يسيء لأواصر العلاقات بين الأشقاء العرب.
جاء ذلك في القرارات التي أصدرها في ختام أعمال دورته الـ (147) على مستوى وزراء الخارجية العرب برئاسة الجزائر، الثلاثاء. وطالب الوزراء الحكومة العراقية بتحمّل مسؤولياتها القانونية الدولية، واتخاذ كافة الإجراءات الحاسمة والفورية الكفيلة بضمان سلامة المختطفين وإطلاق سراحهم، معربين عن تضامنهم التام مع حكومة دولة قطر في جميع الإجراءات التي تتخذها بهذا الشأن، وآملين أن تتمخض الاتصالات التي تجريها مع حكومة العراق عن إطلاق سراح المخطوفين وعودتهم سالمين إلى بلدهم.
أرسل تعليقك